تنظر المحكمة البريطانية العليا، اليوم الثلاثاء، في الطلب المقدّم من محامي رئيس حزب "العمال" السابق جيريمي كوربن، بالتحقيق في سجلات محادثات الحزب للاجتماعات التي تمّت خلال أزمة مواجهة الأخير اتهامات بـ"معاداة السامية"، والتي انتهت بإزاحته عن منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
واتهم محامو كوربن زعيم حزب "العمال" الحالي كير ستارمر بشنّ هجمات "تحريضية ومخادعة" على سلفه خلال أزمة تعامل الحزب مع التحقيق في ملف ادعاءات معاداة السامية داخله.
وطالب محامي كوربن، كريستوفر جايكوبس، في طلب بيان الدفاع، بالإفصاح عن تفاصيل صفقة تولّي ستارمر قيادة الحزب. ودعا محامو كوربن المحكمة إلى الاطلاع على محضر اجتماع عقد بين ستارمر ورئيس موظفيه مورغان مكسويني، ونائبة زعيم حزب "العمال" أنجيلا راينر وممثلي كوربن في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وأكد المحامون للمحكمة أن محضر الاجتماع سيؤكد وجود اتفاق لعودة قيادة كوربن لقيادة الحزب، وهو ما سيمكّنه، بحسب دفاعهم، من الدفع بالأدلة على وجود عملية "ظلم إجرائي" شابت التحقيق بملف معاداة السامية وإزاحته من منصبه كرئيس للحزب، مشيرين إلى أن كوربن عومل بطريقة غير عادلة طوال التحقيق.
وطالب محامو كوربن المحكمة بالإفراج عن تسجيلات الاجتماعات السياسية ونسخ أي رسائل بريد إلكتروني من رئيس الكتلة اليهودية في حزب "العمال" مارغريت هودغ، إلى مكتب ستارمر، وهو ما رفضته محامية الحزب، راشيل كراسنو، قائلة إن الأمر يُعدّ "نزاعاً سياسياً مباشراً" لا يتطلب الإفراج المسبق عن أي مستندات.
وعارضت كراسنو أيضاً في دفاعها عن فريق ستارمر أي ذكر لاتفاق لإعادة إدخال كوربن إلى الحزب. وجادلت كراسنو في مذكرات مكتوبة بأن "الغرض من رغبة كوربن في الحصول على تسجيلات اجتماعات الحزب هو تعزيز موقفه السياسي وليس القانوني".
وتُعدّ مارغريت هودغ، الزعيمة البرلمانية لحركة "العمال اليهود"، أحد الفاعلين في تعليق رئاسة كوربن للحزب، بعدما نشرت وسائل الإعلام نقلاً عنها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنها ستستقيل من الحزب في حالة إعادة ضمّ كوربن إلى صفوفه مرة أخرى.
وخلال جلسة استماع أولية عقدتها المحكمة مساء أمس الاثنين، قبل جلسة النظر في الطلب اليوم، اتهم محامي كوربن ستارمر بالتراجع عن اتفاق تمت تسويته، يقضي برجوع كوربن إلى منصبه، والتخلف عن القرار النهائي للجنة الانتخابات الوطنية في ذلك الوقت. واستشهد المحامون بخطاب ألقاه ستارمر أمام مؤتمر "حركة العمل اليهودي" في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والذي قال فيه إن ردّ فعل كوربن على تقرير هيئة الرقابة كان "سيئاً".
ووصف جايكوبس تصريحات ستارمر حول ادعاءات معاداة السامية بـ "المخادعة"، وأشار إلى أن حزب "العمال" وقيادة ستارمر تعاملا بشكل "تحريضي" مع الموقف في تصريحات وسائل الإعلام التي أدلت بها هودغ وقتها بأنها "وافقت على البقاء عضواً في الحزب فقط في حالة تعليق عضوية كوربن"، بحسب بيانه للدفاع.
وتم تعليق زعامة كوربن لحزب "العمال" للمرة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول، عندما وصف للصحافيين وقتها حجم الاتهامات بـ"معاداة السامية" في الحزب بأنه "مبالغ فيه بشكل كبير من قبل الخصوم السياسيين للحزب"، في الوقت نفسه الذي أصدرت فيه هيئات رقابية حقوقية، على رأسها هيئة المساواة وحقوق الإنسان الحكومية، تقريراً يؤكد وقوع انتهاكات بالحزب في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وحاول كوربن الرجوع بعدها إلى رئاسة الحزب بعد قرار اللجنة التنفيذية الوطنية قبول طلبه، لكن ستارمر أمر بحجب عضويته في حزب "العمال" حتى يقدم اعتذاراً، لكنه لم يعتذر، وأصدر بياناً توضيحياً في الشهر نفسه، ليؤكد أنه لم تكن في نيته "التسامح مع معاداة السامية أو التقليل من المخاوف بشأن ذلك".