أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح اعتماد مجلس النواب بـ"الأغلبية المطلقة" خريطة المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6، المشكّلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وتشكيل حكومة جديدة.
وجاء ذلك أثناء جلسة عقدها مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، في مقره في بنغازي، لاستئناف جلساته المعلّقة منذ أسبوعين، وللاستمرار في مناقشة ملف الانتخابات.
وأوضح صالح أن الخريطة تنص على إجراء الانتخابات في مدة 240 يوماً من تاريخ صدور القوانين الانتخابية عن لجنة (6+6)، عبر ثلاثة مسارات، تنفيذية ودستورية وأمنية.
ورغم قبول مجلس النواب بــ"الأغلبية المطلقة" لخريطة طريق لجنة 6+6، أشار صالح إلى أن هذا القبول تضمن عدداً من الملاحظات التي أحيلت إلى اللجنة لتضمينها في القوانين الانتخابية و"إعادتها إلى مجلس النواب حتى الاعتماد النهائي".
وعن مسارات الخريطة، أوضح أن المسار التنفيذي يتمثل في تشكيل لجنة مصغرة موحدة، وفق تمثيل الأقاليم الليبية الثلاثة، تكون مهامها تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات، وتمنح الثقة للحكومة الجديدة "على أساس برنامجها متضمنا طريقة عملها".
وفيما أكد صالح أن "مجلس النواب هو صاحب الاختصاص الأصيل في منح الثقة للحكومة دون غيره"، أوضح أن رئيس الحكومة يشترط في ترشحه حصوله على 15 تزكية من مجلس النواب، و10 تزكيات من المجلس الأعلى للدولة، وتنتهي ولاية الحدود في المدة المحددة لإجراء الانتخابات".
وعن المسار الدستوري، قال صالح إن الخريطة أحالت البتّ في المسار المذكور إلى الهيئة التشريعية القادمة للنظر في إقرار مشروع الدستور الصادر عن الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وطرحه للتصويت من قبل الشعب، فيما بين أن المسار الأمني تتولاه لجنة (5+5) العسكرية الليبية المشتركة، لتأمين إجراء الانتخابات والمراكز الانتخابية، وتأمين تنقل المترشحين بين المناطق كافة.
وفي ختام الجلسة، أعلن صالح عن بطلان جلسة مجلس النواب المنعقدة يوم 26 يونيو/حزيران، والقرارات الصادرة عنها بشأن تشكيل المحكمة الدستورية، مشدداً على أن رئيس مجلس النواب "هو من يضع جدول أعمال المجلس".
ودعا صالح النواب الى ضرورة مراجعة قانون تنظيم عمل مجلس النواب، ومنها المواد الخاصة بشروط انعقاد الجلسات، بناء على حضور الأغلبية المطلقة لمجلس النواب، وضرورة توقيع رئيس المجلس على القوانين، والقرارات الصادرة عن المجلس.
يأتي استئناف مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، عقد جلساته الرسمية بمقره في مدينة بنغازي، بعد تعليقها لمدة أسبوعين، في وقت عقد فيه المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي وعدد من السفراء الأجانب لقاءات مكثفة مع رئيس المجلس عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وكانت رئاسة المجلس قد علقت جلساتها في الأسبوع قبل الماضي على خلفية نشوب خلافات كبيرة بين صالح وعدد من أعضاء مجلس النواب حيال قانونية جلسة عقدت يوم 26 يونيو/ حزيران الماضي، وصدرت عنها قرارات تتعلق بتعيين شاغلي المحكمة الدستورية التي يدور حولها الجدل أيضا، لكن مصادر برلمانية كشفت النقاب عن تجاوز صالح وخصومه من النواب تلك الخلافات واتفاقهم على إلغاء القرارات الصادرة عن تلك الجلسة واستئناف انعقاد الجلسات وفقا للبنود السابقة.
وأوضح أحد المصادر، وهو من النواب الموالين لصالح، لـ"العربي الجديد"، أن اتصالات كثيفة جرت خلال الفترة الماضية انتهت إلى ضرورة إلغاء قرارات جلسة 26 يونيو/ حزيران الماضي وإعادة النظر فيها في جلسة مقبلة برئاسة صالح، مشيراً إلى أن الظروف الضاغطة والمحيطة بملف القوانين الانتخابية ساعدت على قبول مطالبة صالح بإلغاء القرارات المتعلقة بالمحكمة الدستورية والتوافق على الشكل الذي يجب أن تمرر به القوانين الانتخابية.
وأكد المصدر أن القوانين الانتخابية سيتم تمريرها وفقا لتعديلات أجريت عليها، ومنها إلغاء الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، والاكتفاء بشهادة تنازل من يحمل جنسية أجنبية من المترشحين للانتخابات معتمدة من سفارة الدولة التي يحمل جنسيتها، وضمان عودة العسكريين إلى مناصبهم في حال عدم فوزهم في الانتخابات.
وفي مؤشر إلى أهمية جلسة اليوم، شهدت مدينة بنغازي خلال الساعات التي سبقت الجلسة لقاءات كثيفة، أجراها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي مع صالح.
وبحسب الناطق الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، فإن صالح ناقش مع باتيلي "خريطة الطريق للمرحلة المُقبلة ومخرجات لجنة إعداد القوانين الانتخابية (6+6) وتشكيل حكومة مُوحدة في كافة أنحاء البلاد".
وقال باتيلي إنه اتفق مع صالح "على ضرورة معالجة القضايا العالقة في الإطار القانوني للانتخابات العامة لإجراء العملية الانتخابية بنجاح".
كما التقى صالح بسفيرة المملكة المتحدة لدى ليبيا كارولين هورندال، لبحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، وسبل الوصول إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من خلال خريطة طريق للمرحلة المقبلة، بحسب بليحق، الذي نقل عن صالح تأكيده على حرص مجلسه على إنجاز قوانين تحظى بقبول كل الأطراف السياسية، وتشكيل حكومة موحدة مهمتها الأساسية تنفيذ الاستحقاق الانتخابي.
وعقب لقاءات باتيلي مع صالح، أصدرت لجنة (6+6) بياناً أعلنت فيه عن رفضها ملاحظات البعثة الأممية حول القوانين الانتخابية، واتهمت باتيلي بدعم وتغليب طرف على الآخر.
وفيما أشار بيان اللجنة، ليل الاثنين، إلى أنه جاء رداً على كتاب للبعثة الأممية حول القوانين الانتخابية، أوضح أن كتاب البعثة تضمن "مطالبات حملت صيغة الواجب والمطلوب وحملت اشتراط الدعم مقابل الأخذ بما ورد".
وأعربت اللجنة عن عدم ارتياحها للمواقف السياسية لباتيلي إزاء أطراف الصراع السياسي القائم في البلاد، واتهمته بـ"محاولة دعم وتغليب طرف على آخر، وهو ما ساهم في تعميق حالة الانقسام السياسي وتدهور الوضع الأمني واستمرار حالة الفساد وعرقلة الوصول لدولة المؤسسات والقانون".
وعبر البيان عن قلق اللجنة "العميق" إزاء ما وصفها حالة التخبط السائدة بعمل البعثة الأممية في ليبيا، مضيفاً أن "باتيلي لم يُحاول التواصل مع اللجنة للاستماع للمبررات والتصورات والمقاربات التي اعتمدتها لحل مختلف النقاط الخلافية".
وتابع البيان: "يبدو واضحاً أيضاً عدم استماعه (باتيلي) لمستشاره لشؤون الانتخابات، والذي تابع عمل اللجنة التي اتفقت معه بعد عودتها حول بعض النقاط التي أبداها بشأن مشروعات القوانين"، معتبرا أن كتاب البعثة يعد "وثيقة أممية تضمنت تعليمات وإملاءات تصر البعثة على تضمينها في مشروعات القوانين الانتخابية وتعبر عن إرادة البعثة ومن خلفها ولا تعبر عن إرادة الليبيين".
وطالبت اللجنة البعثة الأممية "بالتوقف عن محاولة فرض الإملاءات في الشأن الليبي"، وضرورة "دعم خريطة الطريق المعروضة على المجلسين، ودعم المضي قدماً في خطوات توحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة، ودعم الإعداد للانتخابات".
وفي سياق منفصل، التقى باتيلي وعدد من سفراء الدول الأجنبية بحفتر في مكتبه بمدينة بنغازي، لبحث تحضيرات اجتماع مجموعة العمل الأمنية الدولية التي ستنعقد في المدينة، اليوم الثلاثاء، بحضور لجنة 5+5 العسكرية الليبية المشتركة.
وأوضح باتيلي في تغريدة على "تويتر"، اليوم الثلاثاء، أنه بحث بصحبة سفراء إيطاليا ومصر وفرنسا وألمانيا وتونس وتركيا والمملكة المتحدة مع حفتر "الاستعدادات لاجتماع مجموعة العمل الأمنية"، مشددا على أهمية الأمن للتمكّن من إجراء انتخابات شاملة "وإقامة مؤسسات شرعية، وتمهيد الطريق أمام استقرار مستدام في ليبيا".
وفيما يؤشر لقاء باتيلي بصحبة سفراء الدول الأجنبية مع حفتر لعلاقته بملف الانتخابات الذي يستعد مجلس النواب للبت فيه خلال جلسة اليوم، يعد لقاء باتيلي بحفتر الثاني خلال أسبوعين، حيث التقى به في مكتبه ببنغازي في 11 يوليو/تموز إثر إعلانه عن إطلاق مسار تفاوضي شامل، وعزمه على بدء اللقاء بـ"الفاعلين الليبيين الرئيسيين، للتوصل عبر المفاوضات الشاملة والحلول الوسط إلى تسوية نهائية بشأن أكثر القضايا إثارة للخلاف".