- التقرير يوثق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، بما في ذلك الهجمات العشوائية والتعذيب، ويحذر من تهديدات التقنيات الجديدة على الحقوق والحريات.
- يدعو إلى إصلاحات عاجلة في المؤسسات الدولية ومجلس الأمن لضمان حماية الإنسانية ومنع استغلال الدول الكبرى لحق النقض (الفيتو) لأغراض جيوسياسية.
حذّرت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، في تقريرها السنوي، من أن العالم يوشك أن يشهد انهياراً للقانون الدولي، وسط انتهاك صارخ للقواعد في غزة وأوكرانيا خصوصاً. ورسم التقرير الذي ركز على العدوان الإسرائيلي في غزة "صورة قاتمة للقمع المقلق لحقوق الإنسان، وكثرة انتهاكات القواعد الدولية، في ظل تفاقم اللا مساواة عالمياً، وتنافس القوى العظمى على السيادة"، داعياً إلى "اتخاذ تدابير عاجلة لتنشيط وتجديد المؤسسات الدولية التي تهدف إلى حماية الإنسانية"، مشدداً في هذا السياق على أنه "لا بد من اتخاذ خطوات لإصلاح مجلس الأمن، بحيث لا يظل بإمكان الدول دائمة العضوية ممارسة حقها في النقض بلا ضابط ولا رابط لمنع حماية المدنيين وتعزيز تحالفاتها الجيوسياسية".
وأشار التقرير، الذي تناول بالتفصيل تقييم منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان في 155 دولة، إن العالم "يجني الحصاد المر من العواقب الوخيمة للصراعات المتفاقمة وشبه انهيار القانون الدولي".
وقالت المنظمة الحقوقية، خلال تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، إن أقوى الحكومات، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين، تقود تجاهلاً عالمياً للقواعد والقيم الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في حين يدفع المدنيون في الصراعات أغلى ثمن.
"استهزاء" الحكومة الإسرائيلية وسط تصاعد أدلة جرائم الحرب
وذكرت الأمينة العامة لمنظمة العفو أنياس كالامار، أن مستوى انتهاك النظام الدولي الذي شهدناه العام الماضي "غير مسبوق"، مضيفة أن "تجاهل إسرائيل الصارخ القانون الدولي يتفاقم بسبب فشل حلفائها في وقف إراقة دماء المدنيين التي لا توصف في غزة. وكان العديد من هؤلاء الحلفاء هم أنفسهم المهندسون لنظام القانون الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية".
وجاء في التقرير أنه "في الصراع المستمر الذي كان بمثابة السمة الرئيسية لعام 2023، لا تزال تتصاعد أدلة جرائم الحرب، بينما تستهزئ الحكومة الإسرائيلية بالقانون الدولي"، مشيراً إلى أنه بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، "ردت السلطات الإسرائيلية بشن غارات جوية بلا هوادة على مناطق مأهولة بالسكان المدنيين، فأبادت في كثير من الأحيان عائلات بأكملها، وهجّرت قرابة 1.9 مليون فلسطيني قسراً، وفرضت قيود تحول دون وصول المساعدات الإنسانية التي بات السكان في أمسّ الحاجة إليها، بالرغم من المجاعة المتزايدة في غزة".
وسلّط التقرير الضوء على فشل الولايات المتحدة في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل، واستخدامها حق النقض (فيتو) لشل مجلس الأمن الدولي بشأن قرار وقف إطلاق النار في غزة، وكذلك الغزو الروسي المستمر في أوكرانيا.
كما أشار إلى "الازدواجية البشعة في معايير بعض البلدان الأوروبية، مثل المملكة المتحدة وألمانيا"، من خلال احتجاجها على ما تقوم به روسيا وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، "بينما تؤيد أفعال السلطات الإسرائيلية والأميركية في العدوان على غزة.
وقالت أنياس كالامار في هذا السياق: "إن تقاعس المجتمع الدولي المثير للحيرة والاستغراب في حماية الآلاف من المدنيين، من بينهم أطفال بنسبة مرتفعة ومروعة، من القتل في قطاع غزة المحتل، يظهر جلياً أن المؤسسات التي أُنشئت خصيصاً لحماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان لم تعد تصلح لهذا الغرض".
وأضافت: "ما شهدناه في عام 2023 يؤكد أن الكثير من الدول صاحبة النفوذ تتخلى عن القيم الأساسية للإنسانية والعالمية المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
خرق سافر للقواعد في أوكرانيا
إلى ذلك، يوثّق التقرير كذلك "الخرق السافر للقواعد من جانب القوات الروسية أثناء غزوها واسع النطاق لأوكرانيا؛ إذ يسلط الضوء على الهجمات العشوائية على المناطق المدنية المكتظة بالسكان، وكذلك البنية التحتية للطاقة وتصدير الحبوب؛ وإخضاع أسرى الحرب للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة. وهذا فضلاً عن التلوث البيئي واسع النطاق الناجم عن أفعال، من بينها التدمير المتعمد، حسبما يبدو، لسد كاخوفكا، والذي يُعتقد على نطاق واسع أن القوات الروسية قد نفّذته".
كما أشار التقرير إلى قيام الصين بتسليح القوات المسلحة في ميانمار، والطريقة التي تحصن بكين نفسها بها من التدقيق بشأن معاملتها لأقلية الأويغور. وأشار كذلك إلى القمع الوحشي للاحتجاجات في إيران، وقضايا أخرى حول العالم.
إلى ذلك، حذرت المنظمة الحقوقية أيضاً من تهديد التقنيات الجديدة إذا تُركت دون رادع، قائلة إن التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي وأدوات المراقبة الجماعية يمكن نشرها لتأجيج الصراع، والتعدي على الحقوق والحريات، وغرس بذور الفتنة في عام انتخابي تاريخي. كما ذكرت كالامار أن التقدم التكنولوجي غير المنظم "يمكن استخدامه سلاحاً للتمييز والتضليل والانقسام".