محامو مصر يكسبون جولة في صراعهم مع السلطة

23 يناير 2023
محامون خلال تظاهرة في القاهرة، أكتوبر 2016 (Getty)
+ الخط -

نجحت الضغوط التي مارسها المحامون المصريون، في الأيام القليلة الماضية، في تحقيق انفراجة في أزمة "المحامين الستة"، الذين حكم عليهم بالسجن لمدة عامين مع الشغل والنفاذ، بتهمة "التعدي على موظفين عموميين"، إذ إن الموظفين غيّروا أقوالهم أمام محكمة "جنح مستأنف" أمس الأحد، ونفوا حدوث اعتداء عليهم من قبل المحامين الستة، وأن الأمر "لم يخرج عن كونه مشادة لفظية بعد مواعيد العمل"، وهو ما يمهد لانقضاء الدعوى الجنائية ضد المحامين.

وقررت محكمة مرسى مطروح، غربي مصر، في جلستها أمس، تأجيل النطق بالحكم إلى جلسة حُددت في 5 فبراير/شباط المقبل، مع إخلاء سبيل المحامين الستة. وعقب قرار المحكمة، قررت نقابة المحامين المصريين إنهاء الإضراب العام وتعليق العمل والحضور أمام محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة على مستوى الجمهورية.

شهدت محافظة مطروح حضوراً حاشداً لمحامين توافدوا للتضامن مع زملائهم الستة

وكانت محكمة جنايات مطروح، قد قضت الأربعاء الماضي، بالحبس لمدة سنتين مع الشغل، على ستة من محامي مطروح وسنتين مراقبة، وذلك في القضية المعروفة إعلامياً بـ"محامي مطروح وموظفي محكمة مطروح".

وتعود تفاصيل الواقعة، إلى وقوع مشادة بين محامٍ وموظف بالمحكمة، تطورت إلى اعتداء من الموظف على المحامي، ليحضر محامٍ آخر ويتواصل مع رئيس محكمة الجنايات، الذي أنهى الموقف وصرف الجميع. غير أن تجاذباً حدث بين نفس الموظف وبعض المحامين، نتج عنه التعدي بالضرب على المحامين، وتبادل الضرب بينهم وبين موظفين آخرين.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وكان دفاع المحامين المتهمين قد تقدّم بطلب استئناف على الحكم، وتقرر تحديد جلسة جنح مستأنف، أمس الأحد للنظر في الاستئناف. ودخل نادي القضاة المصري على خط الأزمة، مؤكداً أنه "سيتصدى لأي تجاوزات في حق القضاء المصري".

تضامن كبير مع المحامين الستة

وشهدت محافظة مطروح، أمس، حضوراً حاشداً لمحامين توافدوا من جميع محافظات مصر، للتضامن مع زملائهم الستة، في جلسة نظر الاستئناف. ورأس نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب عبد الحليم علام، لجنة الدفاع في القضية، بحضور النقيب السابق سامح عاشور، وأعضاء مجلس النقابة العامة، ونقباء النقابات الفرعية ومجالسهم.

وكما أكدت مصادر نقابية، لـ"العربي الجديد"، فقد "جرت اتصالات بين النقابة العامة لمحامي مصر من جهة، ومسؤولين في الأجهزة الأمنية ووزارة العدل من جهة أخرى، لمحاولة احتواء الأزمة، قبل استفحالها".

تقوية موقف المحامين الستة

وقال محامون إن "توحد النقابات الفرعية في قضية الزملاء الستة، واحتشاد المحامين من كل محافظات مصر، بالإضافة إلى قرارات النقابة العامة بتعليق العمل بالمحاكم والنيابات، كلها أمور ساهمت في تقوية موقف المحامين في قضيتهم العادلة".

وتصدّر المحامون المصريون المشهد بعدما ألقوا مجدداً بحجر في مياه السياسة الراكدة، بإعلان النقابة العامة الإضراب وتعليق العمل والحضور أمام محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة بجميع أنحاء الجمهورية، اعتباراً من صباح الخميس الماضي، لأجل غير مسمى، بسبب أزمة محاميّ مطروح. فيما أشار نقابيون إلى أن ما جرى مع المحامين الستة هي "محاولة لكسر شوكة المحامين بعد تظاهراتهم الشهر الماضي رفضاً لمنظومة الفاتورة الإلكترونية".

وقال مجلس إدارة نادي القضاة، في بيان: "نتابع تداعيات الدعوة لاتخاذ الموقف المناسب في حينه مع متابعة المركز الإعلامي المستمرة لجميع مواقع التواصل الاجتماعي، لرصد أي تجاوز يتم في حق القضاء المصري ورجاله والعاملين به، والتصدي له بالتواصل مع الجهات المختصة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها". وأضاف أنه "دعا الكافة لوجوب احترام القانون وتغليب المصلحة العامة والحفاظ على استقرار البلاد وأمنها الداخلي".

الأزمة بدت مفتعلة

من جانبه، قال عضو بمجلس نقابة المحامين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأزمة الأخيرة "بدت مفتعلة منذ اللحظة الأولى". وأكد عضو مجلس النقابة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "هناك تنسيقاً واضحاً بين أطراف قضائية، وجهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، موجهاً ضد المحامين". 

وتابع "هناك توجه ضد المحامين في أعقاب مواقفهم الأخيرة من الفاتورة الإلكترونية وكسرهم حاجز الصمت، بعد التظاهر بأعداد كبيرة في قلب القاهرة أمام نقابتهم، وهو الأمر الذي أغضب مستويات عليا في الدولة"، بحد تعبيره.


عضو بمجلس نقابة المحامين: الأزمة الأخيرة بدت مفتعلة منذ اللحظة الأولى

وشدد على أن "الحكم الصادر عن محكمة جنح مطروح شابه خلل وعوار، كونه يخل بضمانات النزاهة، بعدما رفضت المحكمة تنفيذ طلبات الدفاع عن المحامين الستة، والتي تجزم ببراءتهم، وهو يعد دليلاً دامغاً على أن الأمر كان مرتباً بشكل مسبق لأسباب ترتبط بمواقف المحامين الأخيرة". 

ولفت إلى أن "النيابة كانت من بين الجهات المتواطئة، بعدما أصرت على حبس المحامين الستة احتياطياً رغم أنه بإمكانها إخلاء سبيلهم بأي ضمانات تراها كافية".

ضغوط لكسر قرار نقابة المحامين بالإضراب

من جهته، كشف نقابي لـ"العربي الجديد" طلب عدم ذكر اسمه، أن جهاز الأمن الوطني "مارس ضغوطاً على بعض النقابات الفرعية من أجل كسر قرار النقابة العامة بتعليق العمل أمام المحاكم، وهو ما أسفر بالفعل عن عدم التزام من أعداد من المحامين في محافظات الجيزة والقاهرة والقليوبية بالقرار، قبل أن تتوعد النقابة المخالفين بإحالتهم للتحقيق". وقال إن "الهدف من تلك الخطوة هو تفكيك كتلة المحامين المتوحدة منذ القرارات الخاصة برفض تطبيق الفاتورة الإلكترونية عليهم".

ومطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي احتشد الآلاف من المحامين المصريين أمام نقابتهم في قلب القاهرة، ضد قرار مصلحة الضرائب بإلزام المنشآت الفردية، سواء كانت تجارية أو صناعية أو خدمية أو مهنية مثل الأطباء والمهندسين والفنانين والمحامين والمحاسبين القانونيين وجميع أصحاب المهن الحرة، بالتسجيل في منظومة الفاتورة الضريبية الإلكترونية، مرددين هتافات كانت قد اختفت من الشارع المصري في ظل منع تام من السلطة لأي أصوات احتجاجية في السنوات الثماني الماضية.

وهي التظاهرات التي لاقت صدى إيجابياً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين رحبوا بانتقال الغضب الشعبي جراء الأوضاع الاقتصادية إلى الشارع مجدداً للتعبير عن معاناة قطاع من المصريين.