يناقش نواب برلمانيون في فنلندا، هذه الأيام، مطالب حزبية وشعبية بفرض المزيد من القيود على قدوم المواطنين الروس إلى البلاد بتأشيرات سياحية، بعدما اتضح أن آلافا منهم أصبحوا يستخدمون هلسنكي للتغلب على حظر الدول الأوروبية السفر المباشر جوا من روسيا وإليها، على خلفية العقوبات المفروضة عليها بسبب اجتياحها أوكرانيا.
مشاهد تدفق "السائحين" الروس من سانت بطرسبرغ الواقعة على ساحل خليج فنلندا عبر الحافلات، وخصوصا بعد تخفيف موسكو بداية يوليو/ تموز الحالي قيود السفر التي فرضتها بسبب جائحة كورونا، تزيد هذه الأيام من السجال المتزامن مع استمرار توتر العلاقة بالجار الروسي.
فبحسب السلطات الفنلندية، يتوافد يوميا المئات من أبناء الطبقات المتوسطة والثرية الروسية إلى هلسنكي، ليتوجه أغلبيتهم مباشرة نحو مطارها، لمواصلة رحلاتهم الدولية.
ويخشى المشرعون تحول بلدهم، العضو في الاتحاد الأوروبي والمرشح لعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى "بوابة خلفية" للروس، وسط حالة تضامن متواصلة مع أوكرانيا، وشيوع تململ شعبي من كل ما هو روسي منذ اجتياح أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي. فالاستطلاعات الأوروبية أظهرت الفنلنديين في مقدمة الداعمين للأوكرانيين، وأكثرهم تحميلا للروس مسؤولية "غياب السلام". وأظهرت نتائج استطلاع لـ"المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، أن 90 في المائة من الفنلنديين يُحمّلون روسيا مسؤولية الحرب، بينما نسبة 5 في المائة فقط حملوا الغرب تلك المسؤولية.
معضلة عدم معاقبة الشعب الروسي على سياسات الكرملين في أوكرانيا تتزامن أيضا وتهديدات روسية، بما فيها التحذيرات بردود عسكرية، لثني هلسنكي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الذي أصبحت بالفعل قاب قوسين من عضويته التامة.
الالتفاف على مصاعب السفر جوا
ويمتلك مواطنو روسيا خيارات محدودة من أجل السفر المباشر جوا، وبعضهم اختار التوجه إلى إسطنبول ليصل إلى روسيا أو ليغادرها، من وإلى وجهات دولية تكلف مالا ووقتا أكثر من السابق، فيما ينتهز آخرون وجود معابر برية مفتوحة للتنقل بسياراتهم من سانت بطرسبرغ إلى فنلندا.
ووسط ذلك، تتصاعد مطالب فرض قيود على منح تأشيرات السياحة من خلال قنصلية هلسنكي في سانت بطرسبرغ، بعد تقديرات بوصول أكثر من 15 ألف مسافر روسي خلال الأسبوعين الماضيين فقط.
وانتشرت على المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي في فنلندا الأصوات المعارضة لقدوم الروس، حيث تشارك المعلقون جُملاً من قبيل "لا تأتوا إلينا للتسوق والسفر في الوقت الذي يقصف بلدكم فينيتسا وتحتل خيرسون وتدمر ماريوبول وسيفيرودونيتسك"، كما أوردت صحيفة "هلسنغين سانومات" أمس الخميس.
وبحسب الصحيفة، فإن "ضغط الرأي العام في فنلندا يدفع بأحزاب البرلمان لمناقشة وقف إصدار التأشيرات السياحية من روسيا".
ومن الطرق الأخرى التي يلجأ إليها الروس للالتفاف على مصاعب السفر، يختار بعضهم الطيران نحو جيب كالينينغراد الروسي على البلطيق ومنه برا نحو غدانسك البولندية، ليواصلوا رحلاتهم جوا باتجاه أوروبا وغيرها. وسجلت الدول الأوروبية تناميا في حالات الوصول من سانت بطرسبرغ على وجه الخصوص، حيث يعتقد أن الطبقات المتوسطة القادرة ماديا تتخذها ممرا نحو الغرب، وخصوصا هؤلاء الذين لديهم أقارب أو أبناء يدرسون في أوروبا، ويسهل عليهم الحصول على تأشيرات لزيارتهم.
وكانت إستونيا، وهي من دول البلطيق، قد أوقفت بالفعل منح تأشيرات سياحية للروس، بينما أبقت على المعبر الحدودي البري في نارفا مفتوحا أمام حاملي الإقامات الأوروبية وتأشيرة شينغن.