قالت مصادر مصرية خاصة، إن القاهرة أبلغت حركتي "حماس" و"فتح" الفلسطينيتين استعدادها لاستقبال لقاءات الحوار الفلسطيني، ومؤتمر الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وذلك بعد فترة من الغموض بشأن المقترح الذي طرحته قيادتي الحركتين عليها أخيراً. وجاء المقترح الفلسطيني في أعقاب غضب مصر بعد استقبال تركيا في سبتمبر/أيلول الماضي، اجتماعاً بين مسؤولي الحركتين لبحث المصالحة الداخلية.
وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة حدّدت شروطاً عدة أبلغتها لقيادة الحركتين، من بينها ضرورة أن يكون قدومهم إلى القاهرة مصحوباً باتفاق جاد ونهائي لإنهاء الخلافات والأمور العالقة بين "فتح" و"حماس" منذ فترة طويلة، وألا يكون الأمر على غرار الاتفاق السابق الذي تمّ توقيعه في القاهرة نهاية عام 2017، والذي انتهى بالفشل في نهاية المطاف. كما أشارت المصادر إلى أن المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصرية أبلغوا مسؤولي الحركتين باستقبال الاجتماعات، مشروطاً بحضور كافة الفصائل، وعدم قصر الأمر على حضور "حماس" و"فتح" فقط.
اشترطت مصر أن تحمل كل من "فتح" و"حماس" معها اتفاقاً جاداً ونهائياً لإنهاء الخلافات والأمور العالقة
وبحسب المصادر، فإن القاهرة أبلغت قيادتي الحركتين، بضرورة إنهاء الأمور العالقة التي لا تزال تؤخر الاتفاق النهائي للمصالحة الداخلية، والتوافق بشأن الانتخابات الفلسطينية، مشيرة إلى أن التقدير المصري بشأن تلك المباحثات، يرى أنه تمّ قطع الشوط الأكبر من التفاهمات، بعد التطرق إلى سلاح الفصائل في قطاع غزة، والذي كان الملف الأساسي الذي وقف عائقاً خلال الجولات السابقة أمام اتفاق المصالحة.
من جهة أخرى، كشفت المصادر أن الأطراف الفلسطينية أبلغت روسيا اعتذارها عن عدم تلبية الدعوة بشأن عقد الاجتماعات في موسكو بعد الموافقة المصرية، مع تقديم الشكر لها. وكان نائب وزير الخارجية (والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، ميخائيل بوغدانوف، أكد خلال استقباله وفداً قيادياً من حركة "حماس" أخيراً، ترحيب بلاده باستقبال الحوارات الفلسطينية على أراضيها.
وبحسب المصادر المصرية المقربة من إدارة الملف الفلسطيني، والذي يديره بالدرجة الأولى جهاز الاستخبارات العامة، فإن القاهرة ترغب في غلق الباب مبكراً أمام تركيا، وقطع الطريق أمام توسعة دور أنقرة في الملف الفلسطيني. وأشارت المصادر إلى أن ما ترصده مصر من تحركات تركية في هذا الإطار، يشير إلى محاولات لحصار النفوذ المصري في امتداد ملفاته الطبيعية، وعلى رأسها الملف الفلسطيني، بعد دور أنقرة في ليبيا أخيراً، والذي تمكنت القاهرة من محاصرته مؤقتاً، على حدّ تعبير المصادر. وقالت المصادر إن "تركيا ربما تسعى للسيطرة على أوراق ضغط حيال القاهرة، تتمكن عبرها من مبادلة تلك الأوراق بأوراق أخرى في ما يتعلق بصراع الغاز في شرق المتوسط مع اليونان، خصوصاً بعدما فشلت المفاوضات الأمنية بين القاهرة وأنقرة".
وأشارت المصادر إلى أن الثقة التي تكمن في حديث القيادات الفلسطينية، سواءً في السلطة أو في الفصائل، تأتي من كون الدول العربية، وفي مقدمتها الخليجية، ممن تبنّت موقفاً عدائياً تجاه الفلسطينيين أخيراً، في إشارة إلى دول البحرين والإمارات والسعودية، ستكون مجبرة على التعاطي بشكل أفضل مع القضية الفلسطينية، أو على الأقل الوفاء بالالتزامات المالية تجاه فلسطين. ويأتي ذلك نظراً لإدراك هذه الدول بأن الفلسطينيين قد جهّزوا البديل المتمثل في تركيا، بالإضافة إلى العلاقات الوطيدة مع قطر، وإمكانية تطويرها مع إيران بشكل يسبب إزعاجاً أكبر للخليج.
ترى القاهرة أن تركيا ربما تسعى للسيطرة على أوراق ضغط حيالها، لمبادلتها بأخرى
ولا تزال التصريحات الفلسطينية متضاربة حول المصالحة. وحمّل عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزّام الأحمد، في تصريحات صحافية، يوم الإثنين الماضي، حركة "حماس"، المسؤولية عن تعطيل المصالحة، مؤكداً أن الحركة لم ترسل حتى الآن ردّها بشأن المصالحة وإجراء الانتخابات. وأبدى الأحمد أسفه لأن "الأمور لم تسِر كما كانت البداية". وأوضح أنه من المفروض بعد اللقاء الذي جرى في تركيا، أن ترسل "حماس" موافقتها على إجراء الانتخابات كما تم التفاهم على ذلك، مذكّراً بأن جميع الفصائل أرسلت في بداية هذا العام رسائل خطية للرئيس محمود عباس عبر رئيس الانتخابات حنا ناصر. وعبّر الأحمد عن خشيته من أن يتبدل هذا الأمل بسبب عدم إرسال ردّ من "حماس" حتى الآن، على الرغم من مرور أكثر من 3 أسابيع على لقاء إسطنبول. وقال عن الحركة: "هم رحّبوا ببيان فتح، ولماذا رحبتم؟ فإذا رحبتم، فوافقوا وأرسلوا ردّكم".
ولفت الأحمد إلى أن "حماس بدأت تتحدث عن تهيئة الأجواء، و(عضو المكتب السياسي لـ"حماس") موسى أبو مرزوق اتصل بي، وتحدث عن مطلب تهيئة الأجواء، وعدّد مجموعة من المطالب، قلت له لم نسمع ذلك، في اليوم التالي من اتصاله، تفاجأت بالكلام ذاته على لسان صالح العاروري (نائب رئيس المكتب السياسي للحركة)، الذي قدّم مجموعة مطالب، مثل الرواتب والتشريعي".