- تشمل طلبات مصر للولايات المتحدة تمويل مالي ومعدات عسكرية لتأمين الحدود مع غزة، خوفًا من عبور مقاتلي حماس والضغط الإنساني الناتج عن فرار سكان القطاع.
- الوضع الإنساني في رفح يتدهور مع نقص الإمدادات والمساعدات الطبية، وقد عزز الجيش المصري وجوده بجدران إسمنتية وحديدية لمنع اقتراب أي شخص من الحدود.
قال مصدر مصري مطلع على تفاصيل تحركات القاهرة بشأن ملف الحرب على غزة لـ"العربي الجديد" إن هناك اتصالات مصرية أميركية جرت خلال الساعات الماضية، طالب خلالها الجانب المصري بـ"ضرورة الحصول على معلومات بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في مدينة رفح الفلسطينية".
وأوضح المصدر أن الطلب المصري بالحصول على معلومات حول عملية رفح "جاء من أجل الاستعداد والتحسب للعملية، وتهيئة المرافق العامة بمحافظة شمال سيناء المصرية".
وبحسب المسؤول المصري، الذي تحدث مع "العربي الجديد"، فإن "التقديرات المصرية، تشير إلى إمكانية دخول نحو 100 ألف فلسطيني، خلال الفوضى التي ستخلفها العمليات، بالإضافة إلى أعداد المصابين الذين يمكن دخولهم وقتها، والذين تقدرهم أجهزة مصرية بنحو 50 ألف مصاب، في ظل تواجد نحو مليون و200 ألف مهجر في رفح الفلسطينية، إضافة إلى 300 ألف هم عدد سكان المدينة الأصليين".
طلبات مصرية لأميركا
وسبق ذلك قول خمسة مسؤولين مصريين وأميركيين وإسرائيليين، لموقع بوليتيكو الأميركي، أمس الأول الخميس، إنّ المسؤولين في مصر قدّموا عدداً كبيراً من الطلبات للولايات المتحدة، بينها تمويل مالي ومعدات عسكرية.
تقديرات مصرية بإمكانية دخول نحو 100 ألف فلسطيني خلال الفوضى التي ستخلفها العمليات في رفح
وتحدث المسؤولون عن أن القاهرة طلبت من واشنطن في الأشهر الأخيرة، النظر في توفير شرائح إضافية من التمويل والمعدات العسكرية الجديدة، مثل أنظمة الأمن والرادار، لتأمين الحدود مع غزة، استعداداً للغزو البري الإسرائيلي لرفح، جنوبي قطاع غزة.
وأشار الموقع إلى أن مصر، الرافضة لعملية في رفح، تتخوف خاصة من عبور مقاتلي حركة حماس إلى سيناء، فضلاً عن أن العملية المحتملة للاحتلال في رفح ستجبر مئات الآلاف من سكان القطاع على الفرار جنوباً نحو الحدود، ومحاولة المرور عبرها.
ونقل الموقع عن المسؤولين قولهم إن التمويل والمعدات الإضافية التي طلبتها القاهرة ستساعد الجيش المصري في التعامل مع التدفق المحتمل لسكان القطاع على حدودها.
وقال مسؤولان أميركيان، إن الالتماسات المصرية، رغم أنها نموذجية، لاسيما في خضم مفاوضات دولية، فإنها أضافت مزيداً من التعقيد إلى محادثات وقف إطلاق النار، وأبطأت سرعتها.
وفي السياق، قال مسؤول إسرائيلي: "لكي تمضي إسرائيل قدماً في اجتياح رفح، نحتاج حقاً إلى موافقة مصر"، لافتاً إلى أن المصريين يشعرون بالقلق بشأن حدودهم، ولا يريدون إيواء جميع سكان غزة في رفح.
من جهته، قال مسؤول أميركي إنّ الإدارة الأميركية سرّعت المحادثات مع المصريين في الأسابيع الأخيرة، مع تزايد القلق بشأن حدودها، مشيراً إلى أن واشنطن تريد أيضاً إغلاق كلّ طرق التهريب المحتملة لـ"حماس".
تزايد أعداد المهجرين في رفح
ميدانياً، وبحسب مصادر فلسطينية في رفح جنوبي قطاع غزة، فإن أعداد المهجرين في المدينة تتزايد في ظل استمرار العملية البرية الإسرائيلية في مدينة خانيونس، وكذلك في مدينة غزة، حيث لم يتمكن عشرات آلاف المواطنين من العودة إلى منازلهم.
وأوضحت أن الوضع الإنساني تفاقم خلال الأسابيع الماضية، لا سيما في ظل نقص الإمدادات الإنسانية والمساعدات الواردة إلى قطاع غزة وإلى المهجرين في مدينة رفح، حيث يقدر عددهم بما يقارب المليون مهجر، بالإضافة إلى السكان الأصليين للمدينة.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الأعداد، تشير إلى وجود كارثة إنسانية، قبل التوغل البري الإسرائيلي المحتمل في رفح في ظل نقص المواد الغذائية والمستلزمات الصحية، وكذلك حالة الزحام والتكدس الكبير في شمال المدينة حيث الحدود الفاصلة مع مدينة خانيونس، وحتى الجنوب حيث الحدود المصرية، حيث يقيم المهجرون خياماً على طول الجدار الفاصل ما بين قطاع غزة ومصر.
الجيش المصري عزز وجوده في رفح المصرية
وبحسب المصادر، فإن الجيش المصري عزز من تواجده في مدينة رفح المصرية، من خلال إقامة عدد من الجدران الإسمنتية والحديدية المرتفعة التي تحول دون اقتراب أي شخص من الحدود وتجاوزها خلال الفترة الحالية، على الأقل في ظل استمرار القصف الإسرائيلي للمنطقة الحدودية، والذي تكثف خلال الأيام القليلة الماضية وأدى إلى أضرار مادية في المنطقة الحدودية الفاصلة ما بين مدينتي رفح الفلسطينية ورفح المصرية.
وكشفت المصادر والمشاهد الميدانية أن الوضع الإنساني في رفح يزداد سوءاً مع مرور الأيام، ذلك دون التوغل البري، ولكن إذا وقع التوغل في المدينة فيعني ذلك "كارثة إنسانية" مضاعفة، في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي وقواته في خانيونس ومدينة غزة وشمالي القطاع، وبالتالي لا يوجد مفر لهؤلاء المواطنين سوى رفح.
سعيد صادق: ستواصل إسرائيل القتال لتحقيق نصر عبر البحث عن قادة حمساويين لقتلهم
وأشارت المصادر إلى أن "الجيش المصري يراقب عن كثب حالة الزحام الكبير في مدينة رفح الفلسطينية، وكذا حالة النقص الشديد في المعونات الإنسانية والمساعدات الطبية اللازمة لاستمرار عمل المراكز الصحية والخدمية، التي تواجه ضغطاً كبيراً في ظل معاناة البنى التحتية في مدينة رفح من عجز كبير على مدار السنوات الماضية".
وأوضحت المصادر أن "التوغل البري الذي يتم الحديث عنه في محور فيلادلفيا، وما يشمله من معبر رفح، يعني توقف معبري رفح وكرم أبو سالم بالكامل، ووقف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وفي المقدمة منها مدينة رفح، وبالتالي فإن هذا يسبب أزمة كبيرة تضاف إلى الأزمة الموجودة بالفعل".
ولفتت إلى أنه "في حال غلق هذين المعبرين ودخول الاحتلال الإسرائيلي إلى مدينة رفح الفلسطينية، سنكون أمام أزمة إنسانية قد تدفع جزءاً من المواطنين إلى تجاوز الحدود، سواء عن طريق منطقة البحر أو الحدود البرية، باتجاه مدينة رفح المصرية، طلباً للأمن والغذاء والصحة".
وفي السياق، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، اللواء واصف عريقات، لـ"العربي الجديد"، إن "الكوارث الإنسانية، والإبادة الجماعية الحاصلة في غزة، لم تحدث في التاريخ، فهناك مليون و600 ألف فلسطيني، يعيشون على مساحة 60 كيلومتراً مربعاً، وهذا يعني أن كل 27 ألف شخص يعيشون في كيلومتر واحد. وبالتالي فإن قذيفة ضخمة تقضي عليهم، هذا عدا عن القصف المدفعي والمُسيرات ورشاشات الدبابات، وتفريغ الحقد والكراهية والانتقام".
وأضاف عريقات أن "هذا يعني أن كل الاحتمالات مفتوحة أمام تحرك المهجرين في كل الاتجاهات بحثاً عن الأمان والطعام والدواء، ولذلك العالم كله وفي مقدمته مصر، يطالب بعدم دخول رفح خوفاً من هذه السيناريوهات الكارثية".
بدوره قال أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق إن "عقيدة إسرائيل فرض السلام بالقوة، لم تتغير، ومع مفاجأة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقدت إسرائيل هيبتها الإقليمية وسمعتها في المنطقة ككيان لا يقهر. ولذلك فإن تخفيف الهزيمة يتطلب نصراً ما، كقتل قادة حماس، وعليه ستواصل إسرائيل القتال لتحقيق نصر من هذا النوع، والبحث عن قادة حمساويين لقتلهم".
وأضاف: "أما على المستوى الدولي، فيتطلب (الأمر) موقفاً أميركياً على الأرض، كتجميد إرسال الأسلحة والدعم المالي لإسرائيل، مثلما امتنعت أميركا أخيراً عن حماية إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، ولم تستخدم الفيتو كعادتها كرسالة تحذير لـ(رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو".
وبرأيه فإن "الضغط الأميركي لا يزال غير مؤثر، وبانتظار اختبار قيام إسرائيل بمهاجمة رفح بعد عيد الفطر (في الأسبوع الثاني من شهر إبريل/نيسان المقبل)، لنرى هل ستستخدم الإدارة الأميركية أدواتها للضغط أم لا".