ذكر بيان مشترك عن المباحثات التي أجريت بين مصر وتركيا في القاهرة أمس واليوم الخميس، أن الاجتماعات انتهت بعد يومين من المداولات، والتي تضمنت "مباحثات استكشافية" برئاسة نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا السفير سادات أونال.
وأضاف البيان أن المناقشات "كانت صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسورية والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط".
وأعلن البيان أن الجانبين سيقومان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات، والاتفاق على الخطوات المقبلة.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، إن أجواء الاجتماع الأول والساعات السابقة عليه خلال الاتصالات واللقاءات الشخصية "كانت إيجابية"، لكنها لم تخل من ملاحظات سلبية من كلا الطرفين على الأداء الإعلامي تجاه بعضهما البعض خاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث احتج الجانب المصري بشكل واضح على تصريحات ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي انتقد فيها إعدام عدد من المتهمين المدانين في قضية اقتحام قسم كرداسة، ووصفوها بأنها "تهدف لمغازلة الإسلاميين المعارضين أيديولوجيا"، وأن تكرار مثل هذه التصريحات سيبطئ جهود تطبيع العلاقات.
أجواء الاجتماع الأول والساعات السابقة عليه خلال الاتصالات واللقاءات الشخصية "كانت إيجابية"، لكنها لم تخل من ملاحظات سلبية
ومن جانبه، انتقد الجانب التركي استمرار الهجوم الإعلامي المصري على سياسات أنقرة، رغم تراجعه الكمي بشكل واضح في الشهرين الأخيرين، كما تلقت القاهرة مطالب بأن يعبّر الإعلام المصري بشكل واضح عن تطور المشاورات بين البلدين، لتفنيد المعلومات غير الصحيحة والمغلوطة التي تنتشر في الإعلام الإماراتي والسعودي عن تعثر المشاورات وظهور مشاكل مستجدة على الصعيدين الأمني والسياسي.
وأوضحت المصادر أن إصدار وزارة الخارجية بيانا عن اللقاء جاء في هذا الصدد، بعدما كان قرار المخابرات العامة، بصفتها المسؤول الأول عن الملف، يتجه إلى عدم الإعلان وترك الجانب التركي يتحدث وحيدا عن المفاوضات، كما حدث خلال الشهرين السابقين، إلى حد إصدار تعليمات للصحف الموالية للنظام بعدم نشر بيان عن التقارب أصدره وزير الدولة للإعلام المستقيل أسامة هيكل.
أما بشأن محتوى النقاشات؛ فذكرت المصادر أنها تركزت حول مستقبل العلاقات بين البلدين، والشروط المصرية لتطبيعها في المجالات كافة خاصة الأمنية والاقتصادية والمطالب التركية، والملف الليبي، والضمانات التي تكفي مصر على الصعيدين الثنائي والإقليمي وبصفة خاصة عدم التدخل في الشؤون المحلية المصرية، ووقف الهجوم الإعلامي من القنوات المصرية في تركيا.
وأضافت المصادر أن المفاوضات استأنفت النقاش حول مطلب المصريين بانسحاب شامل للأتراك من ليبيا، ولانتزاع تعهدات تركية بعدم التدخل العسكري مرة أخرى في الشأن الليبي، كنوع من الطمأنة الاستراتيجية لمصر على عمقها الغربي، مقابل تنسيق الجهود المصرية التركية لدعم سلطة سياسية في ليبيا ترعى مصالح الطرفين.
وأشارت المصادر إلى أن المباحثات تطرقت أيضا إلى خلاف حول مطالبة مصر بتسليم شخصيات بعينها من المعارضين المقيمين في تركيا، لكن أنقرة تعارض هذا التوجه من حيث المبدأ، بينما أكدت مصر أنها ليست معنية باسترداد جميع المعارضين المقيمين في الخارج، سواء بتركيا أو غيرها، بل باسترداد بعضهم فقط بحجة أهميتهم لمجريات تحقيقات قضائية.
وتطرقت المباحثات إلى ملف التعاون المحتمل في مجال الغاز، حيث قالت المصادر إن مصر لا تمانع انضمام تركيا إلى منتدى شرق المتوسط، لكنها من ناحيتها تضع لذلك بعض الشروط، مثل التنسيق الكامل بين آليات التنقيب والاستكشاف والإسالة والتصرف وأسعار البيع بين جميع الدول، لكن المناقشة الفنية لتلك الموضوعات مؤجلة لحين الاتفاق على البنود الأكثر أهمية والخاصة بالعلاقات المباشرة بين البلدين.