أطلق عدد من النواب المستقلين في البرلمان العراقي، اليوم الأحد، مبادرة جديدة هي الأولى من نوعها التي تُطرح من خارج طرفي الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد منذ أكثر من 6 أشهر، عقب إجراء الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي مؤتمر صحافي عقده في بغداد نحو 20 نائباً مستقلاً، عصر اليوم الأحد، أعلنوا فيه عن تقديم "خريطة طريق لحل الانسداد السياسي"، متضمنة سبع نقاط رئيسة، قالوا إنها تهدف إلى إنهاء أزمة تشكيل الحكومة.
وبحسب المؤتمر الذي عقد في مبنى البرلمان وسط المنطقة الخضراء، فإنه "انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والتاريخية نتقدم بخريطة طريق لتشكيل حكومة نواتها المستقلون ومن يؤمن بهذه الخريطة".
وتضمنت المبادرة سبع نقاط، فحواها التأكيد على ضرورة "تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، ومنها موضوع تشكيل الحكومة الذي هو شأن وطني داخلي لا يحق لأي طرف خارجي التدخل فيه بأي شكل من الأشكال"، وكذلك تشكيل النواب المستقلين والكتل الناشئة تحالفاً داخل البرلمان، إلى جانب كتل أخرى لتكوين (الكتلة الأكبر عدداً) من دون اشتراطات مسبقة، لتتولى هي تسمية رئيس الحكومة، من خلال تقديم شخصيات مستقلة للمنصب دون شروط مسبقة من قبل الكتل السياسية الرئيسة.
وتنصّ المبادرة على حق رئيس الحكومة في أن يكون مستقلاً بقراراته مع برنامج كامل لمحاربة الفساد وإصلاح الخدمات، فضلاً عن برنامج حكومي يتضمن إنهاء المظاهر المسلحة كافة وتطبيق القانون على الجميع.
ولم يشارك جميع النواب في المؤتمر الصحافي، إذ لوحظ غياب النواب عن القوى المدنية، وآخرين من مستقلي محافظة النجف وبغداد، كما ظهر عدد من النواب المصنفين على أنهم أقرب لمواقف "الإطار التنسيقي"، الأخيرة من التيار الصدري.
وبحسب عضو في تحالف "إنقاذ وطن"، المؤلف من التيار الصدري، وتحالف "السيادة"، والحزب الديموقراطي الكردستاني، فإن بنود المبادرة "لا تحمل حلاً واقعياً للأزمة".
وأضاف في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن أي مبادرة أو مشروع حل لا يتضمن حق الفائز الأول في الانتخابات بتشكيل الحكومة (التيار الصدري) لا تمثل حلاً، بل اعتداء على الاستحقاقات الدستورية والديموقراطية"، متحدثاً عن "إدراك الشارع أهمية تشكيل حكومة جديدة ومختلفة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية التي أنهكت البلاد".
ومنذ نحو أسبوعين، عرض تحالف "الإطار التنسيقي" مبادرة تضمنت عدة نقاط، من بينها طرح النواب المستقلين والمدنيين مرشحهم لرئاسة الحكومة، لكن بشرط موافقة "كتلة المكون الأكبر" عليه، وردّ الصدر بعد ساعات، بأن دعا النواب المستقلين الى تسمية مرشحهم للحكومة عبر تحالفه (إنقاذ وطن)، في خطوات اعتبرت أنها سباق بين طرفي الأزمة يهدف إلى كسب أصوات النواب المستقلين لتغليب كفتهم في البرلمان.
إلا أن القوى المدنية والنواب المستقلين البالغ عددهم 48 نائباً أخفقوا في التوصل إلى اتفاق لتشكيل جبهة موحدة بينهم وتبني أي من المبادرين المطروحتين.
وفي وقت سابق اعتبر الناشط السياسي وعضو حركة "نازل آخذ حقي" المدنية، علي محمود، الحديث عن أن النواب المستقلين يمثلون جسداً واحداً، "أمراً غير حقيقي ولا يمت للواقع السياسي بصلة"، مبيناَ لـ"العربي الجديد" أن المشهد الحالي يؤكد الانقسام في مواقفهم، منهم من يرغب في أخذ الحياد، وآخرين يميلون لتأييد موقف الإطار التنسيقي، وهذا القسم يمكن اعتبارهم غير مستقلين بالمعنى الحقيقي، كون التحالف (الإطار التنسيقي) قائماً على فكرة التخندق الطائفي من الأساس، وآخرين يميلون نحو التيار الصدري"، معتبراً أن "النواب المدنيين الأفضل من ناحية شفافية موقفهم حتى الآن".
وتتواصل الأزمة السياسية غير المسبوقة في العراق منذ نحو ستة أشهر، عقب إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفرزت فوز التيار الصدري بفارق كبير عن أقرب منافسيه من قوى "الإطار التنسيقي"، الحليف لإيران.
ويُصر الصدر الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنية وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية في تشكيل تحالف أطلق عليه "إنقاذ وطن" على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في الوقت الذي ترفض فيه القوى المدعومة من طهران ضمن "الإطار التنسيقي"، الذي يتكون من كتل عدة أبرزها "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، و"الفتح"، بزعامة هادي العامري، تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة وفقاً للأوزان الطائفية لا الانتخابية.