اعتبر نائب جزائري، اليوم السبت، أنّ التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أخيراً، بشأن العلاقات بين الجزائر وباريس، ستضيف مزيداً من التعقيدات التي تعرقل بناء علاقة جادة بين البلدين، وتزيد من تسميم العلاقات.
وكان ساركوزي قد دعا، في مقابلة نشرتها صحيفة "لوفيغارو"، الأربعاء الماضي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى عدم محاولة "بناء صداقة مصطنعة" مع القادة الجزائريين. وفيما اعتبرها نصائح يقدمها إلى ماكرون قال "دعونا نتجنب بناء صداقة مصطنعة مع قادة جزائريين يستخدمون فرنسا بشكل منهجي كشماعة لتبرير إخفاقاتهم وعجزهم وافتقارهم للشرعية"، مضيفاً "إنهم بأمسّ الحاجة لتحويل الانتباه عن الفشل الذي أغرقوا فيه بلدهم من خلال تحميل فرنسا بانتظام كل الشرور".
وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري، والنائب عن الجالية الجزائرية بفرنسا عبد الوهاب يعقوبي، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "تصريحات ساركوزي تأتي في ظرفية مضطربة سياسياً، وتزيد من تسميم العلاقات بين فرنسا والجزائر التي تتميز بتاريخ معقّد وقضايا حساسة ومعقدة...على غرار القضايا المتعلقة بآثار الاستعمار، والاعتذار والتعويض عن الجرائم المرتبطة بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر".
وأعرب يعقوبي عن اعتقاده أنّ مثل هذه التصريحات والتقديرات السياسية الصادرة باستمرار من قبل شخصيات فرنسية مارست مسؤوليات رفيعة في هرم الدولة الفرنسي، وسبق لها أن تعاملت من موقعها مع الجزائر وأدارت عن قرب ملف العلاقات بين البلدين، من شأنها أن "تعرقل تنفيذ العديد من المبادرات التي تمت في الفترة الماضية، لتحسين العلاقات الثنائية، ومعالجة الموضوعات الحساسة، وتلك التي غالباً ما تخلق احتكاكات ومناكفات سياسية بين البلدين".
ودعا يعقوبي إلى أن تعمد الجزائر إلى استغلال وجود كتلة من النخب السياسية والمدنية لتعزيز موقفها والسعي لمعالجة ملفات الذاكرة بهدف بناء علاقة متكافئة تعود بالنفع على البلدين والشعبين.
وقال "في فرنسا، وعلى الرغم من أنه تم تبني قانون (تمجيد الاستعمار) يحاول إغفال حقائق من هذه الفترة، إلا أنه يوجد الكثير من النخبة، من هم أكثر موضوعية، إذ يعترفون بالمعاناة التي تعرض لها الجزائريون"، مضيفاً "صحيح أن هذه الاختلافات في الرأي، حول قضايا الذاكرة وآثار الاستعمار، يمكن أن تؤدي إلى توترات دبلوماسية بين البلدين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمناقشات حول الذاكرة التاريخية، لكنه من الضروري حسن استغلال مبادرات التعاون والحوار التي تم إعدادها أيضاً لمحاولة التعامل مع هذه القضية وتحسين العلاقات الثنائية".
وباتفاق بين البلدين تم تشكيل لجنة مشتركة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتضم خمسة مؤرخين جزائريين وخمسة مؤرخين فرنسيين، يتولون وضع أرضية متوافق عليها لمعالجة ملف الذاكرة والقضايا التاريخية العالقة.
وأكد عضو لجنة الشؤون الخارجية أنّ هناك أكثر من عامل يفرض "ترقية العلاقات وإرساء علاقات متوازنة بين البلدين، خدمة لمصالح الجزائر، لا سيما في الاتفاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية".
واقترح في السياق أن يتم العمل "على تشجيع الحوار المفتوح والمحترم بين حكومات البلدين، من خلال التعامل مع الأسئلة المؤسفة بطريقة بناءة، والعمل على مشاريع التعاون الاقتصادي والثقافي التي تعزز التبادلات والتفاهم المتبادل، وتأييد المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الروابط بين المجتمعات المدنية للبلدين، وخاصة من خلال التبادلات المختلفة، وتعزيز الاعتراف والاحترام للتاريخ المشترك، مع مراعاة وجهات النظر المختلفة".