يجد مجلس الأمن الدولي نفسه مضطراً للاكتفاء بلعب دور المراقب النشط للحرب الروسية في أوكرانيا، وسيضاعف هذا الأسبوع الاجتماعات الطارئة بشأنها، في ظل عجزه عن ضمان السلام، سواء في هذا البلد أو في العالم عموما.
وبعد عقد خمسة اجتماعات منذ بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا، يلتقي أعضاء مجلس الأمن الـ15 الإثنين لعقد اجتماعين حول المساعدة الإنسانية لأوكرانيا، الأول عام والثاني مغلق، في مؤشر إلى مدى التعبئة التي يتوقع أن تتواصل من أجل أوكرانيا.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة السويدي أولاف سكوغ: "من المجدي على الدوام عرض الوضع في مجلس الأمن، حتى لو كنا على يقين بأن النتيجة ستصطدم بـ(فيتو)".
ويشدد العديد من أعضاء المجلس، وبعضهم خصوم، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، على ضرورة "الضغط والضغط"، وفي طليعتهم الأميركيون والألبان الذين بادروا إلى تحريك المجلس، ثم الفرنسيون والمكسيكيون الذين طرحوا مسودة قرار مشتركة يبقى مصيرها غامضا.
وفي مقدور روسيا وقف أي قرار أو إعلان بشأن أوكرانيا باستخدامها حق "الفيتو" الذي تملكه بصفتها أحد الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن الذي يضم أيضا عشرة أعضاء غير دائمين.
ولا يخول ميثاق الأمم المتحدة، النص الذي تأسست عليه المنظمة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، إقصاء عضو مؤسس ينتهك مبدأها الأساسي القاضي بعدم استخدام القوة لتسوية أزمة، وهو ما تتهم به موسكو حاليا.
غير أن الميثاق ينص على حالتين يطلق فيهما يد مجلس الأمن.
تنص المادة 27 على إمكان امتناع أحد أعضاء المجلس عن التصويت على نص يتعلق بنزاع هو طرف فيه، غير أن هذا الاحتمال مستبعد عمليا.
فروسيا لم تمتنع في الماضي عن المشاركة في أي تصويت بشأن سورية، واستخدمت حق النقض حوالي 15 مرة خلال عشر سنوات، كما لم تمتنع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن التصويت حول العراق، ولا فرنسا حول مالي، أو الإمارات العربية المتحدة حول اليمن.
"امتياز"
وأقر سفير غربي، طلب عدم كشف هويته، أنه "ليس هناك استعداد فعليا" لتطبيق المادة 27.
وأكد متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مؤخرا أن إقصاء روسيا من مجلس الأمن الدولي هو أحد "الخيارات" المطروحة، لكن دبلوماسيا طلب عدم ذكر اسمه أجاب أن "هذا غير صحيح في الواقع".
وتنص المادة السادسة على أنه "إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق، جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءً على توصية مجلس الأمن".
لكن المشكلة أن روسيا لن توصي الجمعية العامة بإقصائها هي نفسها، بل ستستخدم حق النقض ضد نصّ مماثل.
وشهدت الأمم المتحدة في تاريخها محاولة واحدة لإقصاء عضو، حين سعت عدة بلدان عام 1974 لاستبعاد جنوب أفريقيا، وفق ما أوردت مجموعة SCP المتخصصة، غير أن القرار حصل على تأييد عشرة أصوات، فيما عرقلته فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة باستخدام "الفيتو" ضده.
وقال السفير الغربي إن "الأعضاء الدائمين (وبينهم الصين أيضا) لا يتفقون دائما على الجوهر، لكنهم يحمون بعضهم بعضا مستخدمين امتيازا يضعهم فوق الجميع".
وبدفع من الاتحاد الأوروبي، عوضت الجمعية العامة التي لا يملك أي من أعضائها الـ193 حق النقض، عن تقاعس مجلس الأمن بتصويتها في الثاني من آذار/مارس على قرار يدين روسيا، حصل على تأييد تاريخي شمل 141 بلدا من القارات الخمس، مقابل خمسة أعضاء عارضوه، هم روسيا وبيلاروسيا وإريتريا وسورية وكوريا الشمالية.
وبمعزل عن مجلس الأمن والجمعية العامة، تملك الأمم المتحدة إمكانات أخرى للحد من عواقب الحروب.
ويقوم الأمين العام أنطونيو غوتيريس، الذي يندد منذ فترة من الوقت بـ"نقاط الخلل" في نظام الحوكمة العالمية، بتكثيف المساعي في الكواليس عارضا وساطته، غير أن روسيا ترفض حتى الآن أن يزور موسكو، حسبما أفاد مسؤول طلب عدم كشف هويته.
كما دعيت هيئات، مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي، للتحرك، فيما أيد مجلس حقوق الإنسان مؤخرا تشكيل لجنة تحقيق دولية حول التجاوزات في أوكرانيا.
(فرانس برس)