حمّل الناشط السياسي الجزائري المعارض، كريم طابو، أمس الأربعاء، السلطات المسؤولية عن سلامته الشخصية وسلامة عائلته، بعدما اتهم مصالح الأمن باحتجازه في مقرّها دون احترام للإجراءات القضائية، وتلقيه تهديدات من ضابط أمن في حال استمراره في توجيه انتقادات للسلطات.
ووجه السكرتير السابق لـ"جبهة القوى الاشتراكية" ورئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي" (غير معتمد) رسالة مفتوحة إلى المدير العام للأمن الجزائري، فريد بن الشيخ، كشف فيها تفاصيل اعتقاله عشية عيد الفطر (29 إبريل/ نيسان الماضي) واستجوابه لاحقاً في مقر الشرطة بالعاصمة في 4 مايو/أيار الجاري بخصوص نشاطه السياسي.
وأكد طابو أنه اعتقل من مسكنه "من طرف أشخاص بالزي المدني، دون استظهار أي وثيقة تثبت صفتهم أو أمراً قضائياً بذلك"، معتبراً ذلك "رسالة سياسية لشخصي، مضمونها أنني تحت رحمة مُصدر التعليمات، وغاية ذلك أيضاً ترويع عائلتي ولجعل مني مثالاً وعبرة لباقي المواطنين".
وأوضح أنّ اعتقاله بتلك الطريقة "تجسيد لممارسات البوليس السياسي"، مضيفاً أنه أُبقي مدة عشرين ساعة دون تمكينه من الاتصال بعائلته وإعلامها بمكان وجوده كما ينص عليه القانون. ووصف ذلك بأنه "احتجاز واختطاف وحجز قسري مخالف للدستور".
وكشف طابو عن تلقيه تهديدات مباشرة من ضابط أمن استجوبه، قال إنه أخبره بالحرف الواحد، كما ورد في رسالته: "من اليوم وروح اهدر قيسك (من اليوم فصاعداً لا تتحدث كثيراً) وما تهدرش (لا تتحدث) على الرئيس وما تهدرش على المؤسسات.. خمم (فكر) في أولادك ومرتك (زوجتك) سينو (أو) راح تتمردد وتمرمد (سوف تتعب وتُتعب) معاك مرتك وأولادك".
وقال إنّ تلك التهديدات وغيرها مثل "راك تحت عينينا ورانا متبعينك (أنت تحت المراقبة)"، "أعتبرها تهديداً مباشراً، ومصادرة لمواطنتي وحرماني حقوقي المدنية والسياسية. التي لا يسوغ إلا للقضاء حرمان الشخص منها بعد محاكمة عادلة".
وتابع في رسالته: "ولا بد من تذكيركم بأنني رجل سياسي أتحمّل مواقفي وآرائي السياسية. ولا يمكنني التنازل عنها كونها تشكل شخصيتي وقناعاتي"، مضيفاً: "كما أعتبر هذا استيلاءً من الجهاز الأمني على صلاحيات القضاء، ودوساً على الدستور وقوانين البلاد. وتدخلاً غير مقبول للمؤسسات الأمنية في الشأن السياسي".
وحمل طابو الذي يعد أبرز نشطاء الحراك الشعبي السلطات الجزائرية المسؤولية عن سلامته الشخصية، قائلاً: "بالنظر لما تعرضت له، أُشهد الرأي العام أنكم تتحملون المسؤولية الكاملة لكل ما يمكن حصوله لشخصي أو لعائلتي، كما أحتفظ بحقي في اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لضمان حماية شخصي وعائلتي".
وسبق للسلطات الجزائرية أن اعتقلت كريم طابو عدة مرات بسبب مواقفه السياسية ومعارضته للسلطة ومواقفه الحادة، آخرها في إبريل/نيسان 2021، حيث تقرر وضعه تحت الرقابة القضائية، بعد الإفراج عنه بداية يوليو/تموز 2020.
وقبل الإفراج عنه، كان يقبع في السجن منذ سبتمبر/أيلول 2019، على خلفية مشاركته في مظاهرات الحراك الشعبي ومواقفه السياسية. وحاول طابو قبل سنوات إنشاء حزب تحت اسم "الاتحاد من أجل الديمقراطية"، لكنه لم يحصل على الترخيص اللازم لذلك.
وتأتي هذه القضية في ظل إطلاق الجزائر لمبادرة جديدة "لم الشمل"، موجهة للمعارضين السياسيين، وبدء الرئيس عبد المجيد تبون سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة بهدف "رصّ الجبهة الداخلية للبلاد".