أرجأت محكمة النقض المصرية، الاثنين، نظر الطعن المقدم من مئات المعتقلين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"فض اعتصام رابعة"، بشأن الأحكام الصادرة ضدهم من محكمة الجنايات في سبتمبر/ أيلول 2018، التي راوحت بين الإعدام والسجن المؤبد والمشدد، إلى جلسة 8 مارس/ آذار المقبل.
وضمت قائمة المعتقلين في القضية 739 متهماً، أبرزهم المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" محمد بديع، ونواب البرلمان السابقين محمد البلتاجي، وأسامة ياسين، وعصام سلطان، فضلاً عن وزير التموين السابق باسم عودة، ونجل الرئيس المنتخب الراحل أسامة مرسي، والداعية الإسلامي صفوت حجازي.
وعلى خلاف الحقيقة، نسبت النيابة العامة إلى المعتقلين على ذمة القضية، اتهامات منها: "تدبير تجمهر بميدان رابعة العدوية، والاشتراك فيه، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين، وقوات الشرطة المكلفة فضّ التجمهر، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل".
وقضت المحكمة بمنع جميع المتهمين من التصرف في أموالهم، ما يعني التحفظ عليها لمصلحة الدولة، فضلاً عن أخذ ما تقدره الدولة منها على سبيل التعويض عن "الأضرار التي سبّبوها خلال الاعتصام"، إلى جانب عزل الموظفين الحكوميين منهم من الوظيفة العامة، ومن ثم حرمانهم المعاش والمزايا الوظيفية الأخرى.
وأحال النائب العام المصري الراحل هشام بركات المئات من المعتقلين، في أحداث الفض الدموي لاعتصام "رابعة العدوية"، الذي خلّف قرابة ألف وخمسمئة ضحية بين صفوف المعتصمين السلميين، على المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات أمن الدولة العليا في عام 2015، برئاسة المستشار حسن فريد، الملقب إعلامياً بـ"قاضي الإعدامات".
وقررت المحكمة إحالة 75 من القيادات السياسية والحزبية، من غير المتورطة في أحداث عنف، على مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، ما أعقبه رفض دولي واسع لغياب ضمانات المحاكمة العادلة، وتقدم الدفاع بطعن على أحكام الإدانة أمام محكمة النقض، التي استمعت إلى مرافعة الدفاع على مدار عدة جلسات، علماً أن أحكامها تعد باتّة (نهائية)، وواجبة النفاذ، ولا يجوز الطعن عليها.
وفي 5 نوفمبر/ تشرين الماضي، عاقبت الدائرة الثانية (إرهاب) بمحكمة جنايات القاهرة 59 معارضاً من المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"فض اعتصام رابعة" بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً، و7 متهمين من الأحداث (القصر) بالسجن لمدة 5 أعوام، وبراءة 29 آخرين ضمن إجراءات إعادة محاكمة 95 متهماً في القضية.
وواجه المتهمون في القضية اتهامات مزعومة بـ"تدبير تجمهر مسلح، والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية (هشام بركات حالياً) خلال عام 2013، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين، وقوات الشرطة المكلفة فضّ تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل".
وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت قرار محكمة جنايات القاهرة بإعدام 75 معارضاً لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنه "يفتقر إلى أدنى ضمانات العدالة"، فيما أدان "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" تجاهل المحاكمة لمرتبكي الجريمة الأصليين، وهم قوات الشرطة المتورطة في فض الاعتصام بالقوة، وإدانة الضحايا من المعتصمين السلميين.
وأصدر السيسي - في وقت سابق - قانون معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذي يجيز له إصدار قرار بتحديد بعض الشخصيات العسكرية، ممن تولوا مناصب قيادية في فترة تعطيل الدستور التي وقعت خلالها أحداث فضّ اعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، ومنحهم حصانة نهائية من أي إجراءات قضائية بشأن أي جرائم وقعت منهم، أو بمناسبة توليهم مناصبهم.
ونصّ القانون على منحهم حصانة دبلوماسية تقيهم الملاحقة القانونية خارج مصر، رداً على محاولة العديد من الناشطين الحقوقيين تحريك دعاوى أمام الجهات القضائية الدولية والمحلية في دول أجنبية لتوقيف السيسي، وقيادات أخرى، باعتبارهم مسؤولين عن مذبحة "رابعة العدوية" التي تصنف كجريمة ضد الإنسانية، وفق مراقبين.
وسقط خلال اعتصام "رابعة العدوية" مئات الضحايا من المواطنين العزَّل، من دون مساءلة شخص واحد ينتمي إلى الجيش أو الشرطة، الأمر الذي دفع منظمة العفو الدولية إلى إعادة محاكمة المتهمين في القضية أمام هيئة قضائية محايدة، تضمن حق المتهمين بمحاكمة عادلة، إثر إدانتها عدم مساءلة أي عنصر في الشرطة عن مقتل المتظاهرين.