استمع إلى الملخص
- انتقدت شخصيات وهيئات مغربية تصريحات ماكرون، ووصفتها بأنها "مدانة وغير مقبولة"، مشيرة إلى تجاهلها لمواقف الشعب المغربي المؤيد لفلسطين وكشفها عن "النفاق الصارخ" للدولة الفرنسية.
- ندد المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بتصريحات ماكرون، معتبراً أنها تجدد القاموس الاستعماري القديم، وتتناقض مع نبض الشارع الفرنسي والرأي العام الغربي، بينما تستمر الفعاليات الشعبية في المغرب دعماً لفلسطين.
أثار نعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب" و"الهمجية" في خطابه أمام البرلمان المغربي، أمس الثلاثاء، حالة من الغضب في صفوف شخصيات وفعاليات سياسية وهيئات مناهضة للتطبيع في المغرب. وشن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (معارض) عبد الإله بنكيران، مساء اليوم الأربعاء، هجوماً حاداً على ماكرون، معتبراً موقفه الذي يدين فيه المقاومة الفلسطينية، ويدعم بالمقابل الاحتلال الإسرائيلي أنه "ظلم صارخ وإهانة غير لائقة للشعب الفلسطيني المظلوم منذ عام 1948 على الأقل".
وكان ماكرون وصف، في خطابه أمام البرلمان المغربي بمجلسيه أمس، ما وقع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بأنه "كان هجوماً بربرياً همجياً بشكل خاص نفذته حماس ضد إسرائيل وشعبها"، معتبراً أن لـ"إسرائيل الحقّ في الدفاع عن شعبها ضد مثل هذا التهديد"، قبل أن يستدرك بأن "لا شيء يبرّر هذه الحصيلة الكبيرة من القتلى في غزّة من المدنيين".
وقال بنكيران في رسالة وجهها إلى ماكرون إن وصف الفظائع التي تقترفها القوات الإسرائيلية بأنها "حقّ الدفاع عن شعبها ضد مثل هذا التهديد يمثل ظلماً صارخاً وإهانة غير لائقة للشعب الفلسطيني المظلوم، منذ عام 1948 على الأقل، ولذكرى مئات الآلاف من المدنيين من النساء والأطفال الذين تم إبادتهم أو تشويههم على يد الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، وتشجيعاً على منح رخصة للقتل لجيش الاحتلال الذي لا يتردد في الاستمرار في هذا التطهير العرقي والمجازر غير المسبوقة".
واعتبر بنكيران "ما تقوم به إسرائيل ككيان استعماري يحتل بشكل غير قانوني أرض فلسطين لا علاقة له بحق الدفاع عن النفس"، وأن "الجرائم التي ارتكبتها منذ عقود، والإبادة الجماعية المتزايدة التي تشنها على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والخطة الحالية "للقادة العسكريين" في شمال غزة منذ أسابيع، ليس لها مثيل في تاريخ الوحشيات".
وقال إن حركة حماس، مثلها مثل حركة التحرير الوطني في المغرب والقوات الفرنسية الحرّة في فرنسا وجبهة التحرير الوطني في الجزائر والعديد من حركات التحرير حول العالم، ستبقى "حركة مقاومة تمارس حقها المشروع، الذي يعترف به القانون الدولي لجميع الشعوب في الدفاع عن أنفسها ضد الاحتلال والإبادة".
وقال إن الأعمال الوحشية التي ترتكبها إسرائيل لم تبدأ فقط في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل تعود وتستمر بلا انقطاع منذ أكثر من 76 عاماً، لافتاً إلى أن فرنسا وهي "بلد إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي أسس حق المقاومة ضد الاضطهاد" و"أرض المقاومة ضد النازية، وشعب الحرية والأخوة، والبلد الصديق والقريب من المنطقة، وخاصة من لبنان"، لها مسؤولية تاريخية "في مواجهة أي تحريف للتاريخ والمسؤوليات، إزاء المآسي الإنسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بشكل منهجي ضد المدنيين من النساء والأطفال، وتجاه تدمير البنية التحتية الحيوية بشكل متعمد وبدون أي ضمير".
وانتقد مسؤول العلاقات الخارجية لجماعة العدل والإحسان، محمد حمداوي، تصريحات ماكرون ووصفها بأنها "مدانة وغير مقبولة، وغابت عنها اللياقة الدبلوماسية"، وأنها "تستهتر بمواقف الشعب المغربي المؤيد لفلسطين وللمقاومة". وكتب حمداوي، في تدوينة له على صفحته في "فيسبوك"، أنه "في الوقت الذي كان ماكرون يلقي خطابه أمام البرلمان المغربي، كان قد سقط منذ فجر ذلك اليوم 121 شهيداً في غزّة، ليتجاوز عدد ضحايا الإرهاب الصهيوني 44 ألف شهيد، بالإضافة إلى دمار هائل ومجاعة قاتلة أودت بحياة الكثيرين، خاصة من النساء والأطفال وكبار السن".
وبينما عبر المسؤول في أكبر تنظيم إسلامي في المغرب عن أسفه من أن المستمعين في مجلس البرلمان بغرفتيه لم يحركوا ساكناً تجاه تصريحات ماكرون، اعتبرت النائبة في البرلمان عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، أن الخطاب "يكشف عن النفاق الصارخ للدولة الفرنسية التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تستمر في دعم وتسليح الكيان الصهيوني الذي يمارس أبشع أنواع الإرهاب والجرائم ضد الشعب الفلسطيني".
وندّد المرصد المغربي لمناهضة التطبيع (غير حكومي) برمي الرئيس الفرنسي المقاومة الفلسطينية بـ"الارهاب" و"الهمجية" ، مؤكداً أنه (ماكرون) "جدّد التعبير عن القاموس الاستعماري القديم بتجريم حق المقاومة بوصفها بالإرهاب تماماً مثلما كانت فرنسا الاستعمارية تصف المقاومين في المغرب والجزائر وتونس وفي دول أفريقية خلال النضال والكفاح ضد الإمبريالية أواسط القرن العشرين.. حيث كانت فرنسا تُمعن في ارتكاب المجازر تلو الأخرى في كل مستعمراتها.. وهي الجرائم التي لن تسقط بالتقادم".
واعتبر المرصد أن ماكرون "يتناقض حتى مع نبض الشارع الفرنسي والرأي العام بالمجتمعات الغربية الذي خرج ويخرج ضد الكيان الصهيوني، بما يجعل الأنظمة الغربية في حالة انكشاف أمام الضمير الإنساني لقطاعات واسعة من شباب ونخب مجتمعاتها". وعبر المرصد عن رفضه "فضائحية خطاب الرئيس الفرنسي وتناقضاته الصارخة مع حقائق الأمور في فلسطين منذ 87 عاما"، مجدداً تأكيده أن "الشعب المغربي يحتقر خطاب فرنسا الرسمي ويجدد التحية لمواقف القوى الشعبية الفرنسية التي خرجت وتخرج في تظاهرات عارمة داعمة للحقّ الفلسطيني ومستنكرة العدوان الصهيوني النازي".
وتتواصل في المغرب، بشكل شبه يومي، الفعاليات الشعبية المؤيدة للشعب الفلسطيني والمنددة بعدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي. وخرج المغاربة في 5800 مظاهرة و730 مسيرة خلال عام من الحرب الإسرائيلية المستمرّة على قطاع غزة منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، في أرقام لافتة تعكس، بحسب الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية) "ملحمة تضامنية غير مسبوقة" مع الشعب الفلسطيني.