لعقود روج الاحتلال الإسرائيلي لمحاكمة القائد النازي أدولف آيخمان، وإعدامه بعد اختطافه من الأرجنتين عام 1962، مثلما روج لملاحقة ضباط وجنود وقادة عسكريين من الجيش النازي، أشهرهم بعد أيخمان، جون ديميانيوك الملقب بـ" إيفان الرهيب" في أواخر الثمانينات، بعدما اتهمه بأنه "جزار معتقل نازي"، بموازاة صناعة كاملة "لصيادي النازييين" كان أبرزهم اليهودي الأميركي إيلي فيزيل.
لكن تقريرا موسعا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف، اليوم الجمعة، أنه بموازاة صناعة الدعاية الصهيونية لملاحقة النازية، فإن الاحتلال الإسرائيلي، تستر وتكتم على عدد من كبار القادة النازيين، بل ومنحهم حصانة من المحاكمة مقابل تعاونهم معه، أو مع أجهزة الاستخبارات التابعة لألمانيا الاتحادية، وللولايات المتحدة الأميركية.
وبحسب التقرير، الذي اعتمد على برنامج وثائقي للتلفزيون الرسمي الألماني ARD، وتقرير في صحيفة "نيويورك تايمز"، نشر، أخيراً، فإن قائد قوات الغستابو في النمسا، فرانز جوزيف هوبر، الذي كان الموازي في منصبه العسكري لأيخمان، لم يحظَ فقط بالعفو أو غض الطرف عن جرائمه بل "عاش معززاً" في ميونخ تحت اسمه الحقيقي وبشكل علني وعمل مع المخابرات الألمانية والأميركية، دون أن تطالب إسرائيل بتسليمه أو محاكمته، وذلك مقابل الحصول على معلومات منه ومن عشرات كبار المسؤولين والضباط النازيين الذين وافقوا على التعاون معها.
ونقلت الصحيفة عن رئيس الموساد الأول إيسر هرئيل قوله "كنا مستعدين من أجل أمن الدولة أن نعمل حتى مع الشيطان نفسه".
ووفقاً للتقرير، فقد كانت هناك تفاهمات بين الموساد والمخابرات الألمانية، تقضي بأن تستخدم إسرائيل ضباطاً سابقين من الجيش النازي، وأن تغض الطرف عن هؤلاء الضباط وعملهم في المخابرات الألمانية مقابل سماح المخابرات الألمانية وسكوتها عن قيام الموساد بعمليات على الأراضي الألمانية وسط خرق للقانون الألماني.
ودخلت هذه التفاهمات حتى في عمليات للشرطة وسلطات الأمن الألمانية، وتشويش عمليات تحقيق ألمانية، كتشويش التحقيق في مصير عالم الصواريخ الألماني، هاينتس كروغ، الذي كان شريكاً في المشروع الصاروخي المصري تحت قيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقام الموساد الإسرائيلي باختطافه في سبتمبر/أيلول من العام 1962، ثم إعدامه في تل أبيب وقذف جثته في البحر.