استمع إلى الملخص
- **اقتراح نشر قوات عربية**: تسلمت القاهرة اقتراحاً لنشر قوات عربية في محور صلاح الدين كجزء من دور وسيط تقوم به أبوظبي، مع اتصالات مع دول عربية مثل المغرب وموريتانيا وجيبوتي.
- **مخاوف مصرية من العزل**: مصر قلقة من محاولات لعزلها عن قطاع غزة وسحب الملفات المتعلقة بالأمن القومي، خاصة مع المقترحات الإسرائيلية لبناء جدار عازل بتمويل أميركي.
مدة عمل السفيرة الإسرائيلية السابقة انتهت منذ ثلاثة أسابيع
القاهرة تسلمت أخيراً مقترحاً بشأن نشر قوات عربية في المحور
بدا أن الخلاف بشأن وضع محور صلاح الدين الحدودي (فيلادلفي) بين مصر وقطاع غزة، الذي احتلته إسرائيل بالمخالفة للمعاهدات بينها وبين مصر، قد ألقى بظلاله على العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل، في وقت لم تتسلم فيه مصر رسمياً بعد خطاب ترشيح السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة أوري روثمان، بعدما انتهت فترة عمل السفيرة السابقة أميرة أورون. وبحسب معلومات اطلع عليها "العربي الجديد"، فإن مدة عمل السفيرة السابقة انتهت منذ ثلاثة أسابيع، وحتى اللحظة لم تتسلم مصر خطاب تكليف السفير الجديد، رغم اتخاذ الإجراءات الرسمية من المتبعة في هذا الإطار من جانب إسرائيل.
معلومات لـ"العربي الجديد": تسلمت القاهرة اقتراحاً بشأن نشر قوات عربية في محور صلاح الدين
ملف محور صلاح الدين
وكان تقرير إسرائيلي قد أفاد الأحد الماضي بأن مصر "تؤخر بشكل متعمد وصول السفير الإسرائيلي إلى القاهرة"، وذلك في ظل التوترات بين الجانبين بسبب ملف محور صلاح الدين وغزة. وذكرت قناة "i24NEWS" الإسرائيلية، أنه "لا يوجد سفير إسرائيلي في مصر منذ أسبوعين، بسبب مماطلة متعمدة من القاهرة"، وذلك بعدما أنهت أورون مهماتها وعادت إلى إسرائيل. وأضاف التقرير أن السفير المعين بدلاً منها، أوري روثمان "لم يحصل بعد على موافقة مصر، وهو موجود في إسرائيل".
وقال مسؤول وصفته القناة بالمطلع على التفاصيل: "يماطل المصريون بصورة متعمدة لمعاقبتنا، حتى إنهم لا يدفعون نحو تسلّم خطاب توصيته للمنصب". وشهدت العلاقة بين مصر وإسرائيل توترات على خلفية التطورات في غزة، مع رغبة إسرائيل في البقاء في محور صلاح الدين بين مصر وقطاع غزة، وتحدثت عن وصول الأسلحة إلى حركة حماس عبر الأنفاق من مصر، وهو ما رفضته القاهرة.
في السياق، قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "رفض اعتماد السفراء من الدولة، حق سيادي للدولة المُضيفة، ولا يعوزها تبرير وتوضيح أسباب ذلك الرفض". من جهة أخرى، احتدم التوتر بين مصر وإسرائيل أخيراً على وقع الخلاف حول تمسك تل أبيب بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين على الحدود مع قطاع غزة، وباشر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، التحرك من أجل توسيع الاعتماد على أطراف إقليمية أخرى في التعامل مع ملف الحرب في القطاع.
بدوره، أوضح المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير حسين هريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "من الناحية البروتوكولية، لا بد من الموافقة المُسبقة للدولة المُضيفة على تعيين سفراء الدول الأخرى"، قائلاً إنه "في حال غياب مثل هذا الخطاب، لا يمكن من الأساس للسفير المُعين، التوجه إلى الدولة المُضيفة".
ويتفق مع ذلك المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الدول وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، حرة في أن تصدر الموافقة على السفير"، مضيفاً أنه "حتى بعد إصدار الموافقة ووصوله إلى الدولة المُضيفة، من حقها أن تطرده دون أن تبين الأسباب، حسب الفقرة الأولى من المادة التاسعة من هذه المعاهدة".
ويعتقد الأشعل أن مصر "قصدت تأخير الموافقة على السفير الإسرائيلي"، قائلاً إن "إسرائيل حسب المعاهدة أرسلت من طريق وزارة خارجيتها لكي تعين سفيراً جديداً بدلاً من أميرة أورون، وطلبت الموافقة عليه قبل تعيينه رسمياً في إسرائيل، لأن تعيينه رسمياً قبل وصول الموافقة المصرية، يعتبر اعتداءً على السيادة المصرية، وبالتالي أعتقد أن مصر متعمدة أن تعبر (جزئياً) عن غضبها من إسرائيل ولو (شكلياً)، لأن مصر ملامة من جميع دول العالم ومن الفلسطينيين بشكل خاص".
ويرى الأشعل أن تأخير الموافقة "ليس مسألة خطيرة، لكنه عرف دبلوماسي معروف بأن الدول تعبر عن غضبها من الدول الأخرى في صور متعددة منها تأخير الموافقة أو رفض الموافقة أساساً".
أيمن سلامة: رفض اعتماد السفراء من الدولة حق سيادي للدولة المُضيفة
نشر قوات عربية في صلاح الدين
وأفادت معلومات لـ"العربي الجديد" بأن القاهرة "تسلمت أخيراً اقتراحاً مقدماً بشأن نشر قوات عربية في محور صلاح الدين في إطار دور وسيط تقوم به أبوظبي حول الترتيبات المتعلقة باليوم التالي في قطاع غزة، في حال توقُّف الحرب". ووفقاً للمعلومات، فإن أبوظبي "أجرت أخيراً اتصالات مع عدد من الدول العربية، بينها المغرب وموريتانيا وجيبوتي، لاستطلاع موقفها بشأن إمكانية المشاركة في قوة عربية تنتشر في ممر نتساريم الذي أقامه جيش الاحتلال في غزة للفصل بين شمال القطاع وجنوبه، وذلك ضمن عدة طروحات تعمل إسرائيل على صياغتها بما هي بدائل، في حال اضطرارها إلى الرضوخ للانسحاب من غزة بشكل كامل في أعقاب التصعيد الإسرائيلي، بعدما تشدد نتنياهو بالبقاء في ممر نتساريم". في هذا الإطار، بدا الموقف المصري أكثر انحيازاً لنشر مراقبين غربيين أو عرب للإشراف على عمل قوات الأمن الفلسطينية في تلك المنطقة.
واستشعرت القاهرة القلق مما وصفته دوائر مصرية بمحاولات لعزل وفصل مصر بشكل كامل عن قطاع غزة ونزع بعض الأدوار الإقليمية عنها وسحب الملفات المتعلقة بالأمن القومي المصري. واعتبرت أن المقترح الخاص بنشر القوات جاء مكملاً لتصور إسرائيلي متمسك ببناء جدار عازل فولاذي تحت الأرض، وآخر شاهق فوق الأرض بتمويل أميركي، مدعوم بتقنيات تكنولوجية متقدمة، من بينها مستشعرات تحت الأرض وكاميرات وأنظمة مراقبة، مرتبطة في تشغيلها بالأقمار الاصطناعية، في تهديد لقدرة مصر على التحكم الكامل في إدارة الحدود. ورأت القاهرة أنها قدمت تنازلات في وقت سابق خلال محادثات شارك فيها مسؤولون أميركيون، عندما وافقت على مضض على تركيب مستشعرات بالجدار الفاصل حالياً على الحدود بين مصر وغزة، أتاحت لإسرائيل تلقّي إشعارات في حال وجود خروقات في المنطقة الحدودية أو محاولات لحفر أنفاق للتهريب.