استمع إلى الملخص
- تهدف المناورة إلى إظهار جاهزية الحوثيين لمواجهة القوات الموالية للحكومة اليمنية والتحالف الدولي، مؤكدة أن الضربات الجوية لم تضعفها، وتعزيز صورة القوة في مناطق سيطرتها.
- تعتبر المناورة استعراضاً للقوة لكسب التأييد الإعلامي والشعبي، وتوجيه رسالة للقوات الحكومية باستعدادها لأي تحرك، ومواجهة الغضب الداخلي المتصاعد.
بثّ الإعلام الحربي لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، الأحد الماضي، صوراً لمناورة عسكرية تكتيكية في الساحل الغربي اليمني تحت اسم "ليسوءُوا وجوهكم" نفذتها القوات البحرية والبرية التابعة للجماعة. وحاكت مناورة الحوثيين في الساحل الغربي التصدي لعمليات هجومية واسعة لقوات معادية عبر أربع موجات هجومية افتراضية على الأراضي اليمنية، بمشاركة متكاملة من سفن وقطع حربية بحرية. وتضمنت المناورة مشاركة قوات التعبئة العامة في الدفاع عن الأراضي اليمنية من قوات العدو المفترضة والتصدي لقواته "التي تحاول السيطرة على إحدى القرى عبر إنزال جوي".
وذكرت وسائل إعلام الحوثيين أن المناورة "تأتي في إطار معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، التي تخوضها القوات المسلحة إسناداً للشعبين الفلسطيني واللبناني". واللافت في هذه المناورات هو مشاركة "قوات التعبئة العامة"، الوحدات التي جنّدها الحوثيون تحت شعار تحرير فلسطين وطوفان الأقصى، إذ صرح زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، بأن مخرجات التعبئة العامة زادت عن نصف مليون متدرب.
كمال حيدرة: وجّه الحوثيون رسالة بأنهم لا يزالون أقوياء
مناورة الحوثيين في الساحل الغربي
في السياق، تحدث نصر الدين عامر، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، بنسختها التابعة للحوثيين، نائب رئيس الهيئة الإعلامية للجماعة، لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن مناورة الحوثيين في الساحل الغربي تأتي لتؤكد الجاهزية على كل المستويات. وأضاف أنها كشفت عن عدد من الأسلحة الجديدة والتكتيكات المتقدمة، وقد استمرت لعدة أيام، وهي مناورة بحرية وبرية حاكت مواجهة موجات متعددة من العمليات، و"القوات المسلحة اليمنية تؤكد من خلال المناورة ثباتها على مسار دعم غزة ولبنان، وجاهزيتها لأي سيناريوهات أو تطورات".
المحلل السياسي كمال حيدرة قال لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا ما تجاوزنا الهدف المباشر لأي مناورة عسكرية، ونتحدث هنا عن جاهزية القوات، فإن مناورة الحوثيين في الساحل الغربي تعد رسالة لها ثلاثة أوجه، أولها موجه للقوات الموالية للحكومة في الجزء الآخر من الساحل الغربي، مع تزايد مؤشرات العودة للمواجهات".
وأضاف أن الرسالة الثانية هي للخارج "إذ تستعرض المليشيا بقواتها في منطقة تشهد عمليات عسكرية متبادلة بينها وبين تحالف دولي، يحضر تحت لافتة حماية الملاحة الدولية المتوقفة جزئياً بسبب عمليات الحوثيين في البحر الأحمر، مع تنفيذ الولايات المتحدة وبريطانيا العديد من الهجمات الجوية ضد مواقع حوثية في مناطق مختلفة من اليمن، ومناورات الحوثيين على بعد كيلومترات من مواقع تمركز بوارج واشنطن ولندن والتحالف الدولي تعني أن الضربات لم تضعف الحوثيين، ولم تغير أهدافهم".
وبرأي حيدرة، فإن الرسالة الثالثة لهذه المناورات العسكرية "هي للداخل في مناطق سيطرة الجماعة، فاستعراض القوة دائماً ما يحضر في ذهنية الحوثيين لأمرين، أولهما تشكيل صورة عن قوة لا تقهر"، والثاني هو "التحقق من أن المليشيا لا تزال قوية، وهو ما يعني أنها لن تتساهل مع أي محاولة للاعتداء على سلطتها ومكانتها، وأنها مستعدة دائماً لقمع أي محاولة لاستغلال الظروف الإقليمية والدولية ضدها من أي كان".
وضاح شمسان: يستعد الحوثيون لاحتمال هجوم الحكومة عليهم
استعراض قوة للحوثيين
بدوره، تحدث الصحافي وضاح شمسان لـ"العربي الجديد"، معتبراً أن "المليشيا الحوثية من خلال مناورة الحوثيين في الساحل الغربي تسعى إلى استعراض قوتها أمام خصومها داخل البلاد وخارجها، والكسب الإعلامي والحصول على مزيد من تأييد الرأي العام بالتزامن مع ما يجري في المنطقة من تصعيد خطير، وتحاول المليشيا إثبات حضورها فيه بأقوى ما تستطيع من ممارسات ونهج". وأضاف أنه "بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، واحتمال توجيه ضربات حاسمة ضد المليشيا ومواقعها العسكرية، رداً على هجماتها في البحر الأحمر والهجمات الأخرى غير المؤثرة ضد إسرائيل، فإنها تهدف إلى تحدي التحالفات الدولية والأطراف المتضررة من ممارساتها، والتأكيد على أنها لن تتراجع عن النهج الذي اتخذته".
وأوضح شمسان أن "الرسالة تبدو واضحة للقوى الداخلية، وهي موجهة إلى القوات الحكومية والمؤيدة لها باستعداد المليشيا لأي احتمال تحرك ضدها، إذ تتوقع أن الحكومة الشرعية قد تجد في الموقف الغربي الغاضب من ممارساتها في البحر الأحمر وضد إسرائيل فرصة سانحة لبدء عمليات عسكرية وفتح الجبهات مجدداً لاستعادة الأراضي إلى سيادة الدولة، وبالتالي فإن جزءاً من رسالة المليشيا يهدف إلى لفت الانتباه إلى أن لديها القدرة على خوض المعارك العسكرية مجدداً".
وأشار شمسان إلى أن "ثمة بعداً آخر مهماً لهذا الاستعراض، يتعلق بمواجهة الغضب الداخلي المتصاعد ضدها، والذي زادت انتهاكاتها الأخيرة بحق المحتفلين بثورة 26 سبتمبر/ أيلول الماضي من حدته، وبالتالي فإن هذا العرض العسكري يشتمل على تهديد للمجتمع الذي أبدى غضبه من ممارسات ونفوذ المليشيا من خلال العديد من المظاهر، وبينها الاحتفال بالثورة من جهة، والمطالبة بالرواتب وتحسين الوضع المعيشي من جهة أخرى، إلى جانب سعيها لتعزيز ثقة أنصارها بها وبقدرتها على المواجهة مهما كان مستواها، خصوصاً أن هؤلاء الأنصار أصيبوا بالصدمة والخوف بعد استهداف حزب الله، وزادت الخلافات والتنافس بين أجنحة المليشيا من انقسام آرائهم ومواقفهم حول الكثير من القضايا".