قتل مسلّحون على متن دراجات نارية تسعة أشخاص بينهم طفلان في هجمات غامضة في مدينة بوكان الإيرانية، بينما تتصاعد الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني في ذكرى حملة القمع الدموية لتظاهرات 2019.
وقالت منظمة "هنكاو" الحقوقية التي تتخذ من أوسلو مقرّاً، إنّ متظاهراً قُتل في بوكان الخميس، بعدما أفادت عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل في معارك شوارع في غرب إيران الأربعاء.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الاحتجاجات التي بدأت بسبب وفاة مهسا أميني بعد توقيفها في 16 سبتمبر/أيلول، وتزامناً مع ذكرى مرور ثلاث سنوات على حراك شعبي احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود.
وبدأت الاضطرابات بسبب الغضب من التطبيق القاسي لقانون الحجاب الإلزامي، لكنّها تطوّرت إلى حركة واسعة ضدّ النظام الذي يحكم إيران منذ الثورة الإسلامية في العام 1979.
وفي واحد من أسوأ أعمال العنف منذ بدء الاحتجاجات، قتل مهاجمون على دراجات نارية الأربعاء سبعة أشخاص بالرصاص، بينهم امرأة وطفلان يبلغان من العمر 9 و13 عاماً، في مدينة إيزيه الواقعة غرب إيران.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) إنّ "مجموعة إرهابية استغلّت تجمّعاً للمتظاهرين أمام السوق المركزي في البلدة لفتح النار على الناس وضبّاط الأمن".
وأضافت الوكالة أنّ ثمانية أشخاص أُصيبوا بجروح، بمن في ذلك ثلاثة عناصر في الشرطة وعنصران من قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري.
وهذا الهجوم هو الثاني الذي تنسبه السلطات إلى "إرهابيين" منذ اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد على خلفية موت أميني. وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول، استهدف هجوم مرقداً دينياً في مدينة شيراز (جنوب)، ما أدّى الى مقتل 13 شخصاً وتبنّاه تنظيم داعش.
مقتل صبي في التاسعة من العمر
غير أنّ عائلة الصبي الذي يُدعى كيان برفالاك البالغ من العمر تسعة أعوام والذي قُتل في الهجوم، اتهمت قوات الأمن الإيرانية بشنّ الهجوم، في تغريدة نشرتها إذاعة "فاردا" وهي محطّة فارسية تموّلها الولايات المتحدة وتتخذ من براغ مقرّاً.
وسُمع أحد أفراد الأسرة لم يكشف عن هويته، وهو يقول في تسجيل صوتي "كان ذاهباً إلى المنزل مع والده واستُهدفا بالرصاص من قبل النظام الفاسد للجمهورية الإسلامية. وتعرّضت سيارتهما للهجوم من جميع الجهات".
وفي هجوم آخر وقع بعد ساعات في أصفهان، ثالث أكبر المدن الإيرانية، أطلق مهاجمان على متن دراجة نارية النار من أسلحة آلية على عناصر من قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري، ما أسفر عن مقتل عنصرين وإصابة اثنين آخرين بجروح، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية.
وأمر الرئيس إبراهيم رئيسي السلطات المعنية بـ"التحرّك فوراً لتحديد هوية منفّذي الاعتداء وتسليمهم إلى النظام القضائي لتتمّ معاقبتهم".
وفي مكان آخر، اتُهمت القوات الأمنية بقتل عشرة أشخاص على الأقل في 24 ساعة خلال التظاهرات التي شهدتها مدن بوكان وكاميران وسنندج، وفي سقز مسقط رأس أميني، حسبما أفادت "هنكاو" في وقت متأخر من الأربعاء.
وقالت المنظمة الحقوقية التي ترصد الانتهاكات في المناطق التي يقطنها الأكراد، إنّه تمّ رصد إطلاق النار الخميس في تلك المدن الأربع بالإضافة إلى مدن أخرى من بينها دهغولان وإيلام ومهاباد وروانسار.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرّها أوسلو في حصيلة محدّثة صدرت الأربعاء، إنّ قوات الأمن قتلت 342 شخصاً على الأقل، بينهم 43 طفلاً و26 امرأة، في حملة القمع منذ وفاة أميني.
وأضافت المنظمة أنه جرى اعتقال 15 ألف شخص على الأقل، وهو عدد تنفيه السلطات الإيرانية.
محاكمة صورية
وأصدرت إيران خمسة أحكام بالإعدام منذ الأحد مرتبطة بالاحتجاجات التي هزّت النظام في الجمهورية الإسلامية.
ودانت منظمة العفو الدولية الأربعاء "استخدام إيران المروّع لعقوبة الإعدام من أجل (ممارسة) المزيد من القمع الوحشي للانتفاضة الشعبية".
وقالت المنظمة الحقوقية التي تتّخذ من لندن مقرّاً لها إن السلطات تسعى إلى إنزال عقوبة الإعدام بحق 21 شخصاً على الأقل، في "محاكمات صورية تهدف إلى ترهيب" حركة الاحتجاج.
وقالت ديانا الطحاوي من منظمة العفو الدولية "يجب على السلطات الإيرانية أن تتراجع فوراً عن السعي لفرض حكم الإعدام، وتسقط كل التهم الموجهة إلى المعتقلين على خلفية مشاركتهم السلمية في الاحتجاجات".
وأضافت "بعد شهرين من الانتفاضة الشعبية وثلاث سنوات على احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، فإنّ أزمة الإفلات من العقاب السائدة في إيران تمكّن السلطات الإيرانية ليس فقط من الاستمرار في تنفيذ عمليات القتل الجماعي، ولكن أيضاً من تصعيد استخدام عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي".
وتتهم إيران الدول الغربية التي تستضيف وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، بما في ذلك بريطانيا، بتأجيج الاضطرابات.
وقالت وكالة الاستخبارات الداخلية البريطانية "ام اي 5" الأربعاء إن إيران أرادت خطف أو قتل أفراد مقيمين في المملكة المتحدة تعتبرهم "أعداء للنظام"، بينما تمّ الكشف عن عشر مؤامرات على الأقل حتى الآن هذا العام.
(فرانس برس)