كشفت مصادر مصرية خاصة عن مشاورات أمنية مصرية إسرائيلية جرت أخيراً، تضمنت طلباً من الاحتلال بالضغط على حركة حماس.
وأوضحت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن المسؤولين من الجانب الإسرائيلي "طلبوا من القاهرة خلال مباحثات أمنية واقتصادية شارك فيها مسؤولون بجهاز الاستخبارات المصري، والموساد الإسرائيلي، ضرورة الضغط على حركة حماس، بزعم رصدهم خططاً للحركة متعلقة باستهداف منشآت اقتصادية وحيوية إسرائيلية في البحر، عبر الكوماندوس البحري التابع لكتائب القسام".
وبحسب المصادر نفسها، فإن الجانب الإسرائيلي "أطلع المسؤولين المصريين على ما ادّعاه بشأن خطط لحركة حماس لاستهداف منصات غاز ومنشآت نفطية في البحر"، موضحة أن "ما يعزز المخاوف الإسرائيلية في هذا الصدد هو تسرّب صواريخ بحر ــ بحر للحركة، بخلاف معدات بحرية منها زوارق سريعة".
طلب إسرائيل من مصر الضغط على "حماس"
وأضافت المصادر أن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا للمصريين خلال المباحثات الأخيرة أن "مطلبهم بشأن التدخل لدى حركة حماس، لكون مثل تلك التحركات من شأنها التأثير بشكل واضح على التعاون بين تل أبيب والقاهرة في ما يخصص التوسع في تصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر، سواء إلى أوروبا أو إلى بلدان عربية".
وأعلنت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرار، يوم الاثنين الماضي، عن "تشكيل فريق عمل بين إسرائيل ومصر وأوروبا لتوريد الغاز الطبيعي لأوروبا".
وقالت الحرار إن إسرائيل تستعد لجولة أخرى من مناقصات التنقيب عن الغاز الطبيعي، معبّرة عن أملها في توقيع مذكرة تفاهم قريباً بشأن صادرات الغاز إلى أوروبا.
وأصدرت الوزيرة تعليماتها للوزارة بـ"الاستعداد لجولة جديدة من العطاءات للتنقيب عن الغاز قبالة ساحل إسرائيل على البحر المتوسط، والتي من المتوقع أن تبدأ في الربع الثالث من العام".
ووفقاً للتقارير الإسرائيلية، فإنه سيتم تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال في مصانع الإسالة المصرية قبل شحنه إلى الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن يفتح الاتفاق سوقاً جديدة لإسرائيل، لأن أسعار الغاز المحلي أقل بكثير من الأسعار التي يمكن أن تجنيها في أوروبا.
وشددّت المصادر على أن "هناك حالة واسعة من التخوف بشأن تعاون بين إيران وحلفاء لها في المنطقة، للقيام بأعمال انتقامية رداً على الضربات الأخيرة التي طاولت العمق الإيراني".
هنية رفض منح تعهداً أو ضمانات لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع داخل فلسطين المحتلة
وأوضحت المصادر أن "الفترة الحالية تشهد تعاوناً استخباراتياً وأمنياً واسعاً بين القاهرة وحكومة الاحتلال، على صعيد ملفات متعددة بالمنطقة، منها ما يتعلق بأمن البحر الأحمر، والأوضاع في المناطق الحدودية المشتركة، وملاحقة العناصر المتطرفة في سيناء".
وأشارت إلى أن القاهرة "تسعى عبر التدخل لدى حركة حماس خلال الأيام المقبلة إلى ضم ملف تأمين المنشآت البترولية، إلى ملف التهدئة بين الحركة وحكومة الاحتلال، مع التأكيد على أن أي عمل عدائي ضدها يتقاطع مع المصالح المصرية".
وكان طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، قد أعلن، يوم الأحد الماضي، أن هنية رفض "منح تعهد أو ضمانات لأي طرف لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع داخل فلسطين المحتلة"، وذلك في أعقاب اتصالات من بعض الأطراف معه من أجل احتواء الموقف، وعدم تدهور الأمور أكثر مما جرى.
وفي المقابل، كشفت المصادر المصرية عن برنامج تعاون مصري إسرائيلي لرصد الطائرات المسيرة الهجومية، تم تدشينه أخيراً، بغرض تبادل المعلومات الاستخبارية، وربط أجهزة الرصد فيما يخص مناطق المصالح المشتركة.
وأثار غزو روسيا لأوكرانيا إدانة دولية وتحركاً من قبل مشتري الغاز الروسي لتأمين إمدادات بديلة، نظراً لأن الاتحاد الأوروبي استورد نحو 40 في المائة من الغاز من روسيا العام الماضي، فستحتاج إلى الاستفادة من مصادر متعددة للوقود، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الطاقة المتجددة لتلبية الطلب.
ويخدم الغاز الإسرائيلي السوق المحلية وكذلك مصر والأردن المجاورين، وسيشمل إرسال الوقود إلى أوروبا مصانع التسييل المصرية في إدكو ودمياط.
وتخشى حكومة الاحتلال تنفيذ حماس عمليات نوعية ضد أهداف إسرائيلية على الساحل، تشمل عمليات "استشهادية" ضد سفن حربية أو اقتحام المستوطنات بهدف الحصول على رهائن.
وفي مايو/ أيار 2021 كشفت حكومة الاحتلال الإسرائيلي النقاب عن تفاصيل امتلاك حركة حماس قطعاً بحرية قادرة على حمل متفجرات، ويجرى توجيهها عن بعد باستخدام نظام تحديد المواقع "جي بي أس" استخدمتها الحركة في تنفيذ هجمات بحرية.
وأشارت حكومة الاحتلال وقتها إلى أن حماس تمتلك غواصات مسيرة مزودة بمنظار "جي بي أس" قادرة على حمل 50 كيلوغراماً من المتفجرات، لافتة إلى أن الحركة حاولت استهداف منصة لاستخراج الغاز تبعد 20 كيلومتراً عن شواطئ قطاع غزة باستخدام إحدى هذه الغواصات، ولكنها أخطأت الهدف.
تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر
وشرعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر أخيراً، في إطار صفقة هي الأهم التي وقعتها الدولة العبرية مع جيرانها منذ التطبيع مع مصر في عام 1979.
وذكر مصدران نفطيان من مصر أن البلاد بدأت تلقي الغاز الإسرائيلي بواقع 200 مليون قدم مكعب يومياً وتزيد بشكل تدريجي. وقالت المصادر المصرية إنه "منذ بدأت إسرائيل تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في يناير/ كانون الثاني 2020، تنفيذاً لاتفاق تشتري بموجبه شركة دولفينوس 85 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 19.5 مليار دولار من حقلي ليفياثان وتمار على مدى 15 عاماً، أصبحت مصر صاحبة مصلحة في الحفاظ على أمن الحقول الإسرائيلية".
وأوضحت المصادر أن "أحد أهداف الخطط الإسرائيلية لتنفيذ صفقات اقتصادية مع الدول العربية هو إدخال هذه الدول في شراكات تجعلها حريصة على أمن إسرائيل، وهي النظرية التي روج لها سابقاً رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، والمعروفة بنظرية السلام الاقتصادي".
باتت مصر صاحبة مصلحة في الحفاظ على أمن الحقول الإسرائيلية
ويذكر في هذا السياق أنه يجرى توريد الغاز عن طريق خط أنابيب تحت المياه يربط الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل، وشبه جزيرة سيناء في مصر.
ووصف المسؤولون في دولة الاحتلال تصدير الغاز بأنه "أهم صفقة تبرم منذ توقيع البلدين اتفاقية سلام تاريخية في 1979". وبحسب مصادر في قطاع الطاقة المصري، فإن جزءاً كبيراً من الغاز الذي يتم استيراده من إسرائيل يخضع لعمليات الإسالة في محطتي إدكو ودمياط ثم يعاد تصديره مرة أخرى إلى أوروبا.
وقالت المصادر إنه "لولا استيراد مصر لهذه الكميات من الغاز، لم تكن دولة الاحتلال الإسرائيلي قادرة على التصرف فيه، ذلك لأن الغاز يحتاج إلى إسالة أولاً قبل تصديره، ومصر هي الدولة القريبة التي تمتلك محطات إسالة. ومحطات الإسالة تكلّف مبالغ طائلة، ومدة زمنية طويلة لبنائها، وهو ما يجعل فكرة تنفيذها من قبل الطرف الإسرائيلي غير اقتصادية بالمرة".
ولفتت المصادر إلى أن "حاجة دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى مصر في مجال الطاقة تتضاعف، لا سيما مع وجود شكوك حقيقية حول الجدوى الاقتصادية للمشروع الذي اتفقت حكومات أوروبية مع إسرائيل في 2018 على المضي قدماً فيه والمعروف باسم غاز شرق المتوسط. وهو خط أنابيب تتراوح كلفته بين 6 إلى 7 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ينقل مبدئياً 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً من إسرائيل والمياه الإقليمية القبرصية مروراً بجزيرة كريت اليونانية، إلى البر اليوناني الرئيسي وصولاً لشبكة أنابيب الغاز الأوروبية عبر إيطاليا، لكنه تعطل لأسباب اقتصادية وجيوسياسية".