"على الأقل منذ عام 2016، بدأت حماس في التخطيط لشن هجوم السابع من أكتوبر". ما سبق هو زُبدة ما يمكن استنتاجه مما كشفته القناة 12 الإسرائيلية، مساء أمس، حول الملفات والمعلومات التي عثر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة التي يشنّها على القطاع، والتي بحسبها "كانت حماس تراقب مستوطنات غلاف غزة على مدار الساعة، وتدرس وتخطط لشن الهجوم".
طبقاً لهذه الوثائق، التي تدّعي القناة أن جيش الاحتلال عثر عليها "خلال عملياته في غزة"، كملفات ورقية، أو في حواسيب، فإن حماس تمكّنت من اختراق كاميرات المراقبة الأمنية في مستوطنات "غلاف غزة" والوصول إلى مواد داخلية حساسة، كما طاول اختراقها عناوين البريد الإلكتروني للإسرائيليين؛ حيث أدارت عمليات تعقّب بهدف ملء قوائمها بالأهداف المُعدّة للاغتيال.
المعلومات التي حازت عليها الحركة قبل شن عملية "طوفان الأقصى" حول الإسرائيليين ومستوطناتهم، استغرق جمعها سنوات، وفق القناة، حيث وصلت الحركة إلى الحواسيب في مستوطنات "الغلاف" ونجحت في جمع توثيقات مصورة من كاميرات المراقبة الأمنية، فضلاً عن ملفات تتضمن معلومات حساسة، بعد اختراق سيبراني طاول المنظومات الداخلية أيضاً.
غرفة قيادة وتحكم "واحدة"
في واحدة من مجموعات الوثائق المبوّبة تبيّن أن حماس تابعت وتعقبت جميع رؤساء السلطات المحلية في "غلاف غزة"، كما راقبت الضباط والعناصر الأمنيين، وكل إسرائيلي وإسرائيلية من مستوطني المنطقة. وقد استغلت هذه المعلومات بصورة ناجحة في الهجوم، حيث حددت رؤساء السلطات مثلاً بين أهدافها.
وتعليقاً على ما سبق، يلفت شَلوم بن حنان، وهو مسؤول سابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) إلى أن المعلومات التي جمعتها حماس "كانت دقيقة جداً جداً، وتفصيلية كما لو أنها معلومات يحوزها جيش كامل متكامل؛ حيث إن المعلومات استخدمت لإعداد ملفات أهداف لمهاجمتها".
وضمن المواد التي عُثر عليها، كانت هناك مقاطع مُصوّرة من كاميرات المراقبة والتي وثّقت تقريباً كل ما جرى في المستوطنات على مدار الساعة. هذه المقاطع التي كانت تصل إلى غرف القيادة والتحكم في السلطات الإسرائيلية، وصلت كذلك إلى غرف عمليات حماس في غزة. وما سبق، "لم يعلم به أحد"، وفقاً لما قاله أمنون زيف، وهو ضابط في شرطة شاطئ أشكلون، مضيفاً أنه "في العموم، الجميع شارك الصور الشخصية في واتساب وتلغرام...أنا نفسي أَرسلت لي حماس شريط فيديو مدّته 10 ثوانٍ تضمن صورة لي محمّلة من صفحتي على فيسبوك، وفي نهايته رسالة تقول سنصل إليك".
بنك أهداف متنوّع
بين ما عثر عليه في حواسيب حماس وثيقة تعود لتشرين الثاني/نوفمبر من عام 2020، أي ثلاث سنوات قبل "طوفان الأقصى". تكشف الوثيقة أن حماس وصلت إلى جميع عناوين الـIP، والأرقام التسلسلية لكاميرات المراقبة، والتي استطاعت من خلالها اختراق جميع هذه الكاميرات ورؤية كل شيء، من مستوطنة "كفار عزة"، مروراً بـ"شاعار هنيغف"، ثم "سديروت"، وليس نهاية بشاطئ عسقلان.
بالإضافة إلى كاميرات المراقبة، تمكّن عناصر حماس من جمع قائمة بأسماء جميع مُرَكِزي الأمن (عناصر أمن مساعدين للجيش)، وأرقام هواتف بوابات في المستوطنات، كما عُثر في الوثائق أيضاَ على رسالة من داخل البريد الإلكتروني لمُرَكِزي الأمن هؤلاء تعود إلى عام 2022؛ حيث كان هؤلاء العناصر يخططون لتنظيم إضراب.
في خضم ذلك، تشير القناة إلى أن حماس عرفت كل شيء حول اجتماع انعقد بين رؤساء السلطات المحلية وقادة أحد الفرق العسكرية في خضم حرب "درع وسيف" عام 2023. وفي أحد الحواسيب عُثر على وثيقة تظهر أن حماس راقبت رئيس مستوطنة "سدوت هنيغيف"، تمير عيدان، ومسؤوله الأمني، رافي، بينما كانا على الجدار الحدودي. كما عُثر كذلك على ملفات أهداف لكل واحدة من المستوطنات، وقد أرفقت هذه الأهداف بتقديرات حول وضعية الخطة الهجومية لكل مستوطنة على حدة.
حماس لم تحين معلوماتها؟
وفي هذا الإطار، ذكّرت القناة بمقتل رئيس المجلس الإقليمي "شاعار هنيغيف"، أوفير ليفشطاين، بالقرب من منزله في بداية الهجوم، وبنجاة رئيس مجلس المستوطنة ذاتها (عيدان) من هجوم شُن بقذائف الآر بي جي. أمّا غادي يركوني والذي كان حتّى وقت قريب رئيس مجلس "أشكول"، فقد نجا هو الآخر، لأن حماس وصلت إلى بيته القديم الذي كان يسكنه قبل ثلاث سنوات. وبحسب ما استخلصه يركوني، فإن حماس على ما يبدو إمّا لم تحين معلوماتها وإما "أنها ببساطة لم تعرف أنني قد انتقلت إلى منزل آخر". وبحسبه، فإن الجيش لم يكن يعلم بشأن المعلومات التي جمعتها حماس عن رؤساء المستوطنات، "فالجيش لم يحذّرنا ولم ينبس ببنت شفه.. وقد فوجئت أنه لم يكن لديه علم بذلك".
عملية طوفان الأقصى لم تطل فقط بيوت رؤساء السلطات المحلية أو المسؤولين الأمنيين، وإنما شملت كذلك محطات شرطة في أوفاكيم وسديروت، وأماكن جماهيرية عامة. ولم يكن الأمر محض صدفة؛ إذ في الوثائق المعثور عليها من عام 2016 كانت حماس قد حددت في الخرائط أماكن عامة كالعيادات والمكاتب والكُنس.. وبحسب القناة فإن هذه الوثائق تؤكد أنه على الأقل منذ سبع سنوات كانت حماس "تدرسنا وتتعقبنا وتعرف كل خطوة من خطواتنا".