كشفت مصادر مصرية وفلسطينية مطلعة تفاصيلَ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي، والذي دخل حيز التنفيذ في الرابعة من فجر اليوم الإثنين.
وأشارت مصادر مصرية وفلسطينية لـ"العربي الجديد"، إلى أن بنود الاتفاق الجديد، تضمن بدء إسرائيل مباشرة، فور وقف إطلاق النار، في تنفيذ التفاهمات المتأخرة من اتفاق التهدئة، وفي مقدمِها توسيع مساحة الصيد البحري إلى 15 ميلًا، إضافة إلى زيادة نسب الوقود الداخل إلى محطات كهرباء غزة لزيادة قوة الكهرباء وعدد ساعاتها خاصة مع دخول شهر رمضان، بالإضافة إلى تسهيل عملية إدخال البضائع إلى القطاع، وكذلك تسهيل عمليات التصدير منه.
كما تضمن الاتفاق- بحسب المصادر- عدم إطلاق قوات الاحتلال النار صوب المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة، مؤكدين أن أي اتفاق سيكون لاغيًا، في حال تم انتهاك هذا البند، مشددين على أن كافة الأهداف الإسرائيلية ستكون مباحة في حال أطلق النار على المتظاهرين. كما أوضحت المصادر أن الاتفاق تضمن وقف سياسة الاغتيالات، سواء أكانت في صفوف القيادات أم النشطاء السياسيين والعسكريين.
وبحسب المصادر المصرية، فقد اشترطت الفصائل الفلسطينية، وفي سابقة ربما تكون الأولى من نوعها، أن يسري الاتفاق على السكان، في الضفة والقدس المحتلة، بتخفيف الإجراءات الأمنية ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، وكذلك شمل أيضًا تسهيلات للأسرى في سجون الاحتلال.
وقالت مصادر مصرية، على صلة بملف المفاوضات مع وفد حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الموجود في القاهرة، في حديث مع الـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات هذه المرة كانت الأصعب بين المرات السابقة، في ظل دخول متغيرات جديدة في موقف الفصائل التي أبدت استعدادها ليس فقط لمواصلة المواجهة، بل وتصعيدها إذا لزم الأمر، وتنفيذ ضربات نوعية متطورة، كشفت عن استعداد استخباراتي ومعلوماتي متطور.
وأكدت المصادر المصرية أنه "في كل مرة يكون الجانب الإسرائيلي هو البادئ بمطلب وقف إطلاق النار لدى الوسيط المصري، ظنًا منه أنه سيوجه ضرباته العسكرية التي يسعى من ورائها لتحقيق أهداف محددة، وأن الفصائل سرعان ما ستلبّي دعوة وقف إطلاق النار قبل أن ترد، لافتة إلى أن الجولة الأخيرة من التصعيد، شهدت تطور الهجمات التي نفذتها المقاومة والتي وصلت إلى أهداف يتم تصنيفها بالعمل الاستخباراتي، لذلك ردت إسرائيل باغتيال القيادي القسامي حامد الخضري، لإيصال رسائل استخباراتية تؤكد استمرار قدرته على الوصول إلى القيادات الفعلية على الأرض، والقيادات أصحاب المهام الخاصة، مثل الخضري الذي يصفه الجانب الإسرائيلي بأنه مسؤول نقل الأموال من إيران إلى قطاع غزة".
وأوضحت المصادر أن الهجمات النوعية التي نفذتها الأجنحة المسلحة، ليلة أمس، قبل وقف إطلاق النار، أسهمت بدرجة كبيرة في التسريع بالوصول إلى الهدنة، قائلة: "الأسلحة التي أظهرت المقاومة جزءًا منها، مع تنفيذ كتائب القسام هجمة جوية على هدف عسكري إسرائيلي، واستهداف شخصيات عسكرية إسرائيلية بارزة.. كل ذلك كان حاضرًا على مائدة مفاوضات الوسيط المصري مع وفدي الحركتين".
في هذه الأثناء، قال قيادي بارز بحركة "حماس" إن قطر أدت دورًا كبيرًا في التوصل لوقف إطلاق النار عبْر سلسلة من الاتصالات مع أطراف الأزمة المختلفين، كاشفًا أن تدخل الدوحة عبر إعلانها مواصلة إدخال المنحة المقدمة لموظفي القطاع، كان من بين العوامل المساعدة على التوصل للاتفاق، بعد تأكيدات إسرائيلية بالتزام إدخال المنحة بالطريقة التي يختارها الجانب القطري.
ونفى القيادي الحمساوي مزاعم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي حاول خلالها الظهور كمنتصر من الجولة الأخيرة، قائلًا: "ما اطلع عليه الوسطاء يوضح ما حدث بالضبط"، مشددًا على أن غالبية الأهداف التي استهدفها طيران الاحتلال كانت أهدافًا مدنية"، متابعًا: "ستظل أجهزته الأمنية والاستخباراتية تدرس الهجمات التي نفذتها المقاومة والرسائل التي بعثت بها طويلًا".
وكان نتنياهو اعتبر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجّه ضربة قاسية لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، قائلًا في تصريحات إعلامية "إن المعركة لم تنته بعد، وإنه يتم التأهب والاستعداد للمتابعة".
وأضاف كوهين: "ستندلع حرب وعلينا أن نأتي إلى الجولة المقبلة ونحن على أهبة الاستعداد، ونعتمد عنصر المفاجأة والاغتيالات، فمن يعتقد أننا ذاهبون إلى تسوية سياسية لا يعرف الواقع، نحن نتصرف بمسؤولية، وعلينا أن نأتي ونغير قواعد اللعبة". وبحسب كوهين، فإن عملية الاغتيالات عززت قدرة الردع التي لا تزال بحاجة إلى تحسين.
من جانبه، اعتبر المتحدث باسم حركة "حماس"، سامي أبو زهري، أن "المقاومة في غزة نجحت في ردع نتنياهو، ومرّغت أنفه بالتراب". وقال أبو زهري، في تغريدة على موقع "تويتر"، إن "تصريحات نتنياهو حول ضرْب المقاومة تثير الاستهزاء"، معتبرًا أنّ "هذه الجولة انتهت لكن المواجهة لن تنتهي إلا باسترداد الحقوق".