كشفت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة عن تحركات مصرية في الفترة الماضية، قائلة إنها "كانت على صعيد منتدى غاز شرق المتوسط الذي يتخذ من القاهرة مقراً دائماً له، وتهدف إلى ضم كل من سورية ولبنان لعضوية المنتدى".
وأكدت المصادر أن "إدارة القاهرة لملف الغاز الطبيعي في الإقليم، من خلال استضافتها لمقر منتدى غاز شرق المتوسط، من شأنه أن يعزز من حضور مصر السياسي الدولي، لا سيما مع الطلب المتزايد على الغاز في أوروبا".
المساعي المصرية لضم لبنان وسورية للمنتدى
وقال دبلوماسي غربي في القاهرة إن المساعي المصرية بشأن ضم لبنان وسورية إلى المنتدى "تهدف إلى الاستفادة من الدور اللبناني المتوقع في سوق الغاز، عقب التفاهمات بشأن توقيع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل".
وصادق لبنان وإسرائيل في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بشكل منفصل على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بعد نحو عامين من المفاوضات غير المباشرة، برعاية المبعوث الأميركي لأمن الطاقة، عاموس هوكشتاين.
من جانبه، أوضح الدبلوماسي الغربي الذي تحدث لـ"العربي الجديد" أن "عدم اعتراف كل من سورية ولبنان بإسرائيل العضو بمنتدى غاز المتوسط، لن يكون عقبة في مواجهة المساعي المصرية، لضمهما إلى عضوية المنتدى، كونه مرتبطاً بالتنسيق في القضايا الفنية المعنية بقطاع الغاز، وليس منظمة أو تحالفاً سياسياً".
دبلوماسي: عدم اعتراف سورية ولبنان بإسرائيل لن يكون عقبة
ولفت المصدر إلى "مشاورات مصرية جرت مع المسؤولين في كل من بيروت ودمشق، خلال الفترة الماضية، مع تعهد مصري بإنهاء كافة العقبات الخاصة بأية اعتراضات من جانب الدول الأعضاء بالمنتدى، بشأن تلك الخطوة".
من جهته، اعتبر دبلوماسي مصري سابق في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنه "نظراً لما تتميز به منطقة الشرق الأوسط من أهمية استراتيجية كبرى، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ولما تتمتع به من غنى في مواردها الطبيعية وعلى رأسها النفط والغاز، فكرت مصر في إنشاء منتدى غاز المتوسط، بالتعاون مع 7 دول متوسطية في يناير/ كانون الثاني 2019 على أن يكون مقره العاصمة المصرية القاهرة، وذلك لكثرة اكتشافات الغاز في الحقول البحرية بشرق البحر المتوسط، والتي لها تأثير كبير على أمن الطاقة".
وأضاف المصدر أن "اختيار مصر كمركز للمنتدى، دليل على قوتها وتأثيرها في المنطقة، والاعتراف بأنها محور الإقليم وتملك العديد من الإمكانيات الكبيرة، من خطوط ربط بالدول الإقليمية".
وتعليقاً على إمكانية انضمام دول أخرى للمنتدى قال المصدر: "يمكن لأي من دول شرق المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز، أو دول العبور، الانضمام لعضوية المنتدى ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف، كما سيكون المنتدى متاحاً لانضمام دولاً أخرى أو منظمات إقليمية أو دولية بصفة مراقبين".
وتم الإعلان عن منتدى غاز شرق المتوسط لأول مرة في عام 2019 في القاهرة، وفي عام 2020 تحول إلى منظمة حكومية دولية مقرها القاهرة، تضم قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفرنسا وفلسطين، بالإضافة إلى الولايات المتحدة بصفة مراقب.
الخلاف المصري مع الدبيبة
وجاءت هذه التطورات، مع كشف مصدر محسوب على معسكر شرق ليبيا، الذي تدعمه القاهرة، أن أسباب الخلاف الحقيقية بين مصر وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي أدت في نهاية المطاف إلى إعلان مصر موقفاً متشدداً تجاه الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، تعود إلى عدم وفاء مصر بتعهدات قطعتها في وقت سابق للدبيبة، بشأن ضم ليبيا لمنتدى غاز المتوسط.
وهو ما دفع الأخير إلى عدم الالتزام باتفاقيات اقتصادية وأخرى متعلقة بجذب العمالة المصرية إلى ليبيا، رداً على التراجع المصري بشأن التعهد الخاص بضم ليبيا للمنتدى.
أسباب الخلاف الحقيقية بين مصر والدبيبة تعود إلى عدم وفاء مصر بتعهداتها بشأن ضم ليبيا إلى منتدى غاز المتوسط
في السياق نفسه، فإنه لم يصدر نفي مصري رسمي، سواء من اللجنة المعنية بالملف الليبي، أو غيرها، للرواية الخاصة بتراجع مصر عن تعهداتها للدبيبة بالسعي لضم ليبيا للمنتدى، إذ أن هناك مخاوف مصرية من تلك الخطوة، كون ضم ليبيا في ظل حكومة الدبيبة، كان يعني منح تركيا مساحة كبيرة داخل المنتدى، في وقت لا يزال الملف الليبي يمثل عقبة حقيقية أمام تطبيع العلاقات المصرية التركية.
وبالتالي، فإنه ليس من المستبعد أن تكون الاتفاقية الموقعة أخيراً، بين حكومة الدبيبة وتركيا في 3 أكتوبر الماشي، في مجال التنقيب عن النفط والغاز، قد جاءت رداً على منع انضمام ليبيا للمنتدى.
وتسعى تركيا، بحسب تقديرات مصرية، لدخول منتدى غاز المتوسط، في محاولة منها لعدم ترك تلك المساحة خالية أمام اليونان، في خضم أزمة العلاقات اليونانية التركية حول شرق البحر المتوسط، حيث يتنازع البلدان المتجاوران، وكلاهما عضو في حلف شمال الأطلسي، على مناطق بحرية غنية بالغاز والنفط.