جدد مجلس الأمن الدولي عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) لسنة إضافية (حتى 14 يوليو/ تموز 2024). وتبنّى المجلس القرار رقم 2691 (2023) بالإجماع، الذي جدّد تقنياً عمل البعثة ومهامها، وقرار المجلس رقم 2643 الذي تبناه العالم الماضي.
ومن جهته، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إنه على الرغم من انتهاء الهدنة، إلا أن هذه أطول فترة هدوء نسبي يشعر به اليمنيون منذ بداية الصراع. وجاءت تصريحات المسؤول الأممي أمام مجلس الأمن الدولي بعد التصويت على القرار، وضمن إحاطته الدورية حول اليمن.
وأكد غروندبرغ أن "الهدنة ساهمت في انخفاض الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بنسبة 40 في المائة، بما فيها القتل والتشويه والتجنيد".
ووصف ذلك بالإنجاز، مع تأكيده ضرورة إحراز تقدم إضافي، فلا يزال الأطفال ضحايا للاقتتال.
وأشار إلى استمرار الرحلات الجوية التجارية بين صنعاء وعمان، قائلاً: "لقد رحبت هذا الشهر بأول رحلة طيران تجارية منذ 7 سنوات بين صنعاء والمملكة العربية السعودية، تحمل حجاجاً يمنيين. كذلك يستمر الوقود في التدفق بشكل متزايد عبر موانئ الحديدة"، مبيناً أن "الهدوء النسبي فتح المجال لمناقشات جادة مع الأطراف اليمنية حول كيفية المضي قدماً لإنهاء الصراع".
وشدد على ضرورة أن تصل المحادثات إلى اختراق جدي إن كانت هناك إرادة بإنهاء الحرب بشكل دائم.
وأكد المسؤول الأممي أنه على الرغم من الهدوء النسبي الذي تحقق، إلا أن الوضع على الأرض يبقى هشاً وصعباً. وأكد أن القتال مستمر "على الرغم من الانخفاض الملموس في القتال منذ بداية الهدنة، لكن الجبهات لم تصمت... إذ وقعت اشتباكات مسلحة في كل من الضالع، وتعز، والحديدة، ومأرب، وشبوة"، معبّراً عن قلقه إزاء التقارير التي "تفيد بوجود تحركات للقوات... بالقرب من مأرب وإب".
وتوقف عند الصراع على الموارد الاقتصادية، موضحاً في هذا السياق: "أصبح الصراع للسيطرة على الموانئ المدرة للدخل وطرق التجارة والقطاع المصرفي والعملة وثروة الموارد الطبيعية جزءاً لا يتجزأ من الصراع السياسي والعسكري. انخفضت قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي في عدن بأكثر من 25 في المائة خلال الـ 12 شهراً الماضية... المواطن اليمني هو من يدفع الثمن".
وقال إن حرية التنقل "تواجه تحديات كبيرة، حيث تُجبر عمليات إغلاق الطرق المرتبطة بالنزاع آلاف اليمنيين على عبور طرق غير آمنة، ورفعت تكلفة نقل البضائع بنسبة تزيد على 100 في المائة"، ولفت الانتباه إلى أن هناك معوقات إضافية لتنقل اليمنيين، من ضمنها الألغام الأرضية، وذخائر الحرب غير المنفجرة، وهناك أيضاً، في مناطق سيطرة الحوثيين تضييق على النساء وحركتهن، فيمنعن من التنقل دون محرم.
وأشار إلى ثلاثة تحديات وعقبات من الضروري تذليها للمضي قدماً بما فيها "وقف الاستفزازات العسكرية على الفور وأن تستعد وتتوافق الأطراف على وقف لإطلاق نار مستدام على مستوى الدولة"، مشدداً على ضرورة "معالجة الأولويات الاقتصادية على المدى القريب والبعيد".
وأنهى غروندبرغ إحاطته بالتذكير بضرورة أن تحرز الأطراف تقدماً "بشأن الاتفاق على مسار واضح لاستئناف العملية السياسية اليمنية الداخلية تحت رعاية الأمم المتحدة. يجب أن تبدأ هذه العملية بشكل عاجل من أجل تعزيز المكاسب التي تحققت منذ الهدنة ومنع المزيد من التشرذم".
نائبة مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا، قالت إن الأوضاع الإنسانية في اليمن تبقى حرجة، وتشمل خطط المنظمات الإنسانية تقديم المساعدة إلى 17.3 مليون شخص من أصل 21.6 مليون شخص في حاجة ماسة إليها. وأضافت: "إن المهاجرين وطالبو اللجوء من بين الشرائح الأكثر ضعفاً من بين هؤلاء، وأعدادهم في تزايد".
وأشارت إلى أن المنظمة الدولية للهجرة أفادت بأنه في النصف الأول من عام 2023، زاد عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى اليمن، أكثر من 77 ألف شخص، ووصفت ذلك بـ"الزيادة الحادة واقترابها من مستويات ما قبل جائحة كورونا"، وتوقعت "تضاعف عدد الوافدين إلى اليمن مقارنة بالعام الماضي إن استمرت الوتيرة على مستواها منذ بداية العام".
وبينت أن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 بنسبة 29 في المائة فقط، حتى الآن، يجبر الأمم المتحدة على وقف بعض أنشطتها وخدماتها أو تقليص حجمها. ولفتت الانتباه إلى أن "أنشطة علاج سوء التغذية في برنامج الأغذية العالمي تقدم ما نسبته 40 في المائة فقط من الاحتياجات. وفي حالة عدم وجود مساهمات جديدة، قد يضطر البرنامج بحلول سبتمبر/ أيلول إلى قطع المساعدة الغذائية عما يصل إلى خمسة ملايين شخص".
واستمع مجلس الأمن كذلك إلى إحاطة منسق الشؤون الإنسانية المقيم في اليمن ديفيد غريسلي، حول ناقلة النفط صافر ونقل النفط (قرابة المليون برميل) إلى الناقلة البديلة نوتيكا. وقال إنها تستعد للإبحار من جيبوتي، متوقعاً أن ترسو بجانب صافر، لتبدأ عملية نقل النفط بحلول بداية الأسبوع المقبل.
وقدر غريسلي أن تستغرق عملية النقل مدة أسبوعين، مبيناً وجود مخاطر في عملية النقل.
وأكد في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة تقوم بكل الاحتياطات اللازمة والتنسيق مع فريق الإنقاذ المختص، مشيراً إلى ميزانية تقديرية حالية تبلغ 143 مليون دولار، "جمعت الأمم المتحدة منها 118 مليون دولار من الدول الأعضاء... والقطاع الخاص، وأفراد ساهموا بـ 300 ألف دولار من خلال حملة تمويل جماعي".