نتائج أول أسبوع للحراك الشعبي: السيسي يكلف الحكومة بعودة البناء و500 جنيه للعمالة غير المنتظمة
في محاولة جديدة من النظام المصري لاحتواء الحراك الشعبي وإعادة الهدوء للمناطق الريفية التي شهدت مظاهرات واسعة الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قرب عودة نشاط البناء الذي كان قد أعلن وقفه لمدة ستة شهور، لإعادة تشغيل المواطنين وتجاوز مشكلة تفاقم البطالة في المناطق الأكثر احتياجاً، كما أعلن صرف 500 جنيه شهرياً للعمالة غير المنتظمة حتى نهاية العام.
وقال السيسي، خلال حضوره حفل افتتاح مصنع تكرير البترول بمسطرد في محافظة القيلوبية، إن وقف البناء لمدة ستة شهور "كثير على الناس"، رغم أنه كان صاحب هذا القرار الذي كانت له انعكاسات اقتصادية واجتماعية خطيرة.
وكلّف السيسي رئيس الحكومة مصطفى مدبولي بسرعة وضع الاشتراطات الجديدة للبناء، تمهيداً لعودة الأنشطة الإنشائية في أسرع وقت.
وألمح السيسي إلى أحداث الحراك الشعبي الأسبوع الماضي، موضحاً أن حالة عدم الاستقرار لن تساعد في جذب الاستثمارات وتطوير المشروعات واستغلال البنية التحتية التي يتم إنجازها حالياً في مصر، قائلاً: "أحداث 2011 عطلت العديد من المشروعات وأدت إلى انهيار بعضها وتشريد العاملين".
وكان قرار السيسي بوقف البناء قد ترك ظلالاً سوداء على قرى محافظة الجيزة، وتحديداً بمراكز أطفيح والصف والعياط، التي يتركز فيها نحو 650 مصنعاً لإنتاج الطوب، بما يمثل 65 بالمائة من الإنتاج المحلي، والتي توقفت النسبة العظمى منها عن العمل فأورثت للقرى البطالة وانخفاض الدخول، بسبب وقف الإنشاءات وعدم اعتماد مشروعات الجيش والحكومة على إنتاج تلك المصانع.
ولم تستجب الحكومة لمطالبات أصحاب المصانع والمواطنين المستمرة منذ ثلاثة أشهر، إلا أول من أمس فقط، بالتزامن مع ارتفاع حدة الاحتجاجات الشعبية، إذ أصدرت محافظة الجيزة بياناً في محاولة لتهدئة الأوضاع واحتواء غضب الأهالي، بإعلانها عمل الحكومة على توريد إنتاج مصانع الطوب بالصف وأطفيح بصفة دورية لاستخدامها في المشروعات الحكومية الجاري تنفيذها لحين الانتهاء من المعايير المنظمة لأعمال البناء والتشييد خلال الفترة المقبلة واستعادة عجلة الإنتاج والتوريد بصورتها الطبيعية.
وثمة أثر سلبي عام حلّ في جميع المناطق الريفية بعد قرار وقف البناء، يتمثل في زيادة معدلات البطالة، إذ ينتمي إلى المناطق الريفية جلّ العاملين في الإنشاءات ووظائف المعمار البسيطة من تشطيب وبناء ونقل، ويتقاضى معظمهم الرواتب باليومية.
وقال السيسي، خلال افتتاحه بعض المشروعات بمنطقة مسطرد، يوم الأحد: "الدولة أنشأت 22 كوبري (جسراً) في مناطق شرق القاهرة خلال 6 أشهر، من أجل تسهيل الحركة المرورية في مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر... والأموال المصروفة على المشروعات في العاصمة الحالية، كانت العاصمة الإدارية الجديدة أولى بها، حيث إنها تحتاج أموالاً ضخمة للانتهاء من المشروعات داخلها".
وأضاف السيسي: "في ناس هدفها التشكيك في كل حاجة بنعملها، وخلال الأسبوع اللي فات (المظاهرات المعارضة) حاولوا إنهم يولعوا الدنيا... دول بيختاروا الظروف الصعبة اللي بنمر بها من أجل الإساءة لنا، وإحنا لو بنفسد في الأرض زي ما بيقولوا هانبقى خائفين... وصدقوني الناس ماحدش يقدر يخدعها حتى لو ظروفهم صعبة"، حسب تعبيره.
وتابع: "أحداث (ثورة) 2011 حرمت الدولة المصرية من مكتسبات كبيرة، فهناك مشاريع كثيرة توقفت وانهارت بسبب هذه الأحداث... وأنا رهاني على وعي المواطنين في التصدي لهؤلاء (معارضيه)، فهذا الوعي هو أقوى سلاح ضد التحركات والأفكار الهدامة"، مستطرداً "كان قدامنا حلين بس للإصلاح داخل الدولة، يا إما نتحرك أو نسكت... وإحنا اختارنا الحل الأول".
وتوجه السيسي بالشكر للشعب المصري، بزعم عدم استجابته للدعوات "الهدامة" التي أطلقها البعض خلال الأيام الماضية للتظاهر، قائلاً: "أنا بشكر المصريين، لأن البعض حاول يولع الدنيا، ويستغل المواقف الصعبة التي اتخذتها الدولة"، مضيفاً "الشعب والدولة حاجة واحدة، وماحدش يقدر يدخل بنا... وراهنت على وعي الناس من اللحظة الأولى، وكسبنا الرهان، لأننا بنصلح في الأرض، وربنا معانا"، على حد زعمه.
وزاد السيسي: "لما قلنا منظومة جديدة ده كان معناه إن عندنا عيب في النظام، والنظام اللي قبلنا كان محتاج يطور ويواجه... وأي إزالات للمباني السكنية يتم تعويض قاطنيها، وإحنا عارفين إن في ظروف اقتصادية صعبة، وإن المعاناة الآن أكبر من أي أوقات سابقة... وعشان كده بقول للإعلام أنتم أداة التنوير لتوعية المواطنين في مواجهة المخططات الهدامة".
واستطرد: "حصنوا شبابنا وأولادنا مش عشاني أنا، ومش عشان الحكومة الحالية، ولكن عشان مستقبل بلدنا، والحفاظ على الدولة المصرية... دول كثيرة راحت في منطقتنا، وما يحدث من البعض مايرضيش ربنا، واوعوا يا مصريين توصلوا بلدكم إلى الخراب والتدمير... ماحدش يقدر يخدع الناس بالكلام، ومن يدعو لهذا (المظاهرات الاحتجاجية) هدفه هو الإفساد في الأرض، وليس الإصلاح"، حسبما قال.
وعرج السيسي إلى حديثه المعتاد بشأن معسكرات اللاجئين لتخويف المصريين من اندلاع أي احتجاجات ضده، بقوله: "البعض يحاول إظهار وجه التنمية والتغيير على أنه تدمير للناس، عن طريق العديد من الدعاوى الزائفة، والكاذبة... وشوفوا الخراب اللي بيعملوه في العالم من حولنا، وكيف حولوا الملايين من السكان إلى لاجئين... والله لن تقوم دولاً على منهج ديني حقيقي، أساسها مبني على خراب وتدمير كده"، وفق ادعائه.
وختم السيسي: "الناس كانت عايشة مطمئنة ومستقرة، والآن يعيشون في معسكرات اللاجئين بسبب دعوات التغيير... طيب النتيجة إيه؟ الطفل اللي كان عنده 10 سنين بقى عنده 20 سنة داخل هذه المعسكرات، وهايروح يشتغل إيه؟ هايروح يشتغل (يحارب) في ليبيا، ولو ما أخدناش بالنا هاييجوا مصر عشان يدمروها!".