كشفت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" تدوير المهندس والباحث العمراني في المفوضية إبراهيم عز الدين، في قضية "ملفقة" جديدة بعد خمسة أيام من إخلاء سبيله بقرار من محكمة الجنايات بالقاهرة، عقب مضي نحو 19 شهراً على حبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019، التي يواجه فيها اتهامات مزعومة بـ"نشر أخبار كاذبة" و"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها مع العلم بأغراضها".
وحسب المفوضية، فإن عز الدين وصل إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا في ضاحية التجمع الخامس بالقاهرة، اليوم السبت، للتحقيق معه في قضية جديدة تحمل رقم 1318 لسنة 2020 أمن دولة، مشيرة إلى احتجازه تعسفياً في قسم الشرطة التابع له محل سكنه، منذ اليوم التالي لقرار إخلاء سبيله، بحجة انتظار موافقة جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية.
وأخفت أجهزة الأمن عز الدين قسرياً لمدة 167 يوماً، منذ القبض عليه فجر الـ11 من يونيو/ حزيران 2019، وحتى ظهوره أمام نيابة أمن الدولة مساء 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تعرض خلالها للعديد من أساليب التعذيب البدني والنفسي، والترهيب، والتهديد بالقتل، وكذا الحرمان المطول من النوم، والتجويع، وغيرها من الانتهاكات لسحب الاعترافات منه، وفقاً لشهادته أمام النيابة.
وداهمت قوات الأمن محل سكن الباحث العمراني في ضاحية المقطم بالقاهرة، في الساعة الواحدة من صباح يوم 12 يونيو/ حزيران 2019، حين استيقظ في غرفته محاطاً بخمسة من رجال الأمن يصوبون أسلحتهم نحو رأسه. وبحسب شهادته، لم يقدم أي منهم إذن النيابة لإلقاء القبض عليه، أو تفتيش محل سكنه والتحفظ على ممتلكاته، ثم قاموا بعد ذلك بتعصيب عينيه وتقييد يديه بالكلابشات، واقتياده إلى مكان غير معلوم.
وعقب وصول عز الدين إلى مقر احتجازه الأول، سُلم إلى عناصر أخرى بخلاف التي ألقت القبض عليه، إذ تعرض للإهانة، والضرب على أعضائه التناسلية، ثم حُبس معصوب العينين في زنزانة انفرادية تبلغ مساحتها نحو ثلاثة أمتار، وبقي في داخلها 45 يوماً تقريباً. وخلال تلك المدة، حُقق معه مرات عدة حول عمله، وأبحاثه في المجال العمراني، بالتزامن مع تعرضه لسوء المعاملة والتعذيب بالضرب والصعق بالكهرباء.
ولم يُسمح لعز الدين إلا بتناول وجبة واحدة يومياً، وفي ظل تدهور حالته البدنية والذهنية والنفسية، انتزع المحققون اعترافات لم يستطع الباحث تذكر غالبيتها أمام النيابة بسبب حالته الصحية والنفسية. وعقب ذلك، نُقل إلى زنزانة أخرى لدى نفس الجهة الأمنية "المجهولة" لقرابة شهرين، وفي مقر الاحتجاز جرى تهديده بأنه "لن يرى ضوء الشمس مرة أخرى"، لتُنتزع منه اعترافات جديدة مرة أخرى تحت التعذيب والترهيب.
وأشارت المفوضية المصرية إلى أن عز الدين نُقل إلى مبنى آخر يبعد عن الأول نحو 20 دقيقة، ويعتقد أنه مقر جهاز الأمن الوطني في ضاحية العباسية للتحقيق معه مجدداً، وتهديده بالقتل هذه المرة. ووفقاً لرواية الباحث، قال أحد الضباط له: "ديتك عندي طلقة، وياما عملتها قبل كده، أنت كده ماشوفتش تعذيب، وإحنا هانوريك التعذيب اللي على حق لو ماتكلمتش!".
وقالت المفوضية، في بيان سابق لها، إن "ما تعرض له عز الدين من انتهاكات جسيمة هو رسالة ترهيب موجهة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، بما يمثل تجسيداً حياً لسياسات الحكومة المصرية في سحق المدافعين عن حقوق الإنسان، وتقييد حرية عمل منظمات المجتمع المدني"، معتبرة أن ما حدث مع الباحث هو "حلقة من حلقات استهداف المفوضية بشكل خاص، والتي تعرضت منذ نشأتها للعديد من التضييقات الأمنية، بسبب نشاطها المشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان".