كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن مساعي وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، عن بعض كواليس لقاء جمع رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، وأمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، اللواء جبريل الرجوب، في العاصمة المصرية القاهرة، خلال زيارة للأخير بدعوة مصرية.
وقال مصدر مصري، إن "المسؤولين في القاهرة، وجهوا الدعوة لرئيس السلطة الفلسطينية، لإرسال مندوب عنه، لبحث تطورات المشهد الراهن، وتنسيق المواقف المشتركة، قبيل الذهاب للقمة العربية، وفي ضوء الاتصالات المكثفة على مختلف المستويات، سواء العربية والغربية والأميركية".
رسائل مصرية للسلطة الفلسطينية
وأوضح المصدر أن "اللقاء الذي جمع الرجوب وكامل، جرى خلاله نقل رسائل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قبل الذهاب إلى القمة العربية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي (غداً السبت) في السعودية"، مؤكداً أنه "جرى التأكيد على الرجوب، بضرورة عدم تجاوب السلطة مع أي أحاديث غربية أو عربية في الوقت الراهن، بشأن سيناريوهات إدارة قطاع غزة، فيما بعد انتهاء الحرب الدائرة". وقال المصدر إنه "طلب من الرجوب التأكيد على الرئيس الفلسطيني، التمسك بضرورة وقف إطلاق النار أولاً، قبل التطرق لأي سيناريوهات أو رؤى متعلقة بالقطاع في ما بعد حماس".
جرى التأكيد على الرجوب بضرورة عدم تجاوب السلطة مع أي أحاديث في الوقت الراهن، بشأن سيناريوهات إدارة قطاع غزة
وأشار المصدر إلى أن "من بين ما نقلته القاهرة للسلطة في رام الله عبر الرجوب، التمسك برفض أي إجراءات من شأنها التعامل بنوع من الفصل بين الضفة الغربية وغزة، كأن تستقطع حكومة الاحتلال أي مخصصات لغزة كانت تتسلمها السلطة في أوقات سابقة". وأوضح أن "رسائل القاهرة للسلطة، تضمنت أيضاً ضرورة التمسك برفض أي نقل لسكان الضفة ولو بشكل مؤقت إلى الأردن، وكذلك التشديد في الأوساط الدولية على رفض أي تصور يتضمن تهجير سكان قطاع غزة ونقلهم لأي منطقة أخرى".
وحول الاتصالات بين المسؤولين في القاهرة وحركة "حماس"، في ظل الحديث عن توتر في العلاقات خلال الأيام الماضية، على وقع دعوات الحركة لتظاهرات عند المعبر للضغط من أجل فتحه بشكل دائم، قال المصدر، إنه "بالفعل كان هناك توتر، لكنه لم يستمر طويلاً وتم احتواؤه، حيث لم يتجاوز أكثر من يومين، بعدما نقلت الحركة للقاهرة، توضيحاً بشأن تصريحات منسوبة لمسؤولين من غزة بشأن المعبر، والتأكيد أنها ليست موجهة لمصر، بقدر ما هي موجهة للمجتمع الدولي من أجل الضغط على حكومة الاحتلال لإدخال المساعدات والوقود للقطاع في ظل حالة الانهيار التام لكافة المرافق".
وأكد المصدر أن "الاتصالات بين المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة وقيادة الحركة، تكاد تكون يومية"، لافتاً إلى أن القاهرة "مشارك فعّال في المساعي الرامية للتوصل إلى هدنة"، ومرجحاً أن "يتم التوصل لهدنة قصيرة ربما تكون لعدة ساعات قبيل انعقاد القمة العربية".
المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير إبراهيم الشويمي، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التنسيق والتفاهم ما بين المسؤولين المصريين وقيادات حركة "حماس" دائم ومستمر على الرغم من وجود خلافات في وجهات النظر تظهر من وقت لآخر. وقال الشويمي إن "التنسيق موجود ومستمر، وهو أمر تاريخي ومستقر، ولكن توجد خلافات في الرأي في بعض الأحيان، ولكن ليس في المسائل الاستراتيجية".
في غضون ذلك، كشف دبلوماسي مصري، أن "هناك توافقا تم التوصل إليه بنسبة كبيرة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية، بشأن تضمن البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي تستقبلها السعودية، التأكيد على عدة مبادئ أهمها الرفض المطلق والكامل لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء كان بشكل دائم أو مؤقت، بالإضافة إلى وقف أي مناقشات لطروحات متعلقة بمستقبل إدارة غزة، قبل وقف إطلاق النار"، قائلاً إن "هناك إجماعاً على هذا المبدأ بين كافة الدول الأعضاء".
الاتصالات بين المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة وقيادة حماس تكاد تكون يومية
وأوضح الدبلوماسي أن "المبدأ الثالث الذي تم الاتفاق عليه، هو التشديد على كون القضية سياسية، وليست قضية أمنية أو حرب على الإرهاب، مع التأكيد أن حل القضية لن يكون إلا بشكل سياسي، يتضمن حصول الفلسطينيين على حقوقهم". ولفت إلى أن "التوافق على رفض اعتبار ما يجري، حرباً إسرائيلية أميركية على الإرهاب، يأتي دون الإشارة لأسماء أي من الفصائل الفلسطينية، مع التأكيد على الحق في المقاومة من أجل تقرير المصير".
وأوضح المصدر أنه "من المقرر خلال مناقشات القمة، إطلاق آلية تابعة لجامعة الدول العربية، لتحريك دعاوى ضد عمليات الإبادة وجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في القطاع أمام المحاكم الدولية".
الشيخ تميم يلتقي السيسي
وفي إطار تنسيق المواقف العربية قبيل القمة، يلتقي أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الجمعة، في القاهرة، للتباحث وتنسيق المواقف لمعالجة الأزمة الراهنة في قطاع غزة.
نقلت القاهرة لبيرنز رفضها أي خطط لدفعها لقبول توطين سكان قطاع غزة
وقال مصدر دبلوماسي مصري إن زيارة أمير قطر إلى القاهرة "تأتي في إطار تبادل الرؤى وتكثيف المشاورات بين القاهرة والدوحة بشأن العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، قبيل القمة العربية المرتقبة"، مضيفاً أن "هناك العديد من القضايا العاجلة التي سيتم بحثها في اللقاء، من بينها قضية إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل مستدام، والوساطة التي تبذلها كل من القاهرة والدوحة في ملف الأسرى".
وفي موازاة ذلك، كشف مصدر مصري آخر، أن "المسؤولين في القاهرة، نقلوا لرئيس وكالة المخابرات الأميركية وليام بيرنز، الذي زار القاهرة قبل يومين، والتقى الرئيس المصري، رسائل واضحة برفض أي خطط من شأنها دفع مصر للقبول بتوطين سكان قطاع غزة على أراضيها، مؤكدين أنه حال حدوث ذلك، فإن المشهد برمته سيشهد ارتباكاً وخللاً كبيرين، وقد يجعل القاهرة مضطرة لمراجعة اتفاقيات تاريخية موقعة مع إسرائيل، لما في ذلك من تهديد مباشر لأمنها القومي".
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، عن مسؤولين مصريين وصفتهم بـ"الكبار" قولهم إنه "خلال لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع بيرنز، رفض السيسي اقتراحا بأن تقوم مصر بإدارة الأمن في قطاع غزة حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من تولي المسؤولية بعد هزيمة حماس".
وأشارت الصحيفة إلى أن "السيسي ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ناقشا الاقتراح مع بيرنز الذي زار القاهرة في إطار جولة في الشرق الأوسط لبحث الوضع في غزة. وقال المسؤولون إن الرئيس المصري قال إن "حكومته لن تلعب دوراً في القضاء على حماس لأنها تحتاج إليها للمساعدة في الحفاظ على الأمن على حدود البلاد مع قطاع غزة".