من المفترض أن يصوت مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء الاثنين (ليل الاثنين/ الثلاثاء بتوقيت فلسطين) على مشروعي قرار، واحد روسي وآخر برازيلي، حول التطورات في غزة.
وأكد نائب السفير الروسي، ديمتري بوليانسكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مجلس الأمن سيصوت أولاً على المسودة الروسية.
وجاءت تصريحات الدبلوماسي الروسي قبل دخوله إلى قاعة مجلس الأمن لحضور اجتماع حول موضوع آخر. وستعقد الجلسة حول فلسطين الساعة السادسة مساءً بتوقيت نيويورك، بعد منتصف الليل بتوقيت فلسطين.
وقدمت روسيا تعديلات على مشروع القرار. ومن المتوقع، بحسب ما ذكرته مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد" في نيويورك، أن تطلب روسيا إدخال التعديلات على المسودة البرازيلية بعد التصويت على المشروع الروسي.
ومن غير الواضح ما إذا كان لدى الجانب الروسي ما يكفي من الأصوات لاعتماد تلك التعديلات. وستحتاج روسيا تسعة أصوات لتبني تلك التعديلات، ولا يمكن استخدام الفيتو على التصويت على هذا الإجراء.
وستكون هذه أول جلسة مفتوحة يعقدها المجلس منذ بدء الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، حيث عُقدت الأسبوع الماضي جلسات مشاورات مغلقة (الأحد والجمعة) من دون أن يصدر عنها أي مواقف موحدة.
المشروع الروسي
وقدّمت روسيا، الجمعة الماضي، مشروع قرار خاص بها في مسعى لوقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. ووفقًا لمسودة مسربة من النص الروسي، أعربت روسيا عن قلقها العميق إزاء التصاعد العنيف وتدهور الأوضاع. وأبرزت أهمية "حماية المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وشددت على تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
كما أشارت إلى أن "الحل الدائم للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يتطلب وسائل سلمية"، ودعت إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. كما دعت إلى "إطلاق سراح جميع الرهائن بشكل آمن"، وأدانت بشدة "أعمال العنف والإرهاب ضد المدنيين".
ونصت المسودة كذلك على أن مجلس الأمن "يدعو إلى توفير المساعدة الإنسانية وتوزيعها من دون عوائق، بما في ذلك الغذاء والوقود والعلاج الطبي، فضلاً عن تهيئة الظروف اللازمة للإجلاء الآمن للمدنيين المحتاجين".
من المتوقع أن يكون لدى الولايات المتحدة وبريطانيا اعتراض على هذه المبادرة، خاصةً مع عدم إشارتها بالاسم إلى حركة "حماس"، على الرغم من إدانتها جميع أعمال العنف والأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين. على الجانب الآخر، طلبت روسيا تعديلات على النص البرازيلي، وهو ما قد يؤجل التصويت على المشروع البرازيلي.
تجدر الإشارة إلى أن البرازيل ترأس مجلس الأمن خلال هذا الشهر، وقد قدمت مشروع قرار خاص بها يشمل نقاطا مختلفة عن مشروع روسي، وأهمها إدانة حماس. بعد جولة من المفاوضات مع الأعضاء الآخرين في المجلس، جرى تقديم المشروع البرازيلي للتصويت في الليلة.
إلى جانب ذلك، تظهر التعديلات الروسية على النص البرازيلي بعد إعداد النص النهائي باللون الأزرق، وهذه المرحلة هي الأخيرة قبل تقديم القرار للتصويت الرسمي، ما يعني أن روسيا قد تطلب التصويت على هذه التعديلات قبل التصويت على المشروع بشكل عام.
مشروع القانون البرازيلي
تسود حالياً مجلس الأمن الدولي مناقشات حاسمة، حيث جرى تسريب مشروع قرار برازيلي والتعديلات الروسية المطروحة عليه، واطلعت مراسلة "العربي الجديد" للأمم المتحدة في نيويورك على نسخة مسربة من المشروع والتعديلات. ومن أبرز ما جاء في مشروع القرار البرازيلي إعراب مجلس الأمن "عن بالغ القلق إزاء تصاعد العنف وتدهور الوضع في المنطقة، ولا سيما ما ينجم عن ذلك من خسائر فادحة في صفوف المدنيين"، ويشدد على "وجوب حماية المدنيين في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفقاً للمعايير الدولية والقانون الإنساني الدولي".
كما يسلط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة ويشدد على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن، مع إدانة شديدة لجميع أعمال العنف والإرهاب.
مشروع القرار البرازيلي يرفض ويدين "بشكل لا لبس فيه الهجمات الإرهابية الشنيعة التي نفذتها حماس في إسرائيل اعتباراً من 7 أكتوبر 2023 واحتجاز رهائن مدنيين". ويدعو إلى الإفراج الفوري عن الرهائن المدنيين. ويحث على الامتثال الكامل للالتزامات بموجب القانون الدولي، ويدعو إلى توفير السلع والخدمات الأساسية بشكل مستمر.
مشروع القرار يركز أيضاً على ضرورة توفير الخدمات الأساسية بشكل مستمر، بما في ذلك الكهرباء والماء والوقود والغذاء والإمدادات الطبية. ويُحث في هذا السياق على الإلغاء الفوري للأوامر التي أصدرتها إسرائيل بشأن إخلاء مناطق في غزة، وتحديداً مناطق شمال وادي غزة، مع التحول إلى جنوب غزة. ويلاحظ أن مشروع القرار لا يشير مباشرة إلى إسرائيل بالاسم، ولكنه يستند إلى الأوامر التي أصدرتها.
كما يدعو إلى "هدنة إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق إلى الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها (...) ويشجع إنشاء ممرات إنسانية (...) لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين".
كما يؤكد أهمية إنشاء "آلية للإخطار الإنساني لحماية مرافق الأمم المتحدة وكافة المواقع الإنسانية، وضمان حركة قوافل المساعدات".
ويدعو كذلك إلى احترام جميع العاملين في المجال الإنساني والطبي. كما يدعو في هذا الصدد جميع الأطراف "إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس" ويدعو مشروع القرار كل من لهم "تأثير على الأطراف إلى العمل على تحقيق هذا الهدف".
روسيا تقترح تعديلين على مشروع قرار برازيلي
يمتلئ مجلس الأمن الدولي بالتوترات بسبب التعديلات الروسية على مشروع القرار البرازيلي المثير للجدل. تشمل هذه التعديلات دعوة إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية يحترم بشكل كامل".
التعديل الثاني الذي تريد روسيا إضافته يدين بشدة "الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأهداف المدنية في قطاع غزة"، ويندد بالإجراءات التي تهدف إلى فرض الحصار على القطاع. وبالرغم من أن هذا التعديل لا يسمي إسرائيل بالاسم، إلا أنه يظهر واضحاً أنه يستهدفها.
ومن غير الواضح ما إذا كانت الدول الأعضاء في مجلس الأمن ستقبل بالتعديلات الروسية، وفي حال لم تقبل بها فسيبقى النص البرازيلي كما هو، إذ أكد الدبلوماسي الروسي أنه من المتوقع أن يتم التصويت أولاً على المسودة الروسية، وفي حال لم يتم تبنيها، ستطلب روسيا التصويت على المشروع البرازيلي.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد المشروع البرازيلي، إذا لم يجر تبني التعديلات التي اقترحتها.