ذكرت منظمة حقوقية دولية، اليوم الأربعاء، أن المحكمة الفيدرالية السويسرية أصدرت قراراً بتوقيف رفعت الأسد، وهو نائب رئيس النظام السوري السابق، وعم رئيس النظام الحالي بشار الأسد، بسبب دوره في مجازر مدينة حماة السورية التي وقعت في عام 1982، وذهب ضحيتها ما قد يصل إلى 40 ألف شخص.
وقالت منظمة "TRIAL International" الحقوقية المستقلة، في بيان لها صدر من باريس اليوم، إنّ المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية ومكتب العدل الفيدرالي أصدرا مذكرة توقيف دولية بحق رفعت الأسد، لدوره في "جرائم الحرب الجسيمة" التي ارتكبت في مدينة حماة، في فبراير/شباط من عام 1982، خلال قيادته للمليشيا العسكرية المسماة "سرايا الدفاع".
وجاء قرار المحكمة السويسرية بعد تحقيق مطول بدأ منذ العام 2013، وقالت المنظمة الحقوقية إنها تقدمت بشكوى جنائية أمام المحكمة السويسرية ضد رفعت الأسد، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2013، ومنذ ذلك الحين يخضع الأسد للتحقيق لدوره في تلك المجازر.
وأوضحت أن سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت الأسد متورطة في ارتكاب إعدامات واختفاءات قسرية واغتصاب وتعذيب على نطاق لا يمكن تصوره.
وبحسب مصادر مختلفة، فقد قُتل ما بين 10 آلاف و40 ألف شخص في غضون ثلاثة أسابيع فقط خلال تلك المجزرة.
ودعت المنظمة السلطات السويسرية إلى تقديم لائحة اتهام سريعة لرفعت الأسد البالغ من العمر 85 عاماً، وتقديمه للمحاكمة.
ووفقاً للمنظمة الحقوقية، فقد صدر قرار المحكمة السويسرية في 19 يوليو/ تموز 2022، لكن السلطات حافظت على سريته لضمان فعالية الإجراء القانوني، وأمرت لجنة الاتصالات الفيدرالية بإصدار مذكرة توقيف بحق رفعت الأسد، مؤكدةً اختصاص السلطات السويسرية بمقاضاته وطلبه للمحاكمة.
غير أن رفعت الأسد الذي قضى 36 عاماً خارج سورية، معظمها في أوروبا، كان قد عاد إلى سورية قبل نحو عامين، دون أن يتعرض خلال إقامته بين فرنسا وإسبانيا وبريطانيا لأي ملاحقات قانونية، تخص سجله الإجرامي، لكن محكمة الاستئناف الفرنسية حكمت عليه، في 9 سبتمبر/أيلول 2021، بالسجن 4 سنوات في قضية "مكاسب غير مشروعة" لاتهامه بتأسيس أصول بقيمة 90 مليون يورو في فرنسا بين شقق ومزارع للخيول وقصور. وعاد رفعت إلى سورية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، دون أن تعترض طريقه السلطات الفرنسية.
ورأى المحامي سامرالراضي أن هذا القرار، ورغم تأخر صدوره ما أفقده كثيرا من الأهمية، لكنه يؤكد أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.
وأضاف في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الأهمية المتبقية للقرار ذات بعد رمزي إلى حد ما، نظراً إلى أنه من غير المتوقع أن يغادر رفعت الأسد سورية، وعمره اليوم 86 عاماً، ولن يكون ممكناً اعتقاله وملاحقته دولياً، فضلاً عن وجود إجراءات قانونية ما بين سويسرا والشرطة الدولية (الإنتربول) ينبغي إنجازها قبل تعميم قرار الاعتقال.
وولد رفع الأسد عام 1937 في القرداحة بمحافظة اللاذقية، شمال غربي سورية، وهو شقيق رئيس النظام السابق حافظ الأسد، الذي حكم سورية بين عامي 1970 و2000، قبل أن يخلفه أبنه بشار، الرئيس الحالي للنظام السوري.
وشارك رفعت الأسد في انقلاب 22 فبراير/شباط ضد الرئيس أمين الحافظ، ولاحقاً شارك في ما سُمي "الحركة التصحيحية" التي قادها شقيقه حافظ عام 1970، وتقلد بعد ذلك مناصب عدة في الحكم، آخرها نائب رئيس الجمهورية، قبل إبعاده عن البلاد عام 1984، إثر خلافات مع شقيقه على الحكم.
ويعد رفعت المتهم الأول في العديد من الجرائم الكبرى والمجازر الجماعية التي حدثت في سورية، خاصة مجزرتي حماة وسجن تدمر.