أصيب عشرات الفلسطينيين، اليوم الجمعة، بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي فعاليات ومسيرات ضد إقامة المستوطنين بؤراً استيطانية في عدة محافظات من الضفة الغربية.
وإلى الشرق من بلدة كفر مالك، شرق مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المئات من الفلسطينيين من الوصول بمسيرة حاشدة نحو منطقة راس التين والتي يستهدفها المستوطنون بإقامة بؤرة استيطانية هناك، ومنع عدد من الصحافيين من الوصول إلى المكان لتغطية الفعالية، لكن مواجهات اندلعت قرب قرية كفر مالك لا تزال مستمرة بعد قمع الاحتلال للمسيرة السلمية، ما أوقع إصابة بقنبلة غاز بالوجه وإصابتين بجروح بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بحالات اختناق بالغاز.
وقال المدير العام لدائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، عبد الله أبو رحمة، لـ"العربي الجديد": "إن قوات الاحتلال استهدفت المشاركين بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، لكن هذا القمع لن يثنينا ونحن مستمرون حتى زوال الاحتلال".
وتكمن خطورة البؤرة الاستيطانية في راس التين، وفق أبو رحمة، في محاولة الاحتلال السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية الممتدة من كفر مالك حتى نبع العوجا في الأغوار، حيث أطماع الاحتلال مستمرة للسيطرة على الأغوار، وإن تراجعت خطط الضم في العلن، فالاحتلال يمارس الضم على أرض الواقع.
بينما أوضح عضو إقليم حركة فتح في محافظة رام الله والبيرة أمين شومان، وهو أيضاً ناشط من قرية أبو فلاح المجاورة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من إقامة البؤرة الاستيطانية في راس التين، الممتدة على سلسلة من الجبال، هو الاستيلاء على الأراضي المحيطة ومنع المواطنين من الوصول إلى عين العوجا وكذلك المزارعين الذين لديهم أراضٍ خلف هذه الجبال، وهو أمر يعني "الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي والواقعة بين قرى وبلدات: المغير، وكفر مالك، وأبو فلاح.
وأوضح شومان أن هذه الفعاليات في راس التين مستمرة للأسبوع الثالث على التوالي رفضاً لإقامة البؤرة الاستيطانية الاستيطان، حيث جرى قمع الفعالية اليوم رغم أنها سلمية.
جعفر حمايل، وهو ناشط من كفر مالك، أكد لـ"العربي الجديد" أنّ الأهالي مستمرون في فعالياتهم دون تهاون حتى إزالة البؤرة الاستيطانية في راس التين، إذ إن الأهالي لديهم العديد من الأمور الضاغطة على الاحتلال حتى إجبار المستوطنين على إزالة البؤرة الاستيطانية.
وأكد حمايل أن "موقع راس التين استراتيجي مشرف ومطل على آلاف الدونمات وعلى الأغوار، ومطامع الاحتلال في هذه المنطقة قديمة، إذ سبق أن أقام المستوطنون بؤراً، وسنتمكن من إزالة هذه البؤرة ونحن مستمرون بفعالياتنا حتى إزالتها".
من جانب آخر، أصيب خمسة بجروح والعشرات باختناق خلال مواجهات عند المدخل الشرقي لقرية المغير شمال شرق رام الله، حيث أفاد عضو المجلس القروي للقرية مرزوق أبو نعيم، لـ"العربي الجديد"، بأن أحد المصابين تم نقله للمشفى بعد إصابته بجروح في بطنه، ووصفت وزارة الصحة إصابته بالحرجة فور وصوله إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، فيما أصيب أربعة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط عولجوا ميدانياً، مؤكداً إطلاق قوات الاحتلال الرصاص والقنابل الغازية حتى بين المنازل.
وتندلع المواجهات للأسبوع الثالث على التوالي تزامناً مع الفعاليات التي تنطلق ضد بؤرة استيطانية على أراضي قرية كفر مالك المجاورة، فيما يعد المدخل الشرقي للمغير طريقاً لأراضي القرية القريبة من البؤرة الاستيطانية، ما يعني خشية للأهالي من مصادرتها أيضاً في حال تثبيت البؤرة الاستيطانية.
وإلى الشمال من الضفة الغربية، وتحديداً في المنطقة الغربية من مدينة سلفيت، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة وفعالية سلمية للمرة الثالثة على التوالي خلال خمسة أيام، ضد إقامة بؤرة استيطانية هناك.
وأوضح مدير الإعلام في محافظة سلفيت معين ريان لـ"العربي الجديد" أن الأهالي وبدعوة من فصائل العمل الوطني اليوم، أدّوا صلاة الجمعة على أرض ملعب مستهدف ومخطر بالإزالة في المنطقة الغربية وقرب مكان البؤرة الاستيطانية، ثم كانت ستتجه نحو موقع البؤرة، لكن جيش الاحتلال وبشكل مفاجئ اقتحم المنطقة ومنع المشاركين من الوصول إلى هناك، وقمع المسيرة وحدثت مواجهات، ما أوقع عشرات الإصابات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع وبجروح بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.
وقمع جيش الاحتلال والمستوطنون يوم الاثنين الماضي فعالية سلمية في موقع تلك البؤرة في سلفيت، ما أوقع إصابات كثيرة، ويوم أمس الخميس، قمع الاحتلال فعالية أخرى في ذات المكان ما أوقع عشرات الإصابات.
وفي بلدة بيت دجن شرق نابلس شمال الضفة الغربية، تداعى الأهالي واللجنة الشعبية للدفاع عن الأراضي في بيت دجن، اليوم الجمعة، إلى فعالية زراعة وحراثة الأراضي المستهدفة بالاستيطان شارك فيها المئات، وذلك بعد يومين من إزالة بؤرة استيطانية أقامها مستوطن على أراضي البلدة من ناحيتها الشمالية الشرقية، استمرت لنحو شهرين، لكن قوات الاحتلال حاولت منع الأهالي من زراعتها، ورغم ذلك أصروا على حراثتها وزراعتها، وفق ما أكده منسق لجنة الدفاع عن الأراضي في بيت دجن نصر أبو جيش لـ"العربي الجديد".
وأوضح أبو جيش أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه الأهالي واعتدت عليهم بالضرب بشكل وحشي، ما أوقع عشرات الإصابات بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع وبرضوض وخدوش وقد عولجوا جميعاً ميدانياً باستثناء أحدهم تم نقله للمستشفى لتلقي العلاج.
في سياق آخر، أصيب عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية شمال الضفة الغربية، حيث أوضح منسق المقاومة الشعبية في كقر قدوم مراد اشتيوي لـ"العربي الجديد" أن قوات الاحتلال قمعت بعد ظهر اليوم الجمعة، المسيرة السلمية الأسبوعية في القرية، والتي تطالب بفتح البوابة التي تغلق الشارع الرئيسي للقرية منذ عام 2003، وخرجت هذه المرة في إطار الدعوات لتصعيد المقاومة الشعبية، ما أوقع عشرات الإصابات بالاختناق تمت معالجتها ميدانياً.
إلى ذلك، حاول مستوطن متطرف إضرام النار، عصر اليوم الجمعة، في كنيسة الجثمانية إلى الشرق من البلدة القديمة من القدس قبل ان تعتقله قوات الاحتلال التي هرعت إلى المكان وأغلقت محيطه.
وأفادت مصادر "العربي الجديد" بأن أضراراً لحقت ببعض المقاعد داخل الكنيسة بسبب قيام المعتدي بصب مواد حارقة عليها.