لقيت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي اتهم فيها الدين الإسلامي بأنه "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم" انتقاداً من مرجعيات إسلامية، إذ استنكرها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومجمع البحوث الإسلامية في جامع الأزهر وكذلك مفتي سلطنة عُمان، باعتبارها "دعوة صريحة للعنصرية والكراهية".
واعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، السبت، أنّ تصريحات ماكرون هي هجوم غير مبرّر واعتداء على مقدسات الإسلام، وأضاف، في بيان، أنّ مثل هذا التصريحات التي تخرج تحت غطاء الحرية تأتي ضد الإسلام فقط، و"هي التي تصنع الإرهاب والعنصرية الدينية، وتحول دون التعايش السلمي القائم على احترام جميع الأديان وخصوصياتها".
وأكد الاتحاد، في بيانه، أنّ الدين الإسلامي ليس في أزمة، كما قال ماكرون، ولكن الأزمة في "الجهل بمبادئه وحقائقه والحقد عليه وعلى أمته، فهي أزمة فهم وأزمة أخلاق، وهي مشكلة الازدواجية في المعايير، والإسلاموفوبيا، وفي حفنة ممن صنعهم المحتلون والمستعمرون يحكمون بلاد المسلمين".
وأضاف الاتحاد أنّ الانسجام الذي دعا إليه ماكرون لا يُصنع بالقوة والتعايش لا يكون بالإكراه والتهميش وإنما "يتحقق بالعدالة والمساواة والحريات المسؤولة وتوفير المساواة للجميع دون أي تمييز على أساس العرق أو الدين".
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرد علي الرئيس الفرنسي ماكرون وتهجماته ضد الإسلام:https://t.co/8mRfnv1o5l
— علماء المسلمين (@iumsonline) October 3, 2020
ومن جهته استنكر مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر تصريحات ماكرون، معتبراً أنّ اتهامات ماكرون هي "اتهامات باطلة لا علاقة لها بصحيح هذا الدين الذي تدعو شريعته للسماحة والسلام بين جميع البشر حتى من لا يؤمنون به".
وأشار المجمع، في بيان شديد اللهجة، السبت، إلى أن مثل هذه التصريحات تنسف كل الجهود المشتركة بين الرموز الدينية للقضاء على العنصرية والتنمر ضد الأديان، إذ إنّ "مثل هذه التصريحات العنصرية من شأنها أن تؤجّج مشاعر ملياري مسلم ممن يتبعون هذا الدين الحنيف".
وأضاف المجمع أنّ "إصرار البعض على إلصاق التهم الزائفة بالإسلام أو غيره من الأديان كالانفصالية والانعزالية، هو خلط معيب بين حقيقة ما تدعو إليه الأديان من دعوة للتقارب بين البشر وعمارة الأرض وبين استغلال البعض لنصوص هذه الأديان وتوظيفها لتحقيق أغراض هابطة".
وذكّر المجمع بماضي فرنسا الاستعماري، إذ إن المسلمين يحسون "بالظلم والقهر من الاحتلال القديم الذي كانت لفرنسا حصة الأسد منه، وما زالت جيوشها في أفريقيا تحرس نهب الثروات، وتدعم الأنظمة المستبدة الفاسدة"، داعياً فرنسا وغيرها إلى السعي لتحقيق السلام وتوفير الأمن والأمان للجميع بدل "الحرب وإثارة الصراعات والنزعات والعنصريات".
وبدوره انتقد مفتي سلطنة عُمان، أحمد بن حمد الخليلي، تصريحات ماكرون، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، السبت، معتبراً أنّ الهجوم على الإسلام يأتي من أشخاص "يعتمِل بين حناياهم ويتأججُ في أحشائهم من سعير الحقد وجحيم البغضاء، ظانِّين أنهم بذلك ينفّسون عن أنفسهم ما يلقونه من عنتٍ شديد ومعاناة قاسية مما يحرزه الإسلام بين عقلاء الإنسانية اليوم من تقدم باهر".
لا يزال المناوئون للإسلام الذين يتربصون به الدوائر تنفث ألسنتهم وأقلامهم لهيبا مما يعتمِل بين حناياهم ويتأججُ في أحشائهم من سعير الحقد وجحيم البغضاء ظانِّين أنهم بذلك ينفسون عن أنفسهم ما يلقونه من عنتٍ شديد ومعاناة قاسية مما يحرزه الإسلام بين عقلاء الإنسانية اليوم من تقدم باهر. pic.twitter.com/y5knmE75eb
— أحمد بن حمد الخليلي (@AhmedHAlKhalili) October 3, 2020
وكان ماكرون قد قال، الجمعة، في خطاب ألقاه في "ليه مروره"؛ أحد الأحياء الحساسة في ضاحية باريس، "ثمة في تلك النزعة الإسلامية الراديكالية (...) عزم معلن على إحلال هيكلية منهجية للالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظامٍ موازٍ يقوم على قيم مغايرة، وتطوير تنظيم مختلف للمجتمع"، معتبراً أن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم".
وأضاف الرئيس الفرنسي: "لا أودّ أن يكون هناك أي التباس أو خلط للأمور"، لكن "لا بد لنا من الإقرار بوجود نزعة إسلامية راديكالية تقود إلى إنكار الجمهورية"، مشيراً إلى "التسرّب المدرسي" و"تطوير ممارسات رياضية وثقافية" خاصة بالمسلمين، و"التلقين العقائدي وإنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء".