دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يوم الجمعة، المجتمع الدولي لإدانة جرائم النظام السوري والعمل بجدية لوقف هذه الجرائم، وذلك بعد التصعيد الأخير في مناطق شمال سورية. من جهتها، لفتت الأمم المتحدة إلى أن التزايد الملحوظ في وتيرة القتال يتطلب ردود فعل سورية ودولية عاجلة.
وأدان "الائتلاف الوطني السوري" في بيان، "استمرار استهداف النظام للمناطق السكنية، وللمدنيين، وارتباطه بمجموعات متطرفة وإرهابية؛ استوردها من الخارج وأخرى صنّعها محلياً؛ لاستهداف المواطنين من مكونات الشعب السوري كافة، بعمليات إجرامية".
وأشار إلى أن "هذه العمليات شملت مناطق تقع تحت سيطرته منذ بداية الثورة في العام 2011 وحتى يومنا هذا، هدفها زرع الخوف، والعداء، والتفرقة بين السوريين باتباع سياسة (فرّق تسد)، ولضمان استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار".
وشدد على أن "ممارسات نظام الأسد تجاه السوريين كافة، واستمراره بارتكاب الجرائم بحقهم، هي نتيجة تهرب المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن من تحمل مسؤولياته وفق ميثاق الأمم المتحدة، وعدم اتخاذه قرارات حاسمة بخصوص ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الجرائم التي ارتكبها باستخدام الأسلحة الكيميائية المحظور استخدامها دولياً، على الرغم من وجود مادة واضحة في قرار مجلس الأمن رقم 2118 (2013)، في حال استخدام النظام للأسلحة الكيميائية مجدداً".
وجدد تأكيده أنه "تتوجب العودة إلى مجلس الأمن، لاتخاذ إجراءات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
وفي الشأن، استنكر الائتلاف بـ"أشد العبارات جرائم النظام"، مؤكداً "التزامه بالعمل المستمر حتى تتم محاسبته عليها وفق القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية".
كما أدان "أي أعمال عسكرية أو إرهابية تستهدف الأطفال والمدنيين العزّل، داخل سورية وخارجها وأياً كان مرتكبوها".
وأشار في هذا السياق، إلى أن "استهداف قوات الأسد منذ أمس للمناطق السكنية في أكثر من 25 مدينة وبلدة بالقصف العشوائي في كل من ريفي حلب وإدلب، أودى بعشرات المدنيين العزّل بين قتيل وجريح، من بينهم خمسة من عائلة واحدة".
وطالب الائتلاف "مجلس الأمن والمجتمع الدولي بإدانة جرائم النظام، والعمل بشكل جدي ومسؤول لوقفها، والخروج من حالة الاستعصاء التي تحول دون التقدم في العملية السياسية، ودعم الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية، وعلى رأسها قرارا مجلس الأمن 2254(2015) و2118 (2013)، للوصول إلى حل سياسي شامل والانتقال إلى سورية تسودها العدالة والمساواة والحرية".
من جهتها، كتبت المبعوثة الفرنسية إلى سورية، بريجيت كرمي، اليوم الجمعة، على صفحتها الرسمية في منصة "إكس"، أن "الحل في سورية لا يكون عبر تصعيد المواجهة العسكرية التي تؤدي إلى أضرار غير مقبولة للبنية التحتية وخسائر في أرواح المدنيين".
وشددت على أن "هناك ضرورة ملحة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد تحترمه جميع الأطراف وإجراء مفاوضات جدية وفقاً للقرار 2254 تحت مظلة الأمم المتحدة".
No solution in Syria in escalation of military confrontation, resulting in unacceptable damage to infrastructure and loss of civilian lives. Urgent need for a nationwide ceasefire respected by all sides and serious negotiations according to 2254, under the umbrella of ESSGNU https://t.co/SuutOAYA2a
— Brigitte Curmi بريجيت كرمي (@BrigitteCurmi) October 6, 2023
إلى ذلك، دعا رئيس لجنة التحقيق الأممية بشأن سورية، باولو بينيرو، الجمعة، "الجهات الفاعلة الرئيسية في سورية إلى وقف الهجمات على المدنيين قبل غرق البلاد في دوامة العنف المتصاعد".
وذكرت اللجنة الأممية، على منصة "إكس"، أن "التزايد الملحوظ في وتيرة القتال يتطلب ردود فعل سورية ودولية عاجلة".
وعبرت المبعوثة البريطانية الخاصة إلى سورية، آنا سنو، عبر منصة "إكس"، عن "قلق بلادها من تصاعد العنف في سورية الذي خلف خسائر بالأرواح وأضراراً بالبنى التحتية المدنية"، معلنةً عن "دعمها الأمم المتحدة في الدعوة لممارسة ضبط النفس من قبل الجميع".
https://t.co/9nu5we94eA
— Ann Snow (@UKSyriaRep) October 6, 2023
I’m deeply concerned at reports of surging violence in Syria. All loss of life and damage to vital civilian infrastructure is a tragedy. 🇬🇧 echoes @UNenvoysyria’s calls for all to exercise restraint.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، قد ناشد في بيانٍ صادر عن الأمم المتحدة، أمس الخميس، "جميع الأطراف بشكل عاجل ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
وقال: "تذكرنا مشاهد اليوم المروعة بالحاجة إلى خفض التصعيد بشكل فوري سعياً إلى تحقيق وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني واتباع نهج متضافر لمواجهة الجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254 (2015)".
وطالب "جميع الأطراف باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية".
وأشار بيدرسون، إلى أن "تطورات اليوم (أمس الخميس) تؤكد أن الوضع الراهن في سورية غير مستدام، وأن هناك غياباً لمسار سياسي جاد يهدف إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 (2015)".
وبحسب منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، فإن عدد القتلى من جراء تصعيد قوات النظام وروسيا القصف المدفعي والصاروخي، بالإضافة إلى الغارات الجوية الروسية، في منطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها) بلغ خلال الـ48 ساعة الماضية، 15 قتيلاً بينهم 3 نساء و3 أطفال، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 81 مدنياً بينهم 27 طفلاً و19 امرأة.
وكانت وزارة الصحة لدى حكومة النظام السوري قد أكدت في بيانٍ، اليوم الجمعة، أن عدد القتلى من جراء الهجوم الذي استهدف الكلية العسكرية في محافظة حمص، ارتفع إلى 89 منهم 31 امرأة، و5 أطفال، كما بلغ عدد الإصابات 277 شخصاً.
وفي موازاة ذلك، حضرت المجازر التي ارتكبت أمس في عدة أماكن من سورية، في التظاهرات التي خرجت بالسويداء، حيث تجمّع آلاف المحتجين والمحتجات، أمس في ساحة الكرامة، يحملون لافتات الحداد على الضحايا السوريين من إدلب إلى حمص إلى الحسكة.
وردد المحتجون هتافات تطالب "بمحاكمة المجرمين الذين باعوا وقتلوا السوريين"، ووقفوا دقيقة صمت على أرواح الضحايا.
ولم يستبعد الناشط علي جريرة أن "يصيب الحراك السلمي في السويداء شيئاً من تداعيات مجزرة الكلية الحربية". وبرأيه إن "الفاعل متواجد على كل الأرض السورية ولا يملك إلا لغة العنف والقتل من أجل بسط سيطرته وتنفيذ أهدافه".
تأييد إيراني
ما زالت ردود الفعل الإيرانية تتوالى على حادث قصف الكلية الحربية للنظام السوري في حمص، أمس الخميس، فبعث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي برسالة مواساة وتعزية لرئيس هذا النظام بشار الأسد فيما خاطب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري في رسالة مماثلة أخرى وزير الدفاع للنظام السوري علي محمد عباس.
وأدان الرئيس الإيراني "بشدة" مقتل وإصابة العشرات من الضباط الخريجين في الكلية الحربية في حمص، محملا من سماهم "الحماة الأجانب للمجموعات الإرهابية محتلي الأراضي السورية"، مسؤولية الهجوم وذلك في تلميح غير مباشر إلى الولايات المتحدة الأميركية وتركيا.
وأضاف رئيسي وفق موقع الرئاسة الإيرانية، أن الهجوم يستهدف "منع تحقيق الاستقرار والأمن الكامل" في سورية، قائلاً إنه ناتج عن "استمرار الدعم الأمني والاستخباري اللوجيستي" للمجموعات المسلحة.
من جهته، ندد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري بالقصف، داعياً الحكومات الداعمة لمنفذيه إلى تحمل مسؤولياتها.
كما أكد باقري استعداد طهران لتعميق التعاون مع النظام السوري لاجتثاث ما سماه "الإرهاب في سورية ومكافحته".