قالت مصادر مصرية خاصة، إن دوائر مقربة من النظام المصري، تدرس مقترحاً بشأن قرار يتم التجهيز له، يخص رجل الأعمال صفوان ثابت، مؤسس مجموعة جهينة للصناعات الغذائية، والمسجون هو ونجله سيف، على ذمة اتهامات متعلقة بتمويل جماعة الإخوان المسلمين. وكشفت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن المقترح يتضمن مصادرة أموال أسرة ثابت من جانب لجنة التحفظ على أموال الإخوان، ونقلها إلى الخزانة العامة للدولة، وذلك بعدما فشلت محاولات الضغط على ثابت، لاستحواذ أحد الأجهزة السيادية في الدولة على حصة حاكمة في مجموعة "جهينة" التي تعد الأكبر في مجال صناعة الألبان في الشرق الأوسط.
وبحسب المصادر، فإن ثابت رفض كافة العروض التي طرحت عليه في محبسه من جانب مسؤولين في جهاز سيادي، بشأن التخلي عن جانب من حصته في المجموعة، والتي وصلت بحسب آخر عرض تم تقديمه إليه، إلى 30 في المائة، لافتة إلى أن رجل الأعمال طرح دفع مبالغ مالية في صورة تبرعات لصندوق "تحيا مصر"، من دون التنازل عن أي من ممتلكاته وعلى رأسها "جهينة".
مقترح بمصادرة أموال أسرة ثابت ونقلها إلى الخزانة العامة للدولة
وقالت المصادر إنها لعبت دوراً في الوساطة بين أسرة ثابت، وجهات سيادية في الدولة المصرية، من أجل تسوية أزمته، في محاولة للوصول إلى حل يمثّل مصلحة للطرفين، بحيث ينتهي بخروج ثابت ونجله من السجن، وفي المقابل إغلاق ذلك الملف لما له من "تداعيات سلبية خطيرة على الاقتصاد المصري، وتأثيره وتسببه في تخويف الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، على حد وصف المصادر.
وكشفت المصادر أنّ الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها النظام المصري، بالزج باسم ثابت في قضية جديدة، تحت مسمى "إحياء جماعة الإخوان المسلمين" بالتعاون مع أحد رجال الأعمال، عبر تسهيل نقل أموال الجماعة من خلال شركاته، جاءت رداً على تصعيد أسرة ثابت ملف قضيته واتجاههم إلى تدويلها، من خلال تقديم ملف القضية لمنظمة العفو الدولية، والتي نشرت بدورها تقريراً حولها في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، حمل انتقادات لاذعة للسلطات المصرية.
كما كشفت المصادر أنه في أعقاب نشر المنظمة الدولية تقريرها، أوصى مسؤولون عن ملف أسرة ثابت في جهاز الأمن الوطني، بإصدار قرار ضبط وإحضار لبهيرة الشاوي، زوجة ثابت، إذ أكدت المصادر أن وساطات من جانب شخصيات سياسية على علاقة قوية بالأسرة، وبعضها خليجية، أوقفت ذلك الإجراء في اللحظات الأخيرة، بعد توجيه تحذير شديد اللهجة لمنع تدويل قضية أسرة ثابت.
يأتي ذلك في الوقت الذي تقدم فيه المحامي المحسوب على جهاز الأمن الوطني، سمير صبري، يوم السبت الماضي، ببلاغ إلى النائب العام المصري المستشار حمادة الصاوي، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد بهيرة الشاوي، يتهمها فيه بـ"نشر أخبار كاذبة من خلال إحدى القنوات المعادية لمصر"، بحسب ما جاء في نص البلاغ. وزعم المحامي المصري، أن زوجة ثابت "تتعمد إثارة الرأي العام بظهورها على قنوات معادية للدولة المصرية، وتصدر العديد من التصريحات والبيانات والتي تسعى من ورائها إلى إثارة الرأي العام، إضافة إلى محاولتها الاستقواء بالخارج والاستعانة بمنظمات حقوقية دولية".
طرح ثابت دفع مبالغ مالية في صورة تبرعات لصندوق "تحيا مصر"
وكانت منظمة العفو الدولية، قالت في تقريرها إن "السلطات المصرية تسيء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب من أجل احتجاز رجل أعمال بارز وابنه بشكل تعسفي، في ظروف ترقى إلى التعذيب، وذلك انتقاماً منهما لرفضهما تسليم أصول شركتهما".
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن "صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة جهينة، المعروفة في مصر، والتي تمتلكها عائلتهما، وقد أبديا شجاعة نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما"، مضيفاً: "تهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات المصرية أن تُفرج عن الرجلين، اللذين ما كان ينبغي القبض عليهما أصلاً".
وتابع لوثر: "بالإضافة إلى حرمان صفوان وسيف ثابت من حق الطعن في قانونية احتجازهما، فإنهما يتعرضان للتعذيب باحتجازهما رهن الحبس الانفرادي المطول إلى أجل غير مسمى. ولطالما استخدمت السلطات المصرية التهم المتعلقة بالإرهاب لقمع المعارضة السياسية، وها هي الآن تستخدم الأسلوب نفسه لاستهداف رجال أعمال لأنهم يرفضون الإذعان للأوامر التعسفية بالاستيلاء على أصولهم". وقالت منظمة العفو الدولية إنها تحدثت مع ثلاثة أشخاص على علم بوضع عائلة ثابت وشركة "جهينة"، وإنها اطلعت على وثائق قضائية ومقالات إعلامية وتصريحات رسمية تتعلق بالقبض على الرجلين واحتجازهما. وأشار تقرير المنظمة إلى أنه في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2020، ألقي القبض على رجل الأعمال صفوان ثابت، بعد أيام قليلة من عرض مسؤول مصري كبير عليه التنازل عن جزء من شركته لصالح كيان مملوك للحكومة.
وبحسب تقرير المنظمة الدولية، فإنه في 31 يناير/كانون الثاني 2021، أي بعد شهرين من القبض على صفوان ثابت، تلقى ابنه سيف ثابت أمر استدعاء إلى قطاع الأمن الوطني، ولم يُسمح له باصطحاب محام معه، حيث أمره مسؤول أمني بالتنازل عن جميع أسهم العائلة في شركة "جهينة"، وإلا فإنه سيواجه مصيراً مماثلاً لوالده.
أوصى مسؤولون بإصدار قرار ضبط وإحضار لبهيرة الشاوي، زوجة ثابت
وفي 2 فبراير/شباط 2021، استُدعي سيف ثابت مجدداً إلى مقر قطاع الأمن الوطني، ولكنه لم يخرج، إذ اقتادته قوات الأمن إلى نيابة أمن الدولة العليا يوم 6 فبراير، حيث أخبره محقق النيابة أنه متهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها، وذلك استناداً إلى تقارير تحريات سرية من قطاع الأمن الوطني، لم يُسمح له بالاطلاع عليها. وفي بادئ الأمر، رفضت السلطات الإفصاح عن مكانه، إلى أن تمكنت العائلة في يوم 14 فبراير من معرفة مكان وجوده في سجن العقرب الذي يعد أحد سجون مجمع طرة.
وكانت إحدى المحاكم المصرية قد أدرجت في يناير 2017، اسم صفوان ثابت ونحو 1500 آخرين في "قائمة الإرهاب". وعلى الرغم من أن محكمة النقض ألغت هذا الأمر في يوليو/تموز 2018، فقد قضت محكمة أخرى بإعادة إدراج اسم صفوان ثابت في القائمة، وهو القرار الذي أيدته محكمة النقض في مارس/آذار 2021. ونتيجةً لذلك، يخضع صفوان ثابت لأمر منع السفر وتجميد أصوله.
في المقابل، زعم بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية، صدر بعد يومين من تقرير منظمة العفو الدولية، بوقوف مؤسس "جهينة" خلف "مخطط استهدف استخدام شركات صفوان ثابت في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم (الإخوان) واستثمار عوائدها لصالح أنشطة إرهابية"، مضيفة أنها "عثرت على 8.4 ملايين دولار وذخيرة في شقة سكنية بمحافظة الجيزة". وأعلنت الداخلية في البيان ذاته، القبض على يحيى مهران، الذي وصفته بأنه "أحد الأذرع الرئيسية للقيادي الإخواني المحبوس صفوان ثابت".