هاجم السفير الإسرائيلي للأمم المتحدة في نيويورك، جلعاد أردان، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما شن هجوما شديد اللهجة على أعضاء "لجنة التحقيق المستقلة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل"، على خلفية ما ورد في تقريرها الذي خلص إلى ارتكاب إسرائيل انتهاكات ترقى لجرائم حرب.
وقال أردان إن "مكان التقرير يجب ألا يكون ضمن تقارير الأمم المتحدة ولا شرعية له. مكانه في الزبالة"، وشكك في شرعية اللجنة واتهم أعضاءها "بعدم الحيادية ومعاداة السامية وكرههم لإسرائيل".
وأشار خلال اجتماع للجنة الثالثة، المعنية بحقوق الإنسان، التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تقديم لجنة التحقيق تقريرها أمام اللجنة الثالثة في نيويورك، إلى الاعتراض الأميركي على التقرير، كما أشار إلى تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن في هذا السياق.
من جهتها، أكدت رئيسة اللجنة نافانيثيم بيلاي في تصريحات لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، أنها طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إصدار بيان يدافع عن اللجنة وعملها وعن المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتترأس بيلاي اللجنة الحقوقية وهي جنوب أفريقية وشغلت عدداً من المناصب رفيعة المستوى في الأمم المتحدة؛ بما فيها منصبها كمفوضة سامية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة 2008 - 2014.
وقالت بيلاي إنها لم تشهد خلال عقود من عملها هجوماً شخصياً كما حدث منذ أن تولت عملها كرئيسة للجنة.
وأضافت خلال مؤتمر صحافي عقدته اللجنة بعد الاجتماع وردا على أسئلة حول استهدافها وأعضاء اللجنة من قبل إسرائيل وجماعات يمينية ودول غربية، "أن مستوى الإساءة وصل إلى درجات غير مسبوقة وهو خاطئ لدرجة لا تتيح لنا حتى أن ندافع عن أنفسنا، وخاصة أننا نجد أنفسنا أمام واقع تقوم فيه الدول بتكرار هذه التهم دون حتى أن تكلف نفسها التحري من صحتها".
وأشارت إلى سحب عدد من الجوائز التي قدمت لها في ألمانيا، بسبب افتراء إحدى الصحف اليمينية الألمانية ضدها واتهامها بمعاداة السامية.
وخلصت "لجنة التحقيق المستقلة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل" التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الأول الذي سبق تقديمه أمام مجلس حقوق الإنسان في يونيو/ حزيران، إلى أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة هو أحد الأسباب الرئيسية الكامنة وراء التوترات المتكررة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع في المنطقة".
إسرائيل تستخدم الأمن ذريعة لتبرير توسعها الاستيطاني
وقالت بيلاي: "بعد خمسة وخمسين عاما تتعامل إسرائيل مع الاحتلال على أنه أمر دائم وقد ضمت أجزاء من الضفة الغربية في مسعاها للاختباء وراء مزاعم الأمر المؤقت. هذا الوضع الدائم بما فيه الضم الملحوظ بحكم الأمر الواقع في القدس الشرقية والجولان قد أدى إلى أن تستنتج اللجنة أن احتلال إسرائيل غير مشروع، وأن بعض التدابير قد ترقى إلى جرائم دولية بما فيها جريمة الحرب، وهذا يشمل عملية النقل بشكل مباشر أو غير مباشر لجزء من أراضي المدنيين، وكذلك جرائم الترحيل والنقل القسري".
وأضافت: "لاحظنا أنه غالبا ما تستخدم إسرائيل الأمن كذريعة لتبرير توسعها. بالنسبة إلى المتطلبات القانونية الدولية، لم نتمكن من تحديد تدابير فعلية قامت بها إسرائيل لإنهاء هذا الاحتلال، بما فيه احترام حل الدولتين".
واستطردت قائلة: "نلاحظ أن بيانات المسؤولين الإسرائيليين توفر أدلة كبيرة على رغبة إسرائيل بأن يكون هذا الاحتلال دائما". وأوضحت أن اللجنة استنتجت أن الإجراءات الإسرائيلية على الأرض مثل تدمير المنازل والسجن الجماعي وعنف المستوطنين والقيود المفروضة على السكان تهدف لخلق بيئة تتيح إجراء تغيير ديمغرافي من خلال تقليص المساحة المتاحة للفلسطينيين وإجبارهم على مغادرة منازلهم وفتح المجال للمستوطنين الإسرائيليين.
وتابعت: "في العام المقبل سنحيي الذكرى الخامسة والخمسين لقرار مجلس الأمن الدولي، 242 الذي دعا إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، وعلى الرغم من ذلك ما زالت إسرائيل تحتل هذه الأراضي دون تبعات". وقالت "إن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتصرف ويجب أن ينطبق القانون الدولي على الجميع بدون تمييز، وإلا فسيتعرض ميثاق الأمم المتحدة للخطر".
التحقيق في انتهاكات حقوق فلسطينيي الداخل
ومن اللافت للانتباه أن اللجنة كذلك ستعمل وتحقق في انتهاكات حقوق الإنسان والتمييز ضد فلسطينيي الداخل، إذ قال الحقوقي وعضو لجنة التحقيق ميلون كوثاري: "لقد تطرقنا في هذا التقرير جزئيا لوضع الفلسطينيين حاملي الجنسيات الإسرائيلية، وسنتطرق للموضوع في المستقبل بشكل أوسع".
وأضاف: "قارنّا في هذا التقرير بين كيفية تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي الأراضي المحتلة.. في العقود الأولى بعد تأسيس إسرائيل (وحتى عام 1966) كان الفلسطينيون (في الداخل) تحت حكم عسكري. والكثير مما نسميه اليوم خروقات ونهجاً غير قانوني تمارسه إسرائيل في الضفة ينبع من دروس أو عبر ممارساتها داخل الخط الأخضر".
وتابع: "نشعر بقلق شديد حول وضع البدو والقرى غير المعترف بها، وسنتطرق لهذا الموضوع بشكل مفصل في المستقبل دون شك".