أكدت رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي، على قانونية الجلسة التي عقدها يوم الخميس في طرابلس، وانتهت بإقراره تعديل الإعلان الدستوري المحال من مجلس النواب، وهو تعديل يفترض أن يوفر أساساً لإجراء الانتخابات.
وجاء تأكيد رئاسة المجلس رداً على ما وصفته بـ"اللبس" الحاصل بشأن تعارض جلسة التصويت مع اللوائح الداخلية للمجلس، بعد تضارب في الآراء بين أعضاء المجلس حول اكتمال النصاب القانوني.
وعقب إعلان المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة عن إقرار لتعديل الإعلان الدستوري بـ"أغلبية الأعضاء"، أصدر مقرر المجلس بياناً شكّك فيه في مدى قانونية الجلسة، باعتبار "أنّ الجلسة لم يتحقق نصابها قبل انقضاء ساعتين من الموعد المحدد لانعقاد الجلسة".
وفيما أشار المقرر (لم يرد اسمه في البيان)، إلى أنّ النصاب القانوني لانعقاد الجلسة هو 68 عضواً، أوضح أنّ موعد جلسة المجلس "هو الساعة 11.00 صباحاً، وعند الساعة 13.00 ظهراً بلغ عدد الموقعين لحضور الجلسة 61 عضواً فقط ما يعني أنّ النصاب لم يتحقق في الوقت القانوني المحدد في النظام الداخلي للمجلس"، مستدركاً بالقول: "لكن رئيس المجلس (خالد المشري) مضى في الجلسة وقام بالتصويت في جلسة ينقصها النصاب القانوني، وبهذا فإنّ الجلسة والتصويت باطلان قانونياً".
وأوضح أنّ "الإجراء يُعد خرقاً للنظام الداخلي للمجلس، علاوة على الخروق الأخرى من حيث إنّ الموضوع المصوّت عليه قد انفرد مجلس النواب بنشره في الجريدة الرسمية، متجاوزاً المجلس الأعلى للدولة، ما يعني أنّ مناقشة هذا الموضوع قد بات لا معنى ولا جدوى منها".
إلا أن رئاسة المجلس أشارت، في بيان لها ليل الخميس، إلى أنّ الجلسات المستعجلة يدعو لها رئيس المجلس بشكل استثنائي، ويتم خلالها انتظار اكتمال النصاب أكثر من ساعتين، عكس الجلسات العادية التي يتم خلالها انتظار اكتمال النصاب ساعتين.
وأكدت الرئاسة أنّ نتيجة التصويت على تعديل الإعلان الدستوري، انتهت بموافقة أغلبية الأعضاء.
وأعقب إعلان المجلس إقرار التعديل الدستوري جدل بين أعضائه، سيما الرافضين للتعديل، حيث أكدت عضو المجلس نعيمة الحامي، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أنّ الجلسة لم تقرّ التعديل الدستوري على خلفية عدم اكتمال النصاب، مشيرة إلى تأجيل الجلسة إلى وقت لاحق.
في المقابل، أوضح عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة، أنّ التعديل على الإعلان الدستوري تم بالتشاور مع مجلس النواب، مبيّناً أنّ التصويت هو للتأكيد فقط. وقال في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إنّ "إقرار التعديل قد تم، والمجلس قرر أن يناقش في الجلسة المقبلة تشكيل لجنة مشتركة مع مجلس النواب لإعداد القوانين الانتخابية".
ويبدو أنّ التصويت جاء لقطع الطريق أمام المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الذي تحدث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، الإثنين الماضي، عن عدم موافقة مجلس الدولة على الإعلان الدستوري، واستناداً لتعثر مسار التوافق بين مجلسي النواب والدولة، أعلن عن مبادرة لتشكيل لجنة حوار سياسي جديدة لتجاوز تعثر المجلسين.
وفي 7 فبراير/ شباط الماضي، أقرّ مجلس النواب تعديلاً، هو الثالث عشر، للإعلان الدستوري، يخص نظام الحكم.
ويقضي التعديل بانتخاب مجلس أمة بجسمين تشريعيين: مجلس للنواب يكون مقره بنغازي، وآخر للشيوخ في طرابلس، هذا بالإضافة لانتخاب رئيس دولة بشكل مباشر. وترك التعديل المسائل الخلافية بين المجلسين، والخاصة بحقوق الترشح، للجنة سيتم تشكيلها لاحقاً من المجلسين (لجنة 6 + 6).
في الأثناء قالت السفارة الأميركية لدى ليبيا إنّ مقترح باتيلي لآلية تمكن الانتخابات "يحفز الجسم السياسي الليبي، وسوف يبني على التقدم الذي أحرزه كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل الى قاعدة قانونية للانتخابات".
وخلال مجموعة تغريدات على حسابها بموقع "تويتر"، مساء الخميس، حثت السفارة القادة الليبيين الرئيسيين على "التعاطي مع مخطط باتيلي بطريقة بناءة"، معتبرة هذه اللحظة "فرصة لهم لإظهار أنهم فعلاً متفانون في خدمة احتياجات الشعب الليبي".
1/3مقترح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة @Bathily_UNSMIL لآلية تمكن الانتخابات يحفز الجسم السياسي الليبي و سوف يبني على التقدم الذي أحرزه كل من مجلس النواب و المجلس الأعلى للدولة في التوصل الى قاعدة قانونية للانتخابات.
— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) March 2, 2023
وتتلخص مبادرة باتيلي في تشكيل لجنة حوار سياسي جديدة تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة، والنساء، والشباب، وتكون مهمتها الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من خلال تيسير اعتماد الإطار القانوني وخريطة الطريق المحددة، وفق جدول زمني لعقد الانتخابات في عام 2023، إلا أنّه لم يعلن عن تفاصيل أكثر من ذلك.
ولم تعلن حتى الآن أي معلومات عن تفاصيل تلك اللجنة، غير أنّ مصادر ليبية مقربة من مجلسي النواب والدولة، كشفت عن الشكل الأولي لها، وأوضحت لـ"العربي الجديد"، أنّها "ستتشكل من 40 عضواً، بواقع عشرة أعضاء عن كل من الأطراف السياسية الحاكمة في المشهد الحالي، وأطراف القوى المسلحة، والأطياف القبلية، والأحزاب والقوى المدنية".