تعمل لجين الوزير منذ ثلاث سنوات ونصف في مشروعها لتربية المواشي الذي لم يحقق نتائج تذكر سوى في الأشهر الأخيرة، بفضل الهدنة المؤقتة في الحرب الدائرة باليمن.
وتقوم الشابة التي تخرّجت في كلية الزراعة بإطعام حيواناتها قبل حلب الماعز في المزرعة التي أقيمت على سطح منزلها بأحد المباني القديمة في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ عام 2014.
وتقول لجين: "استفدت من الهدنة. أسعار الأعلاف قلت وانخفض سعر المشتقات النفطية. ومن السهل طلب الأعلاف والأغنام من محافظات أخرى".
وتوضح أن توقّف أعمال القتال، وخاصة القصف الجوي، يعني بيئة آمنة لمشروعها الذي يعتمد على تربية المواشي وتسويقها وبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى بيع منتجات الحليب، وكذلك البيض.
وتضيف الشابة: "أتمنى أن تستمر الهدنة حتى تتوقف الحرب تماماً لنستطيع الاستمرار بمشاريعنا الصغيرة"، وتقول إنها تحلم بفتح حظيرة "على الأرض وليس على سطح المنزل".
وتدور حرب في اليمن منذ عام 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة، يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.
لكن منذ الثاني من إبريل/نيسان، سمحت الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بوقف القتال واتّخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
صعوبات مستمرة
وشمل اتفاق الهدنة التي تنتهي الأحد، السماح بتنظيم رحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي الذي كان يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016، ما مثّل بارقة أمل بعد حرب مدمرة.
ودعت عشرات المنظمات الإنسانية والدولية العاملة في اليمن أطراف النزاع إلى تمديد وتوسيع الهدنة، مشيرة إلى أنه خلال الهدنة "شهدنا انخفاضاً بنسبة 60% في عدد الضحايا".
وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والحوثيون اتهامات بخرق وقف النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل، خصوصاً ما يتعلق برفع حصار مدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات القتال بشكل كبير.
وتعز، جنوب غربي اليمن، هي إحدى أكثر المدن تأثّرا بالحرب منذ بداية النزاع في منتصف 2014. وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن الحوثيين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر.
واستحدث سكان المدينة طرقاً بديلة مع إغلاق الطرق كافة التي تربط تعز بالمحافظات المجاورة.
وتؤدي حواجز الطرق والتحويلات العديدة إلى مضاعفة تكاليف النقل أربع مرات وتعقيد إيصال المساعدات الإنسانية، وتحرم العديد من اليمنيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وفي وسط المدينة، تتكدس سيارات الدفع الرباعي في محطة وسط المدينة في انتظار المسافرين إلى منطقة الحوبان، البوابة الشرقية للمحافظة، وهي رحلة كانت تستغرق 15 دقيقة، لكنها اليوم قد تصل لثماني ساعات، بحسب ظروف الطقس والازدحام.
ويوضح باسم الصبري، وهو أحد سكان تعز: "كنت أذهب إلى الحوبان في فترة زمنية قصيرة والآن أحتاج إلى أربع أو خمس ساعات".
"واجب أخلاقي"
ويقول نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد دييغو زوريلا، إن الهدنة حسَّنت الوضع "في كثير من الجوانب، (ولكن) الحياة تبقى صعبة" للغالبية العظمى من السكان.
وأكد زوريلا: "من وجهة نظر إنسانية، فإن تجديد الهدنة في 2 أكتوبر/ تشرين الأول هو واجب أخلاقي"، مشيراً إلى أن "حل النزاع وحده سيسمح للاقتصاد بالتعافي، وسينتشل الناس من الفقر ويقلل الاحتياجات الإنسانية".
ويخوض مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ جهوداً من أجل تمديد الهدنة.
من جانبه، يرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو، أنه على المدى الطويل، فإن الهدنة "لم تقم بأي تغيير جوهري"، مشيراً إلى أنها "فشلت في بعض الجوانب"، كون "هدفها كان طموحاً للغاية لرؤية تقدم في مفاوضات السلام".
ويضيف: "من جانب الحوثيين، لا توجد رغبة جدية في التفاوض والقيام بتسوية مع الحكومة".
أما بالنسبة للجانب الحكومي، فيقول جينو إن الخلافات بين الفصائل التي تحارب الحوثيين تتسع. ويوضح "رأينا خطوط الانقسام التي كانت عميقة للغاية تتسع، وازدادت حدة التوترات وأصبحت عنيفة في العديد من الحالات".
وعلى الرغم من أن هذا الخبير في الشأن اليمني يعتقد أنه "من العبث تجديد هدنة غير مجدية"، ولا تقوم سوى "بتأخير عودة العنف المتزايد"، لكنه يضيف "لا أرى أي بديل آخر".
(فرانس برس)