مسؤول استخباراتي إسرائيلي: معلوماتنا ساهمت باغتيال سليماني ولا جدوى من أي ضربة لإيران
كشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، تمير هايمن، أن اغتيال قائد "فيلق قدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أعقب معلومات قدّمتها شعبته إلى الولايات المتّحدة، مبديًا، في مقابلة موسّعة أجراها معه موقع "واللا"، فخره بذلك.
وقال هايمن: "هذه معلومات أحضرناها نحن، وجعلت حاملة طائرات أميركية تستدير وعادت إلى الخليج بعد الإدراك أن سليماني كقائد فيلق قدس يفتح معركة ضد الولايات المتحدة. وهذا أمر هام، لأن الولايات المتحدة حتى ذلك الحين كانت موجودة في المنطقة بسبب (داعش) وليس بسبب إيران. والمعلومات ساعدت لاحقا باغتيال سليماني".
ووصف هايمن اغتيال سليماني بـ"الحدث الأهم بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي"، قائلًا إن الأشخاص الذين عادة ما يوصي باغتيالهم هم "الذين لديهم رؤية إستراتيجية وقدرة نافذة، وهؤلاء ليسوا كثيرين"، كاشفًا أن اغتيال سليماني لم يتم في يوم وليلة، بل كانت "هناك إجراءات كاملة يتم خلالها بناء بنية تحتية تسمح بذلك".
هايمن الاعتقاد بأن الإيرانيين سيسيطرون على سورية وفق رؤية سليماني هو احتمال معدوم الآن
ووفقا لهايمن، فإن "أهمية سليماني لم تنبع فقط من تمكنه من حسم أمور خلال ساعتين أو ثلاث في سورية. فهو بلور الوضع الراهن في سورية أيضا... ولا يوجد أشخاص كثيرون مثله"، مستدركًا: "يوجد الآن مشغلون إيرانيون جيدون في سورية ولديهم قدرة إدارية عالية، لكن لا يمكنهم الوصول إلى مستوى اتخاذ القرار، لأنه لا صلاحيات عندهم".
وفيما يتعلق بالغارات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سورية، التي توصف في إسرائيل بأنها "معركة بين حربين"، اعتبر هايمن أن "المؤسسة الإيرانية لا تعرف كيف تواجه جيدا المعركة بين حربين، مع التفوق العملياتي لسلاح الجو واختراقاتنا الاستخباراتية، ولذلك اتجهوا إلى نشر مضادات جوية متطورة في الشرق الأوسط، مثل صواريخ أرض – جو وغيرها، من أجل تقليص حرية العمل الجوي، والآن نحن نحاول أن نكتشفها ونستهدفها... وهذه معركة مستمرة ولم تحسم بعد".
وحسب هايمن، فإن الإنجاز الأكبر لـ"المعركة بين حربين" هو في سورية، "فالاعتقاد بأن الإيرانيين سيسيطرون على سورية وفق رؤية سليماني هو احتمال معدوم الآن، ولا أحد معني بذلك، وليس لدى الروس، ولا لدى النظام السوري أي قدرة ميدانية حقيقية تسمح بذلك، وهناك تراجع ثابت ومستمر للإيرانيين في سورية... الاتجاه واضح جدا: انسحاب أشخاص إيرانيين، وليس انسحاب المليشيات السورية".
وأضاف أنه "توجد على قوة الأسد قيود كبيرة جدا، فهو لا يحكم فعليا في الأراضي السورية كلها، لكن ثمة أمرا واحدا فعله الأسد: لقد حصر تحرك الإيرانيين وقيّده لأنه يدرك أن هذا يشكل خطرا على حكمه، ولأن هذا ضد مصلحة روسيا وإسرائيل وضد مصلحته هو. ولذلك هو يحتفظ بهم في حالة وجود مع قيود. وهذا هو الوضع الآن".
البرنامج النووي الإيراني
فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، قال هايمن إنه "توجد كمية تخصيب يورانيوم مقلقة جدا. وهم لم يتجاوزوا نسبة الـ60%، لكن المهم ليست النسبة وإنما اليورانيوم المخصب بمستوى مرتفع. لكن في جميع الجوانب الأخرى للبرنامج النووي الإيراني، نحن لا نرى أي تقدم. لا في مشروع السلاح، محور الاقتصاد، ولا في أي شيء آخر. لذلك، فإن الفترة الزمنية الباقية لمدة سنتين لم تتغير. لأنه من اللحظة التي يوجد فيها تخصيب، الطريق ما زالت طويلة حتى الوصول إلى القنبلة".
وأضاف هايمن أن الإيرانيين "لا ينطلقون نحو قنبلة نووية الآن. ربما يحدث هذا في المستقبل البعيد. وهناك عدة بدائل أمام الإيرانيين: العودة إلى الاتفاق النووي مثلما كان. والبديل الثاني هو الانطلاق والتوجه إلى استفزاز غير مسبوق ويشمل ذلك محاور أخرى من السلاح والتخصيب. والبديل الثالث هو التوجه إلى اتفاق مُحسّن ينجزون من خلاله أكثر مما كان في الماضي. وفي تقديري أنهم سيختارون البديل الوسط. أي محاولة دخول مفاوضات طويلة ومنهكة، ويستمرون في إطارها بالتخصيب ولكن هدفها النهائي التوصل إلى نوع من الاتفاق مع الغرب. والولايات المتحدة تدرك أن الوضع تغير وهم يتجهون إلى اتفاق محسن".
وحول هجوم عسكري في إيران، قال هايمن إن "التأثيرات الإستراتيجية طويلة المدى لهجوم ينبغي أن تكون أكثر أهمية من التأثيرات التدميرية، الأمر (الهجوم على إيران) يشبه أن أجلب فتوة الحي وأصفعه ثم أقف أمامه، وهذا يعني أنك لم تفعل شيئا"، في إشارة إلى أن أي هجوم على إيران لن يقوض قدراتها.
قطاع غزة والضفة الغربية
اعتبر هايمن أن الجيش الإسرائيلي حقق نجاحا في العدوان الأخير على غزة، في مايو/أيار الماضي، وأن ذلك كان "نتيجة تفوق استخباراتي خلال المعركة، وبعد ذلك مباشرة، غياب رشقة النهاية من جانب حماس"، واعتبر أن "عدم إطلاق حماس ولو قذيفة صاروخية واحدة باتجاه دولة إسرائيل، رغم أنهم طوال 90 يوما لم يتلقوا أي مال قطري ولم تكن هناك أي إعادة إعمار ولا أي شيء يشبه الخطوات التي سبقت حارس الأسوار (العدوان الأخير)، أمر مثير للإعجاب"، على حد تعبيره.
هايمن: كلما كانت فترات الهدوء أطول، إسرائيل تنتصر. تنتصر في التكنولوجيا، الزراعة، الاقتصاد
وأشار إلى إطلاق الجهاد الإسلامي ثلاث قذائف صاروخية، وأردف أن "أحدا ما عمل على إنهاء ذلك بصورة سريعة. وليس بالإمكان المقارنة بين الوضع بعد حارس الأسوار والوضع بعد باقي العمليات العسكرية" العدوانية ضد قطاع غزة.
واستبعد هايمن إمكانية التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، واعتبر أن البديل هو توجيه "ضربات مدروسة فيما لا يوجد خيار، وفترات هدوء طويلة. وكلما كانت فترات الهدوء أطول، ازدهر الاستيطان في غلاف غزة، وعمليا هذا في صلب مفهوم انتصار الصهيونية الذي وضعه بن غوريون... يقول بن غوريون إنهم لن يقبلوا بنا أبدا في الشرق الأوسط. (لذا) كلما تكون فترات الهدوء أطول، إسرائيل تنتصر. تنتصر في التكنولوجيا، الزراعة، الاقتصاد. وعندما ترتفع أسعار البيوت في غلاف غزة، وترى جودة حياة في غلاف غزة، بالإمكان العيش في واقع معين".
وحول الوضع في الضفة الغربية، قال هايمن "إنني قلق من التحولات... الصراع الفلسطيني الداخلي بين حماس وفتح من شأنه أن ينتقل إلى الضفة، وإذا حدث هذا كصراع معين على خلافة (الرئيس) أبو مازن فإنه قد ينشئ واقعا أمنيا إشكاليا، وهذا مقلق. والآن، بالرغم من التحركات ومحاولات حماس تشجيع تنفيذ عمليات، إلا أن الواقع الآن يستند إلى واقع اقتصادي".
ووصف هايمن الأردن بأنها "عامل استقرار وشريك لنا في المخاوف والتموضع الإيراني وعامل يسمح بإمكانية الاستقرار في (المسجد الأقصى)، وفي القدس وفي الحلبة الفلسطينية".