يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف، بنيامين نتنياهو، إلى ضمان تنصيب حكومته، يوم الخميس المقبل، علما بأن المهلة القانونية المتاحة أمامه لإتمام ذلك تنتهي يوم الاثنين من الأسبوع المقبل.
وعلى الرغم من أن نتنياهو كان قد أبلغ رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، منتصف ليلة الأربعاء الماضي أنه تمكن من تشكيل الحكومة، فإنه لم يتمم حتى اليوم الاتفاقيات الائتلافية كافة.
ولا يزال أمام نتنياهو إتمام الاتفاق الائتلافي مع تحالف "يهدوت هتوراة" الحريدي الذي يضم حزبي "أغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراة"، خصوصا في ظل المعارضة التي أبداها أخيرا زعيم "ديغل هتوارة" موشيه غافني واعتراضه على المكاسب التي حققها حزب "أغودات يسرائيل".
ويواصل الكنيست غدا الاثنين، عمليات التشريع التي تشترطها أحزاب الائتلاف المستقبلي، بغية إقرارها بالقراءات الثلاثة، وفي مقدمتها تعديل قانون شغل المناصب الحكومية بشأن تمكين زعيم حركة "شاس"، أريه درعي من أن يكون وزيرا في الحكومة.
كما ينتظر أن يصوّت على تعديل قانون "أمر الشرطة" الذي قدمه اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، المرشح لتولي منصب "وزير الأمن القومي" وهي الوزارة التي ستحل محل وزارة الأمن الداخلي. ويشترط بن غفير منحه صلاحيات واسعة، بما في ذلك التحكم بألوية حرس الحدود، وصلاحيات وضع سياسة الوزارة وإنفاذ القانون، وتعيين المفتش العام القادم للشرطة. وقد وافق بن غفير الأسبوع الماضي على فصل التصويت على تعديلات القانون، وإرجاء مسألة صلاحيات الوزير في مسألة تعيين المفتش العام للشرطة، إلى ما بعد تنصيب الحكومة.
إلى ذلك تستمر عمليات التشريع لتعديلات طلبها زعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسليئيل سموطريتش فيما يتعلق بإقامة مديرية إضافية في وزارة الأمن تتولى المهام التي كانت تقوم بها ما تسمى بـ"الإدارة المدنية"، واشتراط أي رد حكومي للمحكمة العليا بشأن الاستيطان في الضفة الغربية بموافقة سموطريتش على الرد وطبيعته.
ويحاول نتنياهو إتمام عمليات التشريع، بموازاة حل الخلاف مع "ديغل هتوراة"، والتوصل إلى تسوية أيضا بشأن طلب جديد لـ"الصهيونية الدينية"، بأن يتم تعيين الحاخام الرئيسي للجيش على يد "الربانية الرئيسية" ممثلة بالحاخام يتسحاق يوسيف الرئيس الروحي الحالي لحريديم السفاراديم، وهو ما يلقى رفضا في الجيش وفي أوساط أخرى، بعد أن كان هذا المنصب من اختصاص رئيس أركان الجيش.
وتخشى المؤسسة الأمنية والعسكرية أنه في حال حصل سموطريتش على مطلبه بأن يعمق هذا دور "الربانية الدينية" في الجيش وتوجه الجنود والضباط، خصوصا أن سموطريتش يشترط أن تشمل لجنة التعيين، إلى جانب الحاخام السفرادي، ممثلين عن معاهد الإعداد العسكرية التابعة لـ"الصهيونية الدينية".
كذلك سيكون على نتنياهو التغلب على معارضات داخل صفوف "الليكود" الذي يتزعمه، عند توزيع المقاعد الوزارية على أعضاء حزبه. ويبدو للآن أن نتنياهو يتجه إلى استبعاد خصومه من الحزب، ولا سيما يسرائيل كاتس، الذي كان لفترة طويلة مقربا منه ووزيرا للمالية ولاحقا للخارجية، ونير بركات الذي يحاول نتنياهو إضعافه لمنعه من منافسته داخل "الليكود"، مقابل تحسين مواقع أمير أوحنا، المقترح تعيينه وزيرا للخارجية، والجنرال آفي غالانط، الذي يعتبر المرشح الوحيد داخل "الليكود" لتولي حقيبة الأمن.
مع ذلك، وبالرغم من تعالي الأصوات الداخلية ضد نتنياهو، إلا أنه لا ينتظر أن تواجه حكومته المقبلة عقبات عند تنصيبها، تؤثر على نيلها ثقة 61 عضو كنيست على الأقل، علما بأن الائتلاف المرتقب سيتشكل من 84 نائبا، في حال جرى تجاوز الأزمة التي يحاول حزب "ديغل هتوراة" بقيادة موشيه غافني افتعالها في الأيام الأخيرة.
وعلى الرغم من الملامح الأولية لحكومة نتنياهو، التي تظهر انزياحا أكثر لليمين، فإنه في الواقع، وفيما يخص الفلسطينيين في الداخل، أو الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن حكومة نتنياهو لن تتجاوز ما كانت ارتكبته الحكومة السابقة ميدانياً. وسيكون التغيير أكثر في الخطاب العام والمناخ السياسي لجهة إبراز البعد اليميني "الكامل"، بحسب تعبير معسكر نتنياهو وائتلافه القادم، مقابل "التراجع والاستسلام" لليسار الذي مثلته حكومة نفتالي بينت ويئير لبيد المنتهية ولايتها، وفق الدعاية الرسمية لنتنياهو ومعسكره منذ تشكيل الحكومة السابقة.
وسيكون الاعتراض الحقيقي من معارضة نتنياهو لحكومته القادمة وتشريعاتها منحصرا فعليا في القضايا الخلافية داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، ولا سيما تحديد من هو اليهودي، وتأثير الدين على مؤسسات الدولة والجيش، ومدى الحريات الشخصية.
أما ما يتعلق بقضايا النزاع الجوهرية، بدءا من مخططات تهويد الجليل والنقب، وفرض قبضة حديدية أكثر على فلسطينيي الداخل، تحت مسمى "تعزيز الحوكمة"، فهناك إجماع على ذلك من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. الوضع نفسه ينطبق فيما يتعلق بتعزيز الاستيطان اليهودي في الجليل والنقب، ومحاولة تنفيذ سياسة توزيع جديدة للسكان اليهود، ونقل نحو مليون يهودي إلى الجليل و700 ألف إلى النقب، في ظل فشل سياسات التهويد السابقة للجليل والنقب.