كشفت مصادر برلمانية وحكومية مصرية، عن إرجاء نقل الوزارات للعمل من العاصمة الإدارية الجديدة من ديسمبر/كانون الأول الحالي، إلى مارس/آذار المقبل، نتيجة عدم استيفاء التجهيزات اللوجستية والفنية الخاصة بالانتقال، واعتراض بعض الوزارات على تصاميم المنشآت المخصصة لها، ومطالبتها بإجراء تعديلات عليها، بسبب عدم جاهزيتها لأعداد الإدارات المركزية والعاملين فيها.
وقالت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن صعوبة انتقال الحكومة إلى العاصمة الجديدة (تقع في قلب الصحراء على بعد 45 كيلومتراً شرقي القاهرة) في الوقت الراهن، من شأنها تأجيل التعديل الوزاري الذي كان مقرراً نهاية هذا العام. ويشمل هذا التعديل حقائب عدة أبرزها الصحة والاتصالات والتموين والتجارة الداخلية والقوى العاملة وقطاع الأعمال العام والثقافة والإعلام، مع الإبقاء على مصطفى مدبولي في منصب رئيس الوزراء، الذي يشغله فعلياً منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وبصورة رسمية منذ يونيو/حزيران 2018.
التعديل الوزاري مرتبط بانتقال الحكومة الجديدة للعمل من العاصمة الإدارية
وأضافت المصادر أن إجراء التعديل الوزاري مرتبط بانتقال الحكومة الجديدة للعمل من العاصمة الإدارية. وأوضحت أن التلويح دوماً بإجراء تعديل حكومي يسهم في فرض السيطرة على الوزراء، وتنفيذهم التعليمات الواردة إليهم من دائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أملاً في الاستمرار بمناصبهم، وعدم استبدالهم بآخرين.
وتابعت المصادر أن الوزارات الخدمية التي تمتلك العدد الأكبر من الموظفين، لن تسمح لجميع موظفيها بدخول العاصمة الجديدة، بل ستقتصر عملية الانتقال على العاملين في دواوينها، ومكاتب وزرائها، وإداراتها المركزية، بشرط الانتهاء أولاً من شبكات الاتصال والتجهيزات اللوجستية اللازمة لذلك.
وكان مدبولي كلف نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، بأعمال وزارة الصحة، إثر تفجر قضية رشوة مدير إدارة العلاج الحر وأربعة من مساعديه في الوزارة، وطلب الوزيرة هالة زايد لإجازة مرضية، بعد فتح النيابة العامة تحقيقات موسعة في القضية، والتي لم تعلن حتى الآن عن نتائجها.
وشمل آخر تعديل على حكومة مدبولي، في ديسمبر/كانون الأول 2019، تغيير وزراء الطيران المدني والتضامن الاجتماعي والسياحة والآثار والتجارة والصناعة والزراعة والإعلام وكذلك التعاون الدولي بعد فصل هذه الوزارة عن وزارة الاستثمار، ونقل صلاحيات وزارة الاستثمار إلى رئيس الوزراء.
وتعتمد هيئة الرقابة الإدارية، المسؤولة عن التحريات حول المرشحين للحقائب الوزارية، في جمع معلوماتها على ضباط الاتصال التابعين لها في كل دواوين الوزارات، وعلى مديري مكاتب الوزراء الحاليين، ومعظمهم من ضباط الهيئة والشرطة السابقين.
وزراء مصريون مستبعد تغييرهم
وأعلنت الحكومة في 25 إبريل/نيسان الماضي استقالة وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل لـ"ظروف خاصة"، بعدما تعرض على مدار عام تقريباً لهجوم من الأغلبية البرلمانية التابعة لحزب "مستقبل وطن"، ووسائل الإعلام الموالية للنظام، استجابة منها لتعليمات الضابط النافذ في المخابرات العامة أحمد شعبان، بسبب تصريحات سابقة لهيكل انتقد فيها طريقة تسيير وسائل الإعلام المصرية.
من المستبعد شمول التعديل المرتقب وزراء في المجموعة الاقتصادية
وتنص المادة 129 من لائحة مجلس النواب، على التصويت على التعديل الوزاري "جملةً واحدة"، فيما تنص المادة 147 من الدستور على أن "لرئيس الجمهورية حق إعفاء الحكومة من أداء عملها، بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء، وموافقة المجلس بالأغلبية المطلقة للحاضرين؛ وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس"، ما يعني أنها أغلبية خاصة تتطلب حضور أكبر قدر من نواب الأغلبية.
وكشفت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، بعضاً من كواليس الترتيبات الخاصة بالتعديل الوزاري المنتظر، قائلة إن الترتيبات الخاصة بحقيبتي الدفاع والداخلية تثير جدلاً داخل دائرة صنع القرار الضيقة المحيطة بالسيسي. وأضافت أن الترتيبات الخاصة بالتغييرات الجديدة، وملف وزارة الخارجية، من الأسباب التي تساهم في تأخير التعديل الوزاري.
عقيدة السيسي لمنع خلق مراكز قوى
ووفق المصادر، فإنه تم الاستقرار على 90 في المائة من أسماء المرشحين لتولي الحقائب التي سيشملها التعديل، والتي يأتي من بينها، التنمية المحلية، والبيئة، والتربية والتعليم، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن حقيبة الري والموارد المائية ما زال هناك جدل بشأنها، في وقت يتمسك فيه جهاز المخابرات العامة باستمرار الوزير الحالي محمد عبد العاطي، الذي يلقى أداؤه قبولاً لدى الجهاز الذي يتولى إدارة ملف سد النهضة.
تم الاستقرار على 90 في المائة من أسماء المرشحين لتولي الحقائب التي سيشملها التعديل
وكان اللواء محمود توفيق قد أدى اليمين الدستورية وزيراً للداخلية خلفاً للواء مجدي عبد الغفار، في يونيو/حزيران 2018، ضمن تعديل وزاري شمل كذلك أداء الفريق محمد زكي اليمين الدستورية وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي خلفاً للفريق أول صدقي صبحي.
وأخيراً، نشرت الجريدة الرسمية تصديق السيسي على قانون جديد يفرض مزيداً من السيطرة على قيادة القوات المسلحة، ويتضمن إدخال تعديلات تخص المؤسسة العسكرية، أهمها قصر مدة بقاء رئيس الأركان، وقادة الأفرع، ومساعدي وزير الدفاع، في مناصبهم، على سنتين بدلاً من 4 سنوات، ما لم يقرر السيسي مد خدمتهم.
كذلك، وافق مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه على مشروع قانون قدمته الحكومة للبرلمان في 13 يونيو الماضي لتعديل ثلاثة قوانين هي؛ شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة رقم 232 لسنة 1959، وخدمة ضباط الشرف والصف والجنود بالقوات المسلحة رقم 123 لسنة 1981، إضافة إلى قانون القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع عن الدولة وعلى القوات المسلحة رقم 4 لسنة 1968.
وتضمّن القانون الجديد تعديل سبع مواد بالقانون الأول، وإضافة مادتين له، وإلغاء مادة، ليتضمن قصر تشكيل القوات الفرعية للقوات المسلحة على قوات حرس الحدود بدلاً من قوات السواحل والحدود والقوات البحرية بالموانئ في القانون القديم.
وشملت المواد المعدلة كذلك، تعديل فئات القوات الإضافية بالقوات المسلحة لتشمل قوات الاحتياط والاحتياط التكميلي "الضباط والأفراد المكلفين"، بالإضافة إلى قوات الدفاع الشعبي والعسكري، والقوات الأخرى التي تقتضي الضرورة إنشاءها بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتصديق رئيس الجمهورية.