أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الثلاثاء، بأن ما يُسمى "الوصي على أملاك الغائبين" في وزارة القضاء في دولة الاحتلال الإسرائيلي يعمل على تقديم مخطط استيطاني في شرق القدس المحتلة، في قلب منطقة يسكنها فلسطينيون، قدّمتها شركة عقارات يديرها ناشط يميني.
وبالتوازي مع ذلك، يتم العمل على استكمال الإجراءات التنظيمية و"القانونية" للمنطقة المخصصة للمشروع، وهي منطقة كان يُفترض أن تخدم الفلسطينيين بحسب طروحات سابقة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن المخطط يشمل 450 وحدة سكنية (استيطانية) ستنتشر على 12 دونماً، وسيُطرح الأسبوع المقبل على اللجنة المحلية للتخطيط والبناء.
وبحسب الصحيفة، فإن هذا المشروع قد يكون واحداً من أكبر المشاريع من أجل تعزيز الاستيطان اليهودي شرق القدس المحتلة، ومن خلاله سيقام "الحي" اليهودي بين بلدتي أم ليسون وجبل المكبر في القدس.
وبدأت عملية تنظيم قطعة الأرض كجزء من خطة إسرائيلية سابقة، كان يفترض أن تمنح تسهيلات للفلسطينيين بالبناء في شرق المدينة، لكن منظمات محلية وجمعية "عير عاميم" التي تعرّف نفسها بأنها داعمة للمساواة والتوصّل إلى حل سلمي في القدس، ذكرت لـ"هآرتس" أن موظّف "تسويات" البناء في وزارة القضاء الإسرائيلية ركّز جهوده على الأراضي "الموجودة بملكية يهودية"، من خلال تحويلها إلى أداة لخدمة المنظمات الاستيطانية، بخلاف المخطط الأصلي الذي كان يجب أن يخدم البناء للفلسطينيين.
ولفتت صحيفة "هآرتس" إلى عدم وجود أراضٍ فلسطينية أخرى معدة للبناء في "أم ليسون"، وأن ثمة شكوكاً طفت على السطح قبل طرح مخطط البناء الجديد بأن الأرض في تلك المنطقة ستُخصص لإقامة مستوطنة.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن شركة عقارات تُدعى "طوبوديا" نجحت في السنوات الاخيرة بشراء جزء من الأراضي التي ستُقام عليها المستوطنة، ومع أنها تسيطر على جزء صغير من الأراضي، فإن بقيّتها مسجّلة بملكية يهودية منذ عشرات السنوات.
وادعت الشركة القائمة على المشروع بأنها اشترت نحو 80% من الأراضي من أصحابها، وادعت الصحيفة أن الشركة أرسلت لها مستندات تزعم أنها دليل على شراء جزء من الأراضي.
وتابعت الصحيفة أن ما يُسمى إسرائيلياً "الوصي على أملاك الغائبين" في وزارة القضاء، تحوّل إلى إحدى الجهات المركزية في كل قضية إقامة المستوطنات، كما تعرض لانتقادات واسعة بسب تقديمه مساعدات لجمعيات يمينية تعمل على تهويد القدس.
وأشارت إلى أن أحد أبرز الشخصيات في مشروع تهويد شرقي القدس هو اليهودي الاسترالي الثري كيفين بارميستر، عضو مجلس إدارة شركة "طوبوديا"، وعضو آخر في مجلس الإدارة هو يهودا ريجونس، الذي كان ناطقاً باسم جمعية "إلعاد" الاستيطانية التي تعمل على توطين اليهود في سلوان في القدس، كما شغل منصب مدير عام صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية.
وكشفت صحيفة "هآرتس" عام 2018 أن حنانال غورفينكيل من سكان حي "نوف تسيون" الاستيطاني في القدس، عُيّن رئيساً لقسم "الوصي على الأملاك"، وهو الذي يعمل اليوم على المضي في مشروع الحي الاستيطاني الجديد. كما ذكرت الصحيفة بأنه في عام 2021 صدرت تقارير بشأن مبادرة منه لبناء مشروع حي "جفعات شاكيد" الاستيطاني في جنوب القدس، وساعد هو نفسه في إقامة حي "كيدمات تسيون" في جنوب شرق المدينة بالتعاون مع جمعية "عطيرت كهانيم".
وتُنفذ هذه المشاريع من خلال تهجير الفلسطينيين من بيوتهم التي يسكنون فيها منذ عشرات السنوات، ومن بين المخططات التي يتم فحصها أيضاً مخطط لبناء مشاريع تهويدية قرب صور باهر، جنوب القدس، قرب منطقة الشيخ جراح.
وقال عضو جمعية "عير عاميم" أفيف طاطريسيكي، في حديثه مع "هآرتس"، إنّ "هذه هي المرة الثالثة في أقل من عامين التي يستغل فيها (الوصي) منصبه المؤقت لإقامة مستوطنة داخل حي فلسطيني. وهذه المرة التعاون بين (الوصي) والمستوطنين يتجاوز العديد من الخطوط الحمراء".
وأضاف: "يعاني سكان أم ليسون، كغيرهم من سكان شرقي القدس، من اختناق تخطيطي ينتج عنه نقص في المساكن والمرافق العامة اللازمة، وبدلاً من توفير مسؤول التسوية حلولاً لهذه الأزمة، فإنه يستغل منصبه مجدداً برعاية (الوصي)، لإقامة مستوطنة ستشكل تهديداً كبيراً لسلامة سكان الحي (الفلسطيني).
ونقلت الصحيفة عن وزارة القضاء الإسرائيلية أنّ "شركة طوبوديا توجّهت إلى (الوصي العام)، بطلب للقيام بتغيير أهداف استغلال الأرض، وبحكم دوره فإنه يعمل على النحو الأمثل لصالح المالك. وبناء على ذلك، قرر (الوصي العام) الانضمام إلى المشروع مثلما فعل ملاك خصوصيون آخرون (...) ولا يوجد تضارب في المصالح".