أكدت معركة الاشتباك التي قادها الفلسطيني عدي التميمي، مساء الأربعاء، على مشارف مستوطنة "معالي أدوميم" شرقي القدس المحتلة، على الطريق المؤدي جنوباً إلى أريحا، فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، العسكرية منها (الجيش) والمدنية (الشاباك) في اعتقاله، رغم مرور أحد عشر يوماً على تنفيذه عملية إطلاق النار عند حاجز شعفاط شمالي القدس المحتلة.
وأثارت قدرة التميمي، خوض معركة حتى الرمق الأخير، قبل استشهاده مع حراس المستوطنة، انتقادات في صفوف محللين عسكريين في الصحف الإسرائيلية، إذ اعتبروا أنّ تمكّنه من البقاء مختبئاً، وفشل قوات الاحتلال في الوصول إلى موقعه، يؤكد أنّ على الجيش وجهاز المخابرات، إعادة النظر في سبل عملهما، وفق ما ذهب إليه، كل من أمير بوحبوط في موقع "والاه" وليلاخ شوفال في صحيفة "يسرائيل هيوم".
واعتبرت "يسرائيل هيوم"، اليوم الخميس، أنه "إذا كان يجب توزيع أوسمة لاغتيال التميمي، فيجب أن تذهب للحراس المدنيين في المستوطنة، وليس لقوات الجيش أو أذرع المخابرات".
في المقابل، اعتبر بوحبوط، في موقع "والاه" أنّ ما حدث، من فشل الجنود عند حاجز شعفاط في التصدي للتميمي عند تنفيذ عمليته، ثم تمكّنه من البقاء تحت الأرض وعدم الوصول إليه، بل وتمكّنه من الاستعداد لتنفيذ عملية أخرى، يؤكد فشل أساليب المنظومة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية في عملها.
ولفت بوحبوط إلى دور الحاضنة الشعبية للتميمي، الذي حظي بالتفاف شعبي واسع في مخيم شعفاط، حال دون الوصول إليه رغم الحصار الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على المخيم ونصب الحواجز ومنع الخروج منه طيلة 11 يوماً.
#شاهد | تدفق أهالي مخيم #شعفاط إلى منزل الشهيد #عدي_التميمي، الذي قضى برصاص الاحتلال عند مستوطنة معالي أدوميم في #القدس 🇵🇸 pic.twitter.com/hhLiWVVajU
— العربي الجديد (@alaraby_ar) October 19, 2022
ولم يفت بوحبوط الإشارة إلى خطوة التضامن والدفاع العفوية التي نفّذها شباب مخيم شعفاط عند حلق رؤوسهم لمنع قوات الاحتلال من الوصول إلى التميمي الذي كان حليق الرأس.
وبيّنت واقعة استشهاد التميمي في اشتباك مسلح، ليل الأربعاء، بحسب بوحبوط، حجم الفجوة بين ما تحدث عنه الجيش الإسرائيلي والمخابرات، في تشديد الحصار على مخيم شعفاط، واستخدام كل الأساليب والأدوات التكنولوجية المتطورة في البحث عن التميمي عبر المسيّرات التي أعلن الجيش والمخابرات وشرطة القدس المحتلة عن استخدامها بكثافة، على مدار الأيام الأخيرة في مطاردته.
ولاقت هذه المسيّرات ردود فعل فلسطينية ساخرة، تجلّت، وفق تقارير محلية، في حملة مضادة لإرباك شرطة الاحتلال في أحياء مقدسية حتى البعيدة منها عن مخيم شعفاط مثل حي جبل المكبر، من خلال شنّ هجوم من الاتصالات لمراكز الشرطة لتقديم شكاوى عن الإزعاج الذي تسبّبه هذه المسيّرات، والتي يطلق عليها الفلسطينيون "الزنانة".
وتندر الفلسطينيون وسخروا من نشاطها في أحياء جنوبي القدس المحتلة، فيما كان التميمي، كما اتضح من معركة اشتباكه الأخيرة، قد تمكّن من الخروج من مخيم شعفاط رغم الحصار، والاختباء في قرية العيزرية والحصول على سلاح من جديد والتخطيط لعمليته الأخيرة التي استشهد فيها في مستوطنة "معاليه أدوميم"، إحدى أوائل المستوطنات الكبيرة التي أقامها الاحتلال في أواسط السبعينات شرقي القدس على طريق أريحا.
واستذكر بوحبوط في سياق تعرضه لفشل الأجهزة الإسرائيلية وسياسة نصب الحواجز والاعتماد على الكاميرات، أيضاً السهولة التي تمكّن فيها، في أغسطس/ آب الماضي، أمير صيداوي من الفرار من موقع العملية التي نفذها قرب حائط البراق، ثم ركوب سيارة تاكسي، ومغادرة المكان، إلى أن قام بتسليم نفسه بنفسه.
وأشار بوحبوط إلى أنّ الواقع القائم ميدانياً هو وجود عشرات من الشبان الفلسطينيين القادرين على الوصول إلى السلاح وانتظار الفرصة لتنفيذ عملية فدائية، مبيّناً أنّ هناك مجموعات كبيرة من هذه الفئة العمرية التي يملك أفرادها السلاح، لكنهم لم يقرروا بعد هل ينفذون عملية فدائية أم لا، وهو واقع لا يملك الجيش وأجهزة الاستخبارات حلاً له، لا سيما في ظل تبلور حاضنة شعبية، تحول دون الوصول إلى عناصر المقاومة، كما تشهد على ذلك حالة الشهيد التميمي.
وبحسب بوحبوط، سيكون على الجيش الإسرائيلي تغيير خططه وأساليب عمله إضافة إلى تكثيف وزيادة عدد الحواجز، وتعزيز عدد القوات فيها، وتحسين وتكثيف عمليات جمع المعلومات والمبادرة لاستهداف "مصادر التحريض".
وخلص بوحبوط إلى القول إنّ المسدسات والبنادق باتت بديلاً في الوقت الراهن عن السكاكين، التي ميزت "انتفاضة السكاكين" في عام 2015.