مقابلة | مارتن غريفيث: في غزة يُنتهك كل القانون الدولي تقريباً

27 سبتمبر 2024
غريفيث: لا توجد مساءلة في جميع أنحاء العالم (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الوضع الإنساني في غزة: وصف مارتن غريفيث الوضع بأنه سيئ للغاية، حيث تصل المساعدات الإنسانية إلى 30% فقط من المحتاجين بسبب العوائق الإسرائيلية والمعوقات الداخلية.
- انتهاك القانون الدولي: أكد غريفيث أن غزة تشهد انتهاكات واسعة للقانون الدولي، بما في ذلك عمليات القتل والحرب وغياب المساءلة، مما يعزز الإفلات من العقاب.
- تأثير الأزمة على المجتمع الدولي: أشار غريفيث إلى أن مأساة غزة تشوه صورة المنظمات الدولية وتدفع البعض للتفكير في ارتكاب مخالفات قانونية دون خوف من العقاب.

وصف الوكيل السابق للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، غزة، بأنها "المكان الذي يُنتهك فيه كل القانون الدولي تقريبا"، مضيفاً في حوار مع "العربي الجديد" خلال زيارته العاصمة الأميركية واشنطن، إن "مأساة غزة هدية رهيبة لعالم الشر، وستستخدم مسرحا للإفلات من الجريمة"، مشيرا إلى أن ما تشهده سيؤثر على مستقبل المنظمات الدولية وعلى العالم بأكمله.

كيف تقيّم الوضع الإنساني الآن في غزة؟

في الواقع الوضع في غزة سيئ كما كان خلال هذه الأشهر الـ11 الماضية، والمساعدات الإنسانية في أدنى مستوياتها. وتقدّر الأمم المتحدة أنه إذا حالفنا الحظ، فقد نتمكن هذا الشهر من تقديم الغذاء إلى 30% من الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى الغذاء للبقاء على قيد الحياة. 30% فقط، أما الباقون، فلا. والسبب في ذلك ليس نقص المساعدات، بل إن عدد الشاحنات المتوقفة خارج غزة هائل، ولكن الأمر يتعلق بالعوائق التي تحول دون تسليم المساعدات في غزة من قبل القوات الإسرائيلية، وأيضا المعوقات الداخلية التي هي نتيجة طبيعية للحرب في غزة ونقص الغذاء ونقص السلع في المحلات التجارية. إن انتهاك القانون ومحاولة البعض الحصول عليه لإطعام أسرته وإن كان نتيجة طبيعية، ولكنه يضيف أيضا إلى الصعوبات التي تواجه عمليات التسليم الإنسانية.

إذا حالفنا الحظ، فقد نتمكن هذا الشهر من تقديم الغذاء إلى 30% من الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى الغذاء للبقاء على قيد الحياة

من وجهة نظرك، كيف تقيم هذا التمادي في انتهاك القانون الدولي؟

حسنا، غزة هي المكان الذي يُنتهك فيه كل القانون الدولي تقريباً. إن عمليات القتل التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت بالطبع انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان. ولكن الحرب التي أعقبت ذلك، وبصراحة أيضا الوعود الزائفة التي سبقت ذلك بشأن الدولة الفلسطينية، كلها انتهاكات للالتزامات الدولية. وما رأيناه في غزة أن هذا أصبح قاعدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه صارت لا توجد مساءلة في جميع أنحاء العالم.

برأيك ما سبب الأزمة والوضع الحالي؟

مأساة غزة أنه لا يتم تطبيق القانون، فلم يتم التحقيق في كيفية قتل أي عامل إغاثة إنسانية، ناهيك عن إدانة المسؤولين، وهذا مجرد جزء واحد من الإفلات من العقاب وغياب تطبيق القانون. وأود أن أقول إننا لسنا بحاجة إلى قوانين جديدة، فنحن لدينا القوانين مثل اتفاقيات جنيف، والقوانين الدولية، ومحكمة العدل الدولية التي تحدثت عن ذلك، ولكن لا يتم تطبيقها. وهذه هي المأساة.

وهل تعتقد أن تأثير هذه الأزمة سيمتد على المجتمع الدولي؟

النتيجة المترتبة على ذلك هي أن الناس عندما يرون غزة مسرحا للإفلات من العقاب، فإن الناس في جميع أنحاء العالم سوف يشاهدون هذا، وقد يتعلم بعضهم درساً من ذلك ويفكرون: لماذا لا نفعل شيئاً مخالفاً للقانون؟ لن نذهب إلى السجن. لذا فإن مأساة غزة هدية رهيبة لعالم الشر. ولا يدهشني أن الجنرالات أو القادة في العالم يقررون الذهاب للحروب فهم لا يذهبون إلى السجون. كما أن الهجوم المباشر على الأمم المتحدة وعلى عمال الإغاثة، أمر جديد، ويشوه المنظمات الدولية بأكملها.

مأساة غزة هدية رهيبة لعالم الشر. ولا يدهشني أن الجنرالات أو القادة في العالم يقررون الذهاب للحروب فهم لا يذهبون إلى السجون

وما تأثير تجاهل قوانين الحروب وقتل عمال الإغاثة ومنع دخول الدواء والغذاء؟

إنه كارثة من حيث الخدمات الأساسية اللازمة للبقاء. ولدينا ما يزيد عن أربعين ألف شخص يُعلن الآن أنهم قُتلوا في هذه المأساة، ونعلم أن هذا تقدير أقل من الواقع، ونعلم أن هناك آلافاً أخرى تحت الأنقاض، وأن أسواق غزة لا تحتوي على أي طعام، وأن المستشفيات مغلقة أو بالكاد تعمل، وأنه لا توجد مياه نظيفة أو مياه صرف صحي، وأن نظام الصرف الصحي لا يعمل، وأن الناس يعيشون في بؤس حتى في تلك الأماكن الآمنة ظاهرياً. والعالم يعرف هذه الأمور لأنه يستطيع أن يراها على الشاشات. فماذا نفعل حيال ذلك؟ إننا نشتكي، ونرسل المساعدات، ولكننا لا ننتبه إلى التدابير اللازمة لوقف ذلك.

كيف يمكن حماية عمال المنظمات الإنسانية في ظل تجاهل القانون الدولي؟

هناك تفاهم متزايد بين وكالات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية على أن الأوضاع لا يمكن أن تستمر، وأنه يجب أن يكون للعاملين في المجال الإنساني صوت ويجب عليهم استخدامه من أجل حقوقهم، لكن عندما ننظر إلى هذه الاجتماعات الكبيرة واجتماعات الأمم المتحدة، فلا يمكن انتظار الحصول على العدالة منها، وانظر إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي لا يزال مؤقتاً حتى اليوم ولا يمكن تنفيذه، وهو أمر مخزٍ عالمياً.