تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 2599 (2021) والذي يمدد لعمل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لأربعة أشهر، أي حتى نهاية يناير/ كانون الثاني. وهذا تمديد "تقني" لعمل البعثة دون أي تغييرات رئيسية على مهامها أو إعادة هيكلتها، وهو على عكس توصيات تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، التي قدمها في شهر آب/ أغسطس لمجلس الأمن بطلب من الأخير بموجب القرار 2542 (2020). وجاء القرار بعد مفاوضات مضنية بين روسيا والدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا، وعدم التوصل لاتفاق حول حيثيات التغييرات على مهام البعثة.
وأكدت السفيرة البريطانية للأمم المتحدة في نيويورك، باربارا وودوارد، بعد التصويت على ضرورة أن يتم عقد الانتخابات في موعدها في شهر ديسمبر القادم. كما شددت على ضرورة التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار والذي يشمل كذلك سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة دون تأخير.
ثم عبّرت عن خيبة أملها من أن التمديد كان تقنيا وقالت "عملنا بجهد كي نتوصل إلى نص يمكن لجميع أعضاء المجلس الموافقة عليه للتجديد لعمل الولاية. وخلال الأسبوعين المنصرمين انخرطنا بشكل فعال للتوصل لهذا التوافق... ولكن يؤسفني أننا لم نتمكن من الحصول على دعم جميع أعضاء المجلس بشأن نص متوافق عليه. سوف نواصل الانخراط مع الجميع حول التجديد للولاية قبل نهاية يناير/ تشرين الثاني".
إلى ذلك، قال ممثل الولايات المتحدة للأمم المتحدة ونائب السفيرة الأميركية، جيفري ديلارنتيس، إن "نتائج تصويت اليوم مؤسفة للشعب الليبي ولمجلس الأمن. لقد فشلنا بتنفيذ توصيات الأمين العام للأمم المتحدة في الوقت المناسب. وكان واضحاً أنه يجب نقل رئيس البعثة إلى طرابلس (من جنيف)، بحسب تلك التوصيات"، قبل الانتخابات.
ومن جهته أشار السفير الروسي، فاسيلي نبنزيا، إلى أن التغييرات على مهام البعثة والأخذ بتوصيات تقرير الأمين العام من الأفضل أن تحدث بعد الانتخابات المفترض عقدها في الـ 24 من ديسمبر/ كانون الأول القادم.
وكان مجلس الأمن قد أرجأ ثلاث مرات التصويت على مشروع قرار آخر، صاغته بريطانيا باعتبارها الدولة الحاملة لقلم الملف الليبي في مجلس الأمن، يجدّد لعمل بعثة الأمم المتحدة لمدة سنة ويأخذ عدداً من توصيات غوتيريس ذات الصلة بعين الاعتبار.
ويبدو أن الجانب الروسي أراد التأكد، خلال نقاشاته على المسودة التي لم يتم تبنيها، بأن الإشارة لأي انسحاب للقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة يجب أن تشمل الحديث عن "انسحاب متزامن ومتواز ومتزن ومرحلي لجميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب"، وهو ما نصت عليه المسودة الروسية، بعدما فشلت المباحثات على المسودة البريطانية. ويبدو أن الإصرار الروسي هذا نابع من مخاوف بأن أي انسحاب غير منسق سيؤدي إلى خلل في التوازن بين القوى المتواجدة حالياً في البلاد، بمن فيهم المرتزقة الروس.