كشفت مصادر قضائية فرنسية، اليوم السبت، أن منفذ عملية الطعن التي وقعت على بعد أمتار قليلة من المقر السابق لمجلة "شارلي إيبدو"، أمس، يدعى علي. هـ، وهو باكستاني الجنسية وولد عام 2002 في إسلام أباد، واعترف بأن الهجوم كان موجهاً ضد المجلة الساخرة.
الشاب الباكستاني البالغ من العمر 18 عاماً، وصل إلى الأراضي الفرنسية في أغسطس/ آب عام 2018، وكان آنذاك قاصراً، حيث تولت منظمة تعنى بالقصّر المهاجرين متابعة أوراقه وملف لجوئه في فرنسا. وتتم في المرحلة الحالية، وفق المصادر، عملية التحقق من هويته والمعلومات التي قدمها بناء على تحليل بصمات أصابعه التي أخذتها السلطات الفرنسية له عندما قدم طلب اللجوء.
ونقلت صحيفة "لوموند"، عن مصادر مقربة من التحقيق، أن حسن أ. كان يبدو أكبر من السن الذي صرّح به لدى وصوله إلى فرنسا، فرفعت ضده دعوى قضائية في 19 يوليو/ تموز 2019 متعلقة بعمره، وهو إجراء كانت السلطات الفرنسية تتخذه بكثرة في السنوات الأخيرة، بعد ازدياد عدد الحالات التي صرّح بها شبان بأنهم قصّر، لكن العدالة قضت لصالحه بأنه مستفيد من الرعاية الاجتماعية للقصر غير المصحوبين بذويهم.
واستخدم الشاب الباكستاني ساطوراً في مهاجمة شخصين وأصابهما بجروح، بعد أن خرجا للتدخين أمام المبنى السابق للصحيفة الفرنسية الساخرة، وهو المقر ذاته الذي شن عليه متشددون هجوماً في 7 يناير/ كانون الثاني 2015، أسفر حينها عن مقتل 12 شخصاً.
وخلال فترة إقامته في فرنسا، لم يتم الكشف عن أي سلوك متطرف لمنفذ العملية، لكن في سجلّه الجنائي قضية حمل "مفك براغي"، لكنه في التحقيق الأولي الذي أجري معه واستمر حتى الساعات الأولى من يوم السبت، اعترف بأن تصرفه كان متعمداً ومدروساً للغاية، ليفتح مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب قضية "محاولة اغتيال تتعلق بمنظمة إرهابية".
بحسب أقواله خلال التحقيق، أكد حسن أ.، الذي يتحدث الإنكليزية والفرنسية بشكل سيئ، أنه تصرّف بمفرده، لكن لاحقاً أعلنت السلطات الأمنية توقيف رجل جزائري يبلغ من العمر 33 عاماً في محطة مترو ريتشارد لينوار المجاورة لموقع الهجوم. وقد شوهد هذا الأخير من خلال كاميرات المراقبة بالفيديو وهو يتحدث مع علي هـ. في المترو. لكن أطلق سراحه في المساء لعدم وجود أي دليل ضده.
بحسب محاميته لوسي سيمون التي أوضحت ملابسات توقيفه في تصريحات لوسائل الإعلام، فإن الرجل لا علاقة له بمنفذ الهجوم، بل إنه حاول إلقاء القبض عليه قبل إبلاغ الشرطة.
وحتى الآن، تستبعد الجهات الأمنية أن يكون منفذ العملية قد تم تجنيده أو توجيهه من قبل جماعات في المنطقة العراقية السورية أو حتى أفغانستان لعدم وجود قرائن كافية، وبسبب طبيعة العملية البدائية والسلاح المستخدم، لكن على الرغم من ذلك تم اعتقال ستة أشخاص من المقربين منه، ما يزالون رهن الاحتجاز، وهم 5 باكستانيين من شركائه في السكن، بالإضافة إلى شريك سكن آخر له عندما كان يقيم في نزل مخصص للمشردين والمهاجرين في منطقة سيرجي بونتواز شمال العاصمة باريس.
ونقلت صحيفة "لوموند" عن أحد المحققين المكلفين بالقضية قوله إن قضايا التوقيف ليست دليلاً على شيء حتى الآن بل هي "جزء من طبيعة التحقيق الاعتيادية التي تجرى في مثل هذه الحالات".
وعلى أي حال، لم تعثر السلطات الفرنسية على أي دلائل أو مقتنيات تساعد في التحقيق المفتوح في الأماكن التي مر عليها منفذ العملية، أو في الأماكن التي قبض على معارفه فيها.
ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر في التحقيق أنه "لم يتم العثور على أي عناصر تربط علي هـ. بأي بيئة جهادية أو مكان عبادة معين في فرنسا"، ما يعني أن طبيعة التحقيق قد تتحول نحو "تعقب فرد استوحى عمليته من وسائل الإعلام المحيطة والسياق السياسي، ولا سيما الدعوة للانتقام التي أطلقها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في 11 سبتمبر/ أيلول بعد إعادة نشر الرسم الكاريكاتوري للنبي محمد من قبل شارلي إيبدو".