بعد شدّ وجذب دام نحو ثلاثة أشهر، أُعلنَت رسمياً في مدينة السليمانية، ثاني أكبر محافظات إقليم كردستان العراق شمالي البلاد، أمس الجمعة، إقالة الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لاهور شيخ جنكي من صفوف الحزب، وسط مخاوف من ارتدادات سياسية وأمنية داخل المدينة.
قرار إقالة جنكي الذي ظل لسنوات طويلة ممسكاً بملفات الأمن والاستخبارات وجهاز مكافحة الإرهاب، سبقته أيضاً عدة قرارات تضمنت إقصاء شخصيات محسوبة عليه من مناصب أمنية حساسة في المحافظة، طاولت رئيس مؤسسة المعلومات، محمد تحسين طالباني، وكذلك مستشار الأمن، رنج شيخ علي، في خطوة وصفت بالانقلاب الأبيض نفذته عائلة الرئيس السابق وزعيم الحزب جلال الطالباني بزعامة نجله الأكبر بافل الطالباني، لحصر زعامة الحزب بالأخير وإلغاء الزعامة المشتركة له، التي جرى التوصل إليها منذ نهاية عام 2017 عقب وفاة زعيم الحزب، جلال الطالباني.
وصدّق المكتب السياسي للحزب، أمس الجمعة، على قرار طرد جنكي من الحزب الذي واجه تهماً عدة، منها محاولة اغتيال بافل من طريق دسّ السم له.
ووفقاً لإعلام "الاتحاد الوطني الكردستاني"، فإن "قرارات الطرد شملت بالإضافة إلى جنكي، أعضاء بارزين في الحزب، وهم آراس جنكي، وآلا الطالباني، وشادمان ملا حسن، وزينو محمد".
ولم يحدد الحزب في بيانه تفاصيل كثيرة عن سبب الطرد، لكن مصادر داخلية تحدثت عن أن القرار سبّب خلافات حادة داخل الحزب، إذ إن هناك الكثير من الرافضين لهذا القرار، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن قرار الطرد جاء بعد تحركات واسعة لأسرة الطالباني على قيادات الحزب.
وكان الحزب قد انتخب بافل الطالباني ولاهور شيخ جنكي رئيسين مشتركين للحزب، على أن يسيّر الأول الشؤون السياسية، بينما تُترك الملفات الأمنية للثاني، في إجراء اتُّخِذ عقب تعذّر اختيار رئيس واحد للحزب عقب وفاة جلال الطالباني.
وردّ جنكي على قرار إبعاده، بأنه سيعود إلى منصبه.
وأكد في خطاب وجهه إلى سكرتارية المجلس القيادي للحزب، أنه يرفض "كل قرارات الاستبعاد من صفوف الاتحاد الوطني، لكونها جاءت مخالفة للنظام الداخلي، وجاءت خارج سياقات اجتماع المجلس القيادي للحزب".
وأضاف أنه "سيسترجع صلاحياته التنفيذية كاملة كرئيس مشترك ويبداً بممارستها قريباً، حفاظاً على كرامة الحزب".
في السياق نفسه، أبلغ قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، موجود حالياً في بغداد، "العربي الجديد"، بأن "قرار طرد لاهور وعدد من القيادات البارزة في الحزب، قد تكون لها تأثيرات أمنية بمحافظة السليمانية"، مبيناً أن "لاهور له أتباع كثر، ومن الممكن أن يحاول التأثير من خلال تحشيد الشارع ضد قرار طرده".
وأضاف أن "الأمن اتخذ إجراءات مشددة منذ يوم أمس في السليمانية، تحسباً لأي طارئ"، مشيراً إلى أن "القرار بتشديد الأمن سيستمر حتى إشعار آخر".
خطوة إصلاحية؟
النائب السابق عن الاتحاد الوطني الكردستاني، جمال شكور، عدّ القرارات خطوة إصلاحية داخل الحزب، وقال لـ"العربي الجديد" إن "القرارات جاءت لإبعاد كل طرف داخل الحزب ولا يعمل لمصلحته، وهي خطوات إصلاحية".
وحذّر شكور "من اللجوء إلى السلاح أو محاولات التأثير بالشارع للرد على القرارات"، داعياً الأطراف المعزولة إلى "عدم اللجوء إلى لغة القوة".
وسبق أن اتهم بافل، لاهور باستغلال سلطات الحزب ومؤسساته، لتحقيق صفقات فساد كبيرة، والقيام بعمليات تهريب، وتشكيل عصابات.
أخفقت وساطات عدة قادتها قوى سياسية في بغداد، أخيرا في احتواء التوتر الأمني والسياسي الذي تعيشه منذ أسابيع عدة مدينة السليمانية
وأخفقت وساطات عدة قادتها قوى سياسية في بغداد، أخيراً في احتواء التوتر الأمني والسياسي الذي تعيشه منذ أسابيع عدة مدينة السليمانية، ثانية كبرى مدن إقليم كردستان العراق، نتيجة للصراع داخل الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي وقت سابق تحدث الخبير بالشأن الكردي العراقي علي ناجي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "هذه التغييرات في المناصب تأتي ضمن الصراعات الداخلية للاتحاد الوطني الكردستاني، الذي ما زال بغير رئيس أو قيادة موحدة للحزب، خاصة أنه يعاني من عدة مشاكل حزبية وجماهيرية، مثل أزمة كركوك وغيرها. وستكون تداعيات التغييرات، إعطاء قوة لأبناء جلال طالباني على حساب ابن عمهم لاهور شيخ جنكي، وبالتالي سيُحجَّم دور لاهور وجناحه بالاتحاد الذين لديهم خصومة مع حزب بارزاني".