أكد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في مجلس الأمن الدولي في نيويورك لـ"العربي الجديد"، مساء الاثنين، أنّ واحدة من القضايا التي ما زالت الدول الأعضاء تتفاوض حولها في ما يخص مسودة مشروع قرار يجدد عمل "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" (اليونيفيل)، تتعلق بـ"حرية تحرك قوات اليونيفيل".
وأضاف المصدر "حتى الآن لا يوجد اتفاق على مسودة نهائية، ولكن ما زال لدينا بعض الوقت.. بحسب ما فهمنا فإنّ الجانب الفرنسي يحاول أن يجد حلاً وسط بين الأطراف المختلفة في ما يتعلق بحرية الحركة".
وينتهي التفويض لمهام البعثة في نهاية الشهر، فيما من المفترض أن يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الأربعاء صباحاً بتوقيت نيويورك، بحسب برنامجه الرسمي. وفي حال تعرقلت المفاوضات فمن المتوقع أن يتم إرجاء التصويت للمساء أو لليوم التالي، أي في 31 من الشهر الجاري.
وكان مجلس الأمن الدولي قد ناقش، نهاية الشهر الماضي، في جلسة مفتوحة، جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، تخللتها إحاطات لقادة عمليات حفظ السلام في عدد من الدول من بينها اليونيفيل في لبنان.
وشدد قائد قوات اليونيفيل في لبنان اللواء أرولدو لاثارو على عدد من الأمور، من بينها أهمية التعاون مع الجيش اللبناني، مشيراً في الوقت ذاته إلى عدد من التحديات التي يتمثل أبرزها في عدم مقدرة اليونيفيل على "الوصول إلى جميع المواقع المهمة وخاصة ميادين الرماية غير المرخصة".
ويوم الجمعة الماضي، أعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب رفض بلاده مسودة مشروع في مجلس الأمن الدولي يمنح قوات الأمم المتحدة المؤقتة في بلاده (الونيفيل) حق تنفيذ عمليات من دون التنسيق مع الجيش اللبناني.
وأكد بوحبيب، وفق بيان للخارجية اللبنانية، "رفض لبنان للصيغة المتداولة، كونها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة ممثلة بالجيش، كما تنص اتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة".
وتشمل عمليات اليونيفيل دوريات ليلية ونهارية، ووضع نقاط مراقبة، ورصد الخط الأزرق (حدودي)، وإزالة الذخائر غير المنفجرة والقنابل العنقودية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد قدم تقريره الدوري للمجلس، الشهر الماضي، حول تنفيذ القرار 1701 والذي تبناه مجلس الأمن الدولي عام 2006، ودعا فيه إلى وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل و"حزب الله".
وغطى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير الفترة ما بين 21 فبراير/ شباط و20 يونيو/ حزيران من العام 2023. وسجل تقرير غوتيريس سلسلة طويلة من الانتهاكات للقرار بما فيها "وجود أسلحة غير مأذون بها في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق".
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن "وجود أسلحة في ميادين الرماية واستخدامها فعليا خارج نطاق سيطرة الدولة يشكّل انتهاكاً صارخاً آخر للقرار 1701 (2006)".
ودعا التقرير الجيش اللبناني إلى "تيسير وصول القوات المؤقتة إلى المواقع المطلوب زيارتها في إطار تحقيقاتها والتنفيذ اليومي لولايتها. إن استمرار الافتقار إلى الدعم اللازم لكي يتسنى الوصول إلى ميادين الرماية أمر غير مقبول". وأدان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة "احتفاظ (حزب الله) وجماعات مسلحة أخرى غير تابعة لدول بأسلحة غير مأذون بها واعترافها المتكرر بذلك".
كما لفت الانتباه إلى انتهاك الجيش الإسرائيلي المستمر للقرار عن طريقة مواصلته احتلال الجزء الشمالي من قرية الغجر والمنطقة المتاخمة لها شمالي الخط الأزرق، مؤكداً ضرورة إنهائه.
وأكد التقرير أيضاً أنّ التعزيزات الجارية في المنطقة لا تتوافق مع ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، كما أنها "تشعل فتيل التوتر"، وعبّر أيضاً عن قلقه من "الانتهاكات المستمرة للمجال الجوي اللبناني من قبل الطائرات والمسيّرات الإسرائيلية، لافتاً إلى أنّ عمليات التحليق تشكّل انتهاكاً للقرار.
تباين المواقف وخلافات بين الدول الأعضاء
وعلى الرغم من حديث الدول الأعضاء عن ضرورة التجديد لعمل البعثة ودعم سيادة لبنان وسلامته الإقليمية، إلا أن الخلافات بينها موجودة وظهرت خلال مفاوضات العام الماضي بشكل جلي.
غير أنّ الدول الأعضاء في المجلس تمكنت ورغم تلك الخلافات من التوصل إلى صيغة سمحت بالتجديد لمهام اليونيفيل لسنة إضافية وتبنيها للقرار 2650 (2022) الذي تنتهي مدته في نهاية الشهر الجاري.
ومن بين الخلافات التي ظهرت العام الماضي أيضاً تلك المتعلقة بـ"حزب الله"، حيث تدرج دول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة الحزب كـ"جماعة إرهابية"، في حين تعتبره دول أخرى مثل روسيا حزباً سياسياً واجتماعياً وقوة مشروعة.
ويبدو أنّ بعضاً من الخلافات هذا العام تتعلّق مجدداً بالفقرة 16 من القرار 2650 (2022). وعلى الرغم من أنها ظهرت في مفاوضات العام الماضي، إلا أنه تم الاتفاق على أن يتم الإبقاء عليها في مسودة قرار العام الماضي.
وتنص الفقرة الـ16 من القرار الحالي، أي القرار 2650 (2022)، على أنّ مجلس الأمن الدولي "يحث جميع الأطراف على التعاون التام مع رئيس البعثة والقوة المؤقتة في تنفيذ القرار 1701، وعلى كفالة الاحترام التام لحرية القوة المؤقتة في التنقل في جميع عملياتها ووصول القوة المؤقتة إلى الخط الأزرق بكامل أجزائه وعدم إعاقتها، ويعيد التأكيد أن القوة المؤقتة لا تحتاج إلى تراخيص أو أذن مسبق للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنها مأذون لها بالاضطلاع بعملياتها بصورة مستقلة".
ومن غير الواضح حتى اللحظة ما إذا كان الجانب الفرنسي، الذي يتفاوض حول صياغة المسودة، سيتمكن من التوصل لصيغة وسطية تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات جميع الأطراف وتبقي على هذه الفقرة أو تحذفها.
كما من المتوقع أن تشتمل المسودة على لغة تحث البرلمان اللبناني على انتخاب رئيس والدعوة لتشكيل حكومة جديدة. فيما رأى مراقبون أن بعض الدول، كروسيا والصين، قد ترى في كل هذه التفاصيل "توجيهات مفرطة تتعلق بالشؤون السياسية الداخلية في لبنان ومن غير الضروري أن ينص عليها القرار".