أرسل مركز "عدالة" المهتم بحقوق فلسطينيي الداخل، اليوم الاثنين، رسالة عاجلة إلى كل من المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال الإسرائيلي غالي بهراف ميارا، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير "الأمن القومي" المتطرف إيتمار بن غفير، للمطالبة بإلغاء إقامة ما يسمى بـ"الحرس الوطني"، معتبرًا أن "هذا الجسم ما هو إلا مليشيا مسلحة جاءت تحت غطاء قانوني لمحاربة فلسطينيي الداخل"، وتعزّز تطبيق قانونين مختلفين، واحد للفلسطينيين وآخر للإسرائيليين.
وصادقت الحكومة الإسرائيلية، أمس الأحد، على تقليص بنسبة 1.5 بالمئة من ميزانيات الوزارات لإنشاء "الحرس الوطني"، وهي مليشيا مسلحة ستخضع لإشراف بن غفير، وستضم متطوعين وعناصر أمن وجنوداً سابقين.
وجاء في رسالة مركز "عدالة": "إقامة هذه المليشيا تنتهك أولًا مبدأ فصل السلطات وسلطة القانون وتطبيقه، إذ إنّها تنقل صلاحيات تطبيع القانون للمواطنين، وتخلق نظاما مختلفا لتطبيق القانون يخرج عن إطار تعليمات، صلاحيات وأوامر الشرطة، وتعمل حصريًّا ضد الفلسطينيين في الداخل وهي جزء من ملامح نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) الذي يتشكل في إسرائيل منذ سنوات".
وأضافت الرسالة أن "الحرس الوطني" يعمل "كجسم لتطبيق القانون ويملك صلاحيات الشرطة، لكنه ليس جزءًا منها، بل جسمًا مقابلًا لها".
وأشارت إلى أنه "رغم الصياغة المحايدة التي قدمها وزير الأمن القومي المتطرف، المدان بدعمه للإرهاب والذي صرح للإعلام بدعمه المجازر ضد الفلسطينيين، يبقى المعنى الحقيقي لـ"تقوية السيادة" و"محاربة الإرهاب والجرائم على خلفية قومية" هو استهداف الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل".
وتابعت الرسالة: "وهو ما نستدله أيضًا من الاتفاق الائتلافي بين حزب (عوتسماه يهوديت) وحزب الليكود الحاكم، والذي وصف (الجرائم على خلفية قومية) كصفة خاصة للفلسطينيين (البند 91 و92 من الاتفاق)". وفي شرح الاقتراح للقانون، كتب أن الجسم جاء لـ"تقوية السيادة في الأمان المعنية، وتعزيز الإحساس بالأمن للجمهور ومن أجل محاربة الإرهاب والجرائم على خلفية قومية". وأن سبب إقامة هذا الحرس "نبع من الدروس التي تعلمناها من أحداث حارس الأسوار (اسم العملية الأمنية خلال هبة الكرامة)، حيث كان الاستنتاج أنه تجب إقامة قوّة مدرّبة تستطيع العمل في العديد من الأماكن في وقت واحد، وتستطيع التعامل مع الإخلال بالنظام وحالات الطوارئ".
وكان مئات الشبّان من فلسطينيي الداخل قد اعتُقلوا على خلفية هبة الكرامة في مايو/ أيار 2021، عندما خرجوا في تظاهرات تضامناً مع القدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، ورفضاً لعمليات التطهير العرقي في حيّ الشيخ جرّاح، وتنديداً باعتداءات المستوطنين على المواطنين العرب بحماية الشرطة الإسرائيلية.
وقال المركز إن "هذا التغيير معناه، على أرض الواقع، إقامة نظامين لتطبيق القانون وقوتين شرطيتين مختلفتين تميّزان على أساس عرقي، نظام يعمل ضمن إطار الشرطة للمواطنين عامة وتطبيق القانون وفق ما تنص عليه اللوائح وكتاب القوانين العامة (وهو بحد ذاته قامع للفلسطينيين بالداخل، ويميّز ضدهم بشكل مستمر)، ونظام آخر مخصص للعمل ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل كجسم مستقل، مكون من مليشيات مسلحة مدنيّة تحمل صلاحيّات شرطيّة وتابعة بشكل مباشر لوزير الأمن القومي".
وشدد مركز "عدالة" في رسالته على أن "إقامة جسمين منفصلين يعملان وفق نظام التمييز العنصري والعرقي مخالف للقانون بشكل واضح وينتهك مبدأ المساواة أمام القانون"، مضيفا: "كذلك تنتهك إقامة هذا الجسم القانونَ الدولي، كون إقامته جاءت على خلفية تمييز عنصري مرفوض بانتهاك للمعاهدة الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري، وهي تنتهك أيضًا القانون الإسرائيلي".
وجاء في الرسالة كذلك: "حتى لو غضضنا النظر عن الدوافع العنصرية لإقامة هذا الحرس، فمن غير المعقول نقل صلاحيات رجال الشرطة التي جاءت من القانون إلى متطوعين مدنيين وتزويدهم بالسلاح والتدريب، خاصة أنهم يمتثلون لأوامر الوزير، وكما رأينا جميعًا خلال هبة الكرامة، إذ برز التعاون بين الشرطة والمدنيين المسلحين في كثير من الأماكن، حيث عمل المدنيون مليشياتٍ مسلحةً منظمةً وكانت النتيجة قتل مواطنين فلسطينيين بدم بارد وعدم تقديم أي مجرم منهم للمحاكمة، بل ومنحوا حصانة قانونية".