قال المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، اليوم الأحد، إن العنف جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وصل في الأيام الأخيرة إلى مستوى لا يمكن فهمه، مع هجمات على المدارس التي تؤوي نازحين وتحول مستشفى إلى "منطقة موت"، في إشارة منه إلى اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي.
وذكر تورك في بيان أن "الأحداث المروعة التي وقعت خلال الساعات الـ48 الماضية في غزة تفوق التصور".
وحذر من أن "مقتل هذا العدد الكبير من الأشخاص في المدارس التي أصبحت ملاجئ، وفرار المئات للنجاة بحياتهم من مستشفى الشفاء، وسط استمرار نزوح مئات الآلاف الى جنوب غزة، هي أفعال تتعارض مع الحماية الأساسية التي يجب توفيرها للمدنيين بموجب القانون الدولي".
وأضاف: "الصور التي يبدو أنها التقطت في أعقاب القصف الإسرائيلي لمدرسة الفاخورة مروعة، وتبرز بوضوح أعدادا كبيرة من النساء والأطفال والرجال الذين تعرضوا لإصابات بليغة أو قتلوا. تعرضت كذلك ما لا يقل عن ثلاث مدارس أخرى تؤوي نازحين فلسطينيين إلى القصف خلال الـ48 ساعة الماضية".
وأشار تورك في بيان إلى أن قوات الاحتلال المتوغلة برياً شمالي غزة واصلت "عملياتها العسكرية" داخل مجمع الشفاء، وفي محيطه، مضيفا أن زملاء له بالأمم المتحدة زاروا المستشفى الأكبر في قطاع غزة أمس وشاهدوا بأم عينهم ما وصفوه بـ"منطقة موت". وتابع: "فرت الأطقم الطبية والمرضى والمدنيون من المستشفى، بعدما أمرهم الجيش الإسرائيلي بالقيام بذلك. المئات شوهدوا وهم يتوجهون سيراً على الأقدام نحو الجنوب، مجازفين بحياتهم، وصحتهم، وسلامتهم. وإلى أين؟ لا مكان آمناً في غزة".
#Gaza: The pain, dread, & fear etched on faces of children, women & men is too much to bear. “How much more violence, bloodshed & misery will it take before people come to their senses? How many more civilians will be killed?” - @volker_turk https://t.co/dc0aSD3SSB pic.twitter.com/KbWId0AwwB
— UN Human Rights (@UNHumanRights) November 19, 2023
والسبت، خرج المئات من مستشفى الشفاء، بعد طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي، عبر مكبرات صوت واتصال مع مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، إخلاءه من جميع مَن فيه من مرضى، ومصابين، ونازحين، وطاقم طبي، والتوجه مشياً نحو شارع البحر، ومنحهم ساعة واحدة للقيام بذلك.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أنّ إخلاء مستشفى الشفاء الطبي يمثل إمعاناً إسرائيلياً رسمياً في استكمال حلقات الإعدام والإبادة الجماعية لأي وجود فلسطيني في مدينة غزة، وشمال القطاع، وبما يعمق أيضاً الكارثة الإنسانية والبيئية التي يتعرض لها القطاع.
وبحسب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإنه في خانيونس جنوبي قطاع غزة، يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي "برمي منشورات تطالب السكان بالذهاب إلى "ملاجئ معترف بها" غير محددة، "حتى مع وقوع غارات في جميع أنحاء غزة".
وأكد فولكر تورك أنه "بغض النظر عن التحذيرات، فإن إسرائيل ملزمة بحماية المدنيين أينما كانوا"، في إشارة إلى المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي المتعلقة بالتمييز والتناسب والاحتياطات عند تنفيذ الهجمات.
وتابع أن "عدم الالتزام بهذه القواعد قد يشكل جرائم حرب".
وأضاف تورك: "الألم والفزع والخوف المحفور على وجوه الأطفال والنساء والرجال أكبر من أن يُحتمل"، متسائلاً: "كم من العنف وسفك الدماء والبؤس سيستغرق الأمر قبل أن يعود الناس إلى رشدهم؟ كم عدد المدنيين الذين سيقتلون؟".
لم تتوقّف المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في قطاع غزة الذي أطبق عليه حصاره. وكانت آخرها مجزرتان ارتُكبتا، أمس السبت، في مدرستَي الفاخورة وتلّ الزعتر بمخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي القطاع.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تستهدف فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وقد تحوّلت إلى ملاجئ تحتضن آلاف الفلسطينيين النازحين وسط الحرب المستمرّة على قطاع غزة منذ ستّة أسابيع.
وقد دفع ذلك وكالة أونروا، السبت، إلى وصف الغارات بـ"المروّعة" وإدانتها، شأنها شأن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وكذلك المكتب الإقليمي للدول العربية لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتمضي قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم الرابع والأربعين في حربها المدمّرة على قطاع غزة، وقد خلّفت أكثر من 12 ألفا و300 شهيد، جلهم أطفال ونساء، إلى جانب أكثر من 30 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء.
(العربي الجديد، فرانس برس)