مجلس الأمن يوافق على تجديد إرسال المساعدات لسورية عبر باب الهوى

12 يوليو 2022
ملايين السوريين يعتمدون على المساعدات الأممية (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

تبنى مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، القرار 2642 (2022) الذي يجدد آلية تقديم المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى لسورية لستة أشهر قابلة للتجديد لفترة مماثلة شرط تبني قرار خاص جديد.

وحصل القرار على تأييد 12 دولة فيما امتنعت فرنسا وبريطانيا وأميركا عن التصويت بعدما استخدمت روسيا حليفة النظام السوري الجمعة الماضي حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لتعطيل مشروع قرار غربي لاستخدام المعبر الحدودي لعام إضافي. ويتطلب إقرار أي قرار موافقة تسعة أعضاء على الأقل من أصل 15 عضواً بدون تصويت سلبي من أيّ من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين).

وينص مشروع القرار على التمديد للآلية العابرة للحدود لمدة ستة أشهر، أي حتى 10 يناير/ كانون الثاني 2023 لمعبر باب الهوى، مع تمديد لستة أشهر إضافية، أي حتى 10 يوليو/ تموز 2023، عن طريق قرار منفصل يؤكد هذا التمديد.

ويقع معبر باب الهوى على الحدود بين سورية وتركيا، وهو الممر الوحيد الذي يمكن أن تنقل من خلاله مساعدات الأمم المتحدة إلى المدنيين بدون المرور في المناطق التي تسيطر عليها قوات نظام بشار الأسد.

وطلب القرار تقديم تقرير خاص إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بشأن الاحتياجات الإنسانية بحلول 10 ديسمبر/ كانون الأول كحدّ أقصى. كما رحب القرار "بالجهود الجارية ويحث على تكثيف المزيد من المبادرات لتوسيع الأنشطة الإنسانية في سورية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء حيث تكون ضرورية لاستعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية ومشاريع الإنعاش المبكر للمأوى التي تنفذها المنظمات الإنسانية، ويدعو الوكالات الإنسانية الدولية الأخرى والأطراف ذات الصلة لدعمها".

وطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة "إحاطة المجلس شهريًا وتقديم تقرير على أساس منتظم، على الأقل كل 60 يومًا، بشأن امتثال جميع الأطراف المعنية في سورية... وعمليات الأمم المتحدة الآمنة عبر الخطوط (التماس)، ولا سيما في ما يتعلق بالتقدم المحرز في جميع أنحاء سورية، بشأن مشاريع الإنعاش المبكر، ومعلومات مفصلة عن المساعدة الإنسانية المقدمة من خلال عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود، بما في ذلك شفافيتها وآلية التوزيع، وعدد المستفيدين وشركاء التشغيل، ومواقع تسليم المساعدات على مستوى المقاطعات وحجم وطبيعة المواد التي يتم تسليمها".

ونص القرار كذلك على أن مجلس الأمن "يشجع على عقد حوار تفاعلي غير رسمي لمجلس الأمن كل شهرين بمشاركة الجهات المانحة والأطراف الإقليمية المهتمة وممثلي الوكالات الإنسانية الدولية العاملة في سورية من أجل مراجعة ومتابعة تنفيذ هذا القرار بانتظام، بما في ذلك التقدم المحرز في مشاريع الإنعاش المبكر".

وحول امتناع فرنسا عن التصويت قال مندوبها نيكولاس دو ريفيير، أمام مجلس الأمن "فرنسا ليست راضية عن هذا التجديد الهش الذي لا يتجاوز ستة أشهر والذي ستنتهي صلاحيته وسط الشتاء عندما تكون المساعدات الإنسانية في غاية الأهميّة. وكل ذلك تحت غياب أي ضمان للتجديد (لستة أشهر إضافية)".

ثم أضاف حول دعم مشاريع إعادة الإعمار، والتي تطالب روسيا بأن تدعمها الدول الغربية "موقف فرنسا على غرار نظرائنا الأوروبيين لن يتغير، لن نمول إعادة الإعمار ولن نرفع العقوبات ما لم تبدأ بجدية وبحسم عملية سياسية عملاً بأحكام قرار مجلس الأمن 2254".

ويطالب القرار 2254 الصادر في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2015 جميع الأطراف بالتوقف عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، كما يطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف إجراء تحول سياسي.

أما نائب السفيرة الأميركية ريتشارد مايلز فقال "تصويتنا اليوم يعكس قرار عضو واحد (روسيا) في مجلس الأمن أخذ المجلس رهينة لديه... هذا في وقت تشهد فيه سورية نسبة احتياجات إنسانية أكبر من أي وقت مضى".

وأضاف "كان الأمين العام للأمم المتحدة كما الوكالات الإنسانية قد طالب أن نمدد للآلية لسنة وهذا الحد الأدنى. ولكن دولة واحدة قررت ألا تضع تلك الاحتياجات الإنسانية أولاً، وهذا سيؤذي الشعب السوري".

وحول امتناع بلاده عن التصويت قال "هذه الولاية ستجعل عمل المنظمات الإنسانية أكثر كلفة وأكثر صعوبة في مجال التخطيط. لنتذكر أن هذه الولاية موجودة لأن لنظام (بشار) الأسد تاريخاً موثقاً من الفساد، وسرقة المساعدات وحرمان المجتمعات التي هي بأشد الحاجة إليها". وأضاف "تحدثنا إلى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي قالت لنا إن التجديد المؤقت هو أفضل من لا شيء ونحن أصغينا لتلك الأصوات ولهذا السبب لم نعارض هذا القرار".

وجاء تصويت اليوم بعد مفاوضات مضنية وطويلة بين روسيا والدول الغربية، وبعد فشل مجلس الأمن الجمعة الماضي بتبني أي من مشروعي القرار اللذين طرحا للتصويت، مشروع نرويجي – أيرلندي وآخر روسي، حول نفس الموضوع. وكان مشروع القرار النرويجي – الأيرلندي قد حصل على تأييد 13 دولة، لكن روسيا أفشلته باستخدام الفيتو. ولم يحصل مشروع القرار الروسي على الأصوات التسعة اللازمة لتبنيه وحصل على تأييد بلدين فقط، روسيا والصين، في حين امتنعت عشر دول عن التصويت وعارضته ثلاث.

وواحدة من نقاط الخلاف الرئيسية بين الطرفين كانت قضية مدة التمديد، إذ ارتأت الدول الغربية أن يكون التمديد لسنة واحدة، لكن روسيا أصرت على أن يكون لستة أشهر يمكن تمديدها لفترة مماثلة إضافية تحت نفس الشروط عن طريق مشروع قرار خاص بالتمديد وليس بشكل آلي كما اقترحت الدول الغربية. وتترك الصياغة الحالية للقرار الكرة في ملعب روسيا لاستخدام الفيتو بعد ستة أشهر إن لم يرق لها أمر ما.

كما تطالب روسيا أن تزيد الدول الغربية من دعمها مشاريع الإنعاش المبكر بشكل أكبر، إضافة إلى رفع العقوبات ودعم مشاريع إعادة الأعمار. كما تريد روسيا أن تزيد الأمم المتحدة من المساعدات التي تقدم للشمال الغربي عبر خطوط التماس ولا يمكن تقديمها إلا بموافقة النظام، في حين أن المساعدات العابرة للحدود تدخل عن طريق تركيا مباشرة.

"منسقو الاستجابة" يطالب الجهات المسيطرة برفض دخول المساعدات عبر الخطوط شمالي سورية

عبر "فريق منسقو استجابة سورية" عن خيبة الأمل الكبيرة نتيجة "رضوخ" مجلس الأمن الدولي للمطالب الروسية، وقال في بيانٍ له اليوم الثلاثاء، إنه "كان بالإمكان الوصول إلى حلول إضافية، وهو ما يكشف زيف التصريحات الدولية عن وجود خطط بديلة"، مؤكداً أن "مضار القرار الحالي أكثر من نفعه كونه يشكل خدمات كبيرة للنظام السوري واعتراف ضمني جديد في شرعية النظام السوري".

وأشار إلى أن "مجلس الأمن الدولي أثبت عدم قدرته على اتخاذ أي قرار حاسم فيما يخص العمليات الإنسانية في سورية، ونقطة سوداء في سجل المجلس في اتخاذ أي قرار يخص الملف السوري بشكلٍ عام"، موضحاً أن "نتيجة التصويت التي خرج بها مجلس الأمن الدولي، يظهر الحاجة الملحة لإعادة النظر في فعالية المجلس وقدرته على اتخاذ القرار".

وشدد "منسقو الاستجابة" على أن "القرار الأخير هو الحلقة الأخيرة في بدء عمليات إغلاق معبر باب الهوى الحدودي أمام العمليات الإنسانية خلال الفترة القادمة، وتحويل مسار المساعدات الإنسانية إلى مناطق النظام السوري مع قبول دولي لهذا الأمر وقبول الأمم المتحدة وهو ما حذرنا منه سابقاً".

وحث "الجهات المسيطرة على المنطقة على رفض دخول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس وذلك لعدم استغلال القضية من الجانب الروسي خلال الفترة المقبلة".

وطالب الفريق "كافة المنظمات الإنسانية الاستعداد بشكلٍ كامل أمام الصعاب الجديدة التي ستفرض عليها خلال الفترة القادمة والعمل بشكل جدي على إيجاد بدائل حقيقية لضمان استمرار المساعدات للمدنيين، كون أن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة أثبتوا عدم الجدية والالتزام بالملف السوري".

وكان "فريق منسقو استجابة سورية" قد أشار اليوم الثلاثاء في بيانٍ آخر له، إلى أن تمديد دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود وفق المقترح الروسي سوف يتسبب بـ "انخفاض وتيرة العمليات الإنسانية إلى النصف بسبب ضيق المدة الزمنية وانخفاض المساعدات الإنسانية خلال مدة زمنية قصيرة، بالإضافة إلى زيادة عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية وذلك بسبب تركيز المنظمات الإنسانية على الفئات الأشد احتياجاً، والتغاضي عن الحالات الأخرى".

وأضاف أنه سيتسبب أيضاً في "موجات نزوح جديدة من السكان إلى المخيمات للتخلص من الأعباء المادية الجديدة المترتبة عليهم وعدم القدرة على التوفيق بين الاحتياجات الأساسية والدخل المتوفر، وارتفاع في أسعار المواد والسلع الغذائية بسبب لجوء المستفيدين من المساعدات على شراء المواد لتغطية النقص الحاصل من المساعدات الغذائية".

بدوره، قال رائد الصالح مدير منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، عبر حسابه الرسمي في "تويتر"، إن "ما حدث اليوم في مجلس الأمن، هو تكريس لعطالة المجلس وابتعاده كل البعد عن تحقيق الأمن والاستقرار للشعوب والحفاظ على الأرواح، وأصبح بدلاً من ذلك مصدر تهديد على حياة المدنيين في العالم بسبب الرضوخ للابتزاز الروسي، وتسييس المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة".

وأضاف الصالح أن "تبني مجلس الأمن القرار 2642 الذي مدد إدخال المساعدات عبر الحدود لـ 6 أشهر، هو في الحقيقة اعتماد للنسخة الروسية وربط استمرار المساعدات بتقديم تنازلات هدفها دعم نظام الأسد ومحاولة تعويمه سياسياً، وتوفير غطاء أممي لاستخدام أموال الدول المانحة لإعادة إعمار مؤسسات النظام وسجونه".

وأشار الصالح إلى أن "انتهاء التفويض سيكون في 10 كانون الثاني المقبل، أي في ذروة الاحتياجات الإنسانية في فصل الشتاء، وسيمنح مجلس الأمن روسيا مجدداً ورقة ضغط وابتزاز تتمكن من خلالها من تحصيل مكاسب لصالح تعويم نظام الأسد مقابل بقاء 4 ملايين مدني في شمال غربي سورية في الحياة".

وطالب مدير "الخوذ البيضاء"، بـ "إيجاد آلية مستقلة، تضمن استمرار وصول المساعدات المنقذة للحياة دون إتاحة الفرصة مجدداً لأي ابتزاز سياسي"، مؤكداً أن "الأزمة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في سورية، هي انعكاس لغياب الحل السياسي وتجاهل المجتمع الدولي لتطبيق قرار مجلس الأمن (2254)".

المساهمون