اعتبر معهد "علما" الإسرائيلي لأبحاث الأمن في الشمال، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تلحق أي ضرر بكفاءة "حزب الله" اللبناني خلال الضربات التي وجهتها إليه في الشهرين الأخيرين، وأن للحزب القدرة على "غزو" الجليل في ورقة موقف أصدرها أمس الأربعاء.
وأكد المعهد أن أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (طوفان الأقصى) أكدت مرة أخرى، أن أي حاجز مادي أو تكنولوجي قابل للاختراق.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، ادّعى مطلع هذا الأسبوع، خلال وجوده على الحدود مع لبنان، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تمكن من إجبار قوات "حزب الله" على الانسحاب من المناطق الحدودية، فيما أكد معهد الأبحاث أن "وحدات الرضوان جاهزة وقادرة على القيام بغزو الجليل في أية لحظة".
وأضاف الباحثون في المعهد أنه "حتى لو كانت قوات النخبة التابعة لحزب الله ابتعدت في معظمها عن الحدود، فهذا لا يعني أن هنالك ضرر لحق بجهوزيتها".
وذكر رئيس قسم الأبحاث في "علما"، طال باري، الذي يواكب منذ سنوات المنظمات في لبنان وقاد العمل على ورقة الموقف، أن السؤال الذي يُسأل في المنظمة ليس إن كان الحزب سيغزو من خلال قوات النخبة الخاصة به بلدات الجليل ولكن متى سيفعل ذلك.
وبحسب باري، فإن التنظيم "كان في السابع من أكتوبر على وشك اتخاذ قرار للقيام بذلك واحتلال بلدات الجليل"، وتشير ورقة تقدير الموقف إلى أن "حركة حماس قامت فعلياً في 7 أكتوبر بنسخ خطة الغزو الخاصة بوحدات الرضوان وطبّقتها من خلال وحدات النخبة الخاصة بها على الحدود الجنوبية مع قطاع غزة".
وأضاف الباحثون الإسرائيليون في المعهد أنه "لسبب لم يتضح بعد فإن حركة حماس نفّذت الخطة بدون حزب الله الأمر الذي أدّى إلى تأجيل موعد خطة الغزو في الشمال، ذلك أن الحزب غير معني بالانجرار وراء الفلسطينيين في حرب لم يبدأها هو".
وتشير ورقة المعهد الإسرائيلي إلى أن الباحثين فيه مقتنعون بأن الإسرائيليين الذين يسكنون في المناطق الشمالية غير محميين، وعلى الرغم من جهود الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة لتعزيز الحدود الشمالية وإقامة المزيد من الأسوار ووسائل المراقبة على طول الحدود، إلا أنه لا تزال هناك أجزاء لم يتم تحديث الحواجز الحدودية فيها، مما يساهم في تسهيل عملية الاختراق عبرها.
وذكر الباحثون أيضاً أن التضاريس الجبلية على الحدود اللبنانية مختلفة عما هي عليه في المناطق المستوية المحيطة بقطاع غزة، وأن الحركة فيها أصعب، لكنها تتيح في ذات الوقت التحرّك بخفاء أكبر، كما أن "حزب الله" يعرف المنطقة وكيفية التعامل معها.
وبحسب المعهد، فإن الوجود المكثّف للقوات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية والسوريّة منذ 7 أكتوبر "أفقد حزب الله عامل المفاجأة"، ولكن مع هذا يرى الباحثون أن "بإمكانه في هذه الأيام أيضاً لو أراد اختراق الحدود إلى الأراضي الإسرائيلية مع قوات محدودة أكثر من وحدات الرضوان وإلى منطقة مركّزة أكثر".
في سياق متصل، أعرب عدد من رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات والبلدات الحدودية مع لبنان، خلال لقائهم رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هليفي، هذا الأسبوع، عن مخاوفهم الكبيرة من وجود عناصر "حزب الله" على مقربة من الحدود وعودتهم إليها على الرغم من تصريحات الجيش الإسرائيلي الذي قال إنه تمكّن من إبعادهم عن المكان.
وخرج الرؤساء من الجلسة محبطين وقلقين من المستقبل، بعد أن شددوا خلالها على أن عشرات آلاف سكان الجليل الذين أخلوا بيوتهم منذ بداية الحرب، لن يوافقوا على العودة إليها في ظل الوضع الحالي.
وتعهد هليفي بأن "سكان الشمال سيعودون إلى واقع أمني مختلف، أفضل وأكثر استقراراً"، لكن بحسب بعض الرؤساء، لم يذكر هليفي أن "إسرائيل ستهتم بإبعاد حزب الله عن الحدود بناءً على قرار الأمم المتحدة 1701 الذي صدر في أعقاب حرب لبنان الثانية"، فيما يطالبون هم بذلك.
وعرض الرؤساء على هليفي مشاهد قالوا إنها لقوات "حزب الله"، التي "تستغل الهدنة من أجل العودة إلى المناطق القريبة من السياج الحدودي، بهدف المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية عن قوات الجيش الإسرائيلي المنتشرة في المنطقة".
ويلتقي هذا مع ما ادعاه مركز الأبحاث، بأن قوات الرضوان تواصل جمع معلومات استخبارية بشكل مستمر أيضاً في المناطق القريبة من الحدود، وتقوم بملاءمتها لخططها الأصلية.
وبناء على ما خلص إليه البحث، فقد أوصى الخبراء الأمنيون في معهد الأبحاث الأمنية في الشمال جيش الاحتلال الإسرائيلي "بالعمل من أجل توجيه ضربة مباشرة واسعة للبنى التحتية لقوات الرضوان وعناصرها".