قُتل تسعة مدنيين وجُرح آخرون في مجزرة مروعة ارتكبتها قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة من روسيا، اليوم السبت، في منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، شمال غربي سورية.
وقالت منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) إن مدنيين بينهم أطفال قُتلوا وجرحوا اليوم، إثر قصف مدفعي لقوات النظام استهدف عمال قطاف الزيتون أثناء عملهم في مزارع قرية قوقفين جنوبي إدلب، شمال غربي سورية.
قتلى وجرحى مدنيون وبينهم أطفال في قصف مدفعي لقوات النظام استهدف عمال قطاف زيتون أثناء عملهم في مزارع قرية قوقفين جنوبي #إدلب، اليوم السبت 25 تشرين الثاني.#الأسد_قاتل_السوريين#الخوذ_البيضاء
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) November 25, 2023
من جهته، أكد الناشط مصطفى الأحمد، من ريف محافظة إدلب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحصيلة الأولية للضحايا تسعة قتلى مدنيين بينهم 6 أطفال، وهم عبد الله سعيد قدي وأولاده، وإصابة زوجته، وأولاد عبد الله حاج إبراهيم، موضحاً أن قوات النظام والمليشيات المرتبطة بروسيا استهدفت عُمال ورش الزيتون بـ5 قذائف من نوع "كراسنبول" (الروسية)، أثناء عملهم في قطاف موسم الزيتون بأرضٍ زراعية في قرية قوقفين في منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، شمال غربي البلاد.
وأشار المصطفى إلى أن الاستهداف تزامن مع تحليق طائرة استطلاع روسية من نوع "أورلان - 10" في أجواء المنطقة، لافتاً إلى أن مدافع الـ"كراسنبول" مسؤولة عنها القوات الروسية والقوات التي تدعمها، مثل "الفرقة 25 مهام خاصة" التي يقودها العميد سهيل الحسن، المعروف باسم "النمر".
ولفت المصطفى إلى أن الأرض الزراعية التي جرى استهداف ورش عُمال الزيتون فيها تبعد 500 متر عن القاعدة العسكرية التركية الموجودة على تل بلدة قوقفين، جنوبي إدلب.
إلى ذلك، استهدفت قوات النظام بقذائف المدفعية والصواريخ قرى وبلدات كفرعويد، والفطيرة، وسفوهن، وفليفل، وكنصفرة، في منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، وكفرعمة، وكفرتعال، وتديل، والوساطة بريف حلب الغربي، والسرمانية، ودوير الأكراد، والعنكاوي، والحلوبة في منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، الواقعة جميعها ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، شمال غربي البلاد.
هجوم لـ"داعش" في بادية حمص
قالت مصادر محلية مطلعة لـ"العربي الجديد" إن خلايا تنظيم "داعش" نفذت هجوماً، فجر السبت، على سيارة عسكرية لقوات النظام السوري قرب مدينة تدمر بريف محافظة حمص الشرقي، شرقي البلاد، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام.
وأكدت المصادر أن الطائرات الحربية الروسية نفذت، ليل الجمعة، عدة غارات جوية مستخدمة صواريخ شديدة الانفجار، استهدفت من خلالها كهوفا ومغاور، يعتقد أن خلايا تنظيم "داعش" تتمركز فيها، في بادية حمص وبادية الرقة الجنوبية الغربية، من دون ورود معلومات عن وقوع خسائر في صفوف التنظيم.
إلى ذلك، قُتل عنصر واحد على الأقل من مليشيا تابعة لـ"الحرس الثوري الإيراني"، مساء أمس الجمعة، إثر هجوم نفذه مُسلحون مجهولون، يُرجح أنهم يتبعون لتنظيم "داعش"، على أطراف مدينة الميادين في بادية دير الزور الشرقية، شرقي البلاد.
وكان خمسة عناصر من قوات النظام السوري قُتلوا وجرحوا، أول من أمس الخميس، إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة عسكرية كانت تقلّهم ضمن رتل بين باديتي حمص والرصافة بريف محافظة الرقة الجنوبي الغربي، تلاها بساعات قتل عنصر من قوات النظام على الأقل وجرح آخرين إثر هجوم نفذته خلايا تنظيم "داعش" استهدف عدة نقاط عسكرية لقوات النظام والمليشيات المدعومة من روسيا في حقل "الضبيبات" (النفطي)، جنوبي مدينة الرصافة بريف محافظة الرقة الجنوبي الغربي، شمال شرقي البلاد.
وكثفت خلايا تنظيم "داعش" من هجماتها ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية خلال نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، والتي كان أعنفها مقتل نحو 40 عنصراً من قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إثر هجوم شنته خلايا تنظيم "داعش" على عدة مواقع عسكرية في منطقة رسم الكوم شمالي مدينة السخنة في بادية حمص الشرقية، شرقي سورية.
وفي جنوب سورية، قال "تجمع أحرار حوران"، اليوم السبت، إن عناصر من قوات النظام السوري أُصيبوا اليوم إثر استهداف سيارة عسكرية لفرع أمن الدولة (أحد أفرع النظام السوري الأمنية) بعبوة ناسفة في بلدة محجة، شمالي محافظة درعا، جنوبي البلاد.
"تحرير الشام" تواصل حملة اعتقال عناصر في صفوفها
وفي سياق آخر، اعتقلت هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على مساحات كبيرة في شمال غربي سورية، عدداً من عناصرها بينهم قياديون بتهمة "العمالة" في سياق حملة بدأها الجهاز الأمني في الهيئة قبل عدة أشهر.
وأكدت مصادر إعلامية متقاطعة وأخرى مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام اعتقل، أمس الجمعة، عناصر وقياديين في الصف الأول بتهمة العمالة لجهات خارجية، من بينهم أبو حذيفة الصوراني وأبو يوسف حلفايا، وهما مقربان من قيادة الهيئة، وفق المصادر.
وكان الجهاز الأمني بدأ ربيع العام الجاري حملة، يبدو أنها تُنفذ على مراحل، طاولت العشرات من القياديين والعناصر بتهمة العمالة والتجسس لصالح عدة جهات، منها المخابرات الأميركية والروسية والنظام السوري والتحالف الدولي ضد "داعش".
وكانت الهيئة اعتقلت في آب/أغسطس الفائت القيادي العراقي في صفوفها، أبو ماريا القحطاني، بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وطاولت الاعتقالات منتصف العام أيضاً مسؤول الموارد البشرية في الجناح العسكري للهيئة بتهمة أنه "قدّم نسخاً كاملة من سجلّات العسكريين في الهيئة مع صور بطاقاتهم العسكرية لوكالة المخابرات المركزية الأميركية"، إضافة إلى الإداري العام في "لواء علي بن أبي طالب" من الجناح العسكري لها، والمسؤول الأمني عن الكتلة الشرقية في المنطقة الوسطى، وأمير الهيئة في بلدة تفتناز سابقاً.
وفي السياق، قال الباحث في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام "يواصل حملة لضبط عناصر متهمين بالتواصل مع جهات خارجية"، مشيراً إلى أنه اعتُقل مؤخراً نحو 15 شخصاً "أغلبهم أقارب من الدرجة الأولى أو مرافقون لقادة في الصف الأول في الهيئة".
وتوقع علوان استمرار الحملة لشهر كامل، معتبراً أن ما يجري "أمر طبيعي في هذه التنظيمات"، مشيراً إلى أن جزءا من هذه الاعتقالات "ربما يأتي في سياق تصفية حسابات داخلية"، كما أشار إلى أن "جميع القوى في سورية مخترقة أمنياً من قبل خصوم داخليين أو جهات إقليمية ودولية"، مضيفاً "الجهاز الأمني للنظام مخترق وكذلك الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية، وكذا الجيش الوطني المعارض وهيئة تحرير الشام. في النهاية سورية بيئة حرب وجميع اللاعبين يخترقون بعضهم للحصول على معلومات".
وتسيطر هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي والشمالي الغربي، وتدير مناطق سيطرتها من خلال حكومة تحمل اسم "حكومة الإنقاذ" والتي تسيطر على كل مفاصل الحياة في محافظة إدلب، وتطبّق قوانين تكرس الهيمنة العسكرية والاقتصادية للهيئة.
وتمنع الهيئة أي نشاط سياسي يخالف توجهاتها، وهي تتخذ من أي تحرك ذريعة لشن حملات اعتقال وتضييق على المعارضين لنهجها المتشدد. وتضم المنطقة التي تسيطر عليها الهيئة ملايين السوريين، جلهم نازحون من مناطق أخرى، تحيط بهم الأزمات المعيشية من كل جانب، في ظل فقدان أي أمل بحلول سياسية لحسم مصير هذه المنطقة التي تخضع لقوانين وسياسة الهيئة المتشددة.